حرية ـ (23/4/2025)
وقّع الرئيس دونالد ترامب خلال 100 يوم في البيت الأبيض، عدداً غير مسبوق من الأوامر التنفيذية بلغ 130 على الأقل، تعيد رسم أسس السياسة الأمريكية.
ومباشرة بعيد تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، ألغى الجمهوري 67 أمراً تنفيذياً، أصدرها سلفه الديموقراطي جو بايدن خلال ولايته.
ومنذ ذلك الحين، وقّع ترامب في مطلع ولايته الثانية، أوامر ومراسيم هدف نصفها تقريباً، إلى إلغاء برامج فدرالية، بينما منح أكثر من ربعها صفة رسمية لمواقفه في العديد من المسائل ذات الطابع الثقافي والاجتماعي، وخصص بعض الأوامر لإجراءات انتقامية بحق بعض خصومه.
محو الإرث
وأزالت أوامر تنفيذية أصدرها ترامب، معالم من إرث أسلافه، منهم رونالد ريغان الذي أطلق شعار “لنجعل أمريكا عظيمة مجدداً”، الذي اعتمده الرئيس الحالي، إذ قام بتفكيك “معهد السلام” الذي أنشئ في عهد الرئيس الراحل.
ويوم توليه المنصب، وقّع ترامب أمراً تنفيذياً علق بموجبه تمويل الوكالة الأمريكية للتنمية (USAID)، التي توسعت ميزانيتها في عهد جورج بوش الابن.
وفي 14 مارس (أذار) الماضي، وجّه بإجراء اقتطاعات كبيرة في ميزانيتي مجلس التشرد الأمريكي، الذي أنشئ في عهد ريغان كذلك، ووكالة تطوير الأعمال الخاصة بالأقليات، التي أقامها رئيس جمهوري سابق آخر هو ريتشارد نيكسون.

كما وقّع مرسوماً هدفه إلغاء وزارة التعليم ونقل صلاحياتها إلى الولايات، في إجراء معاكس لقانون إصلاح التعليم الذي أقرّ عام 2002، ضمن سياسة الرئيس السابق جورج بوش الابن، بعدم ترك أي طفل خارج المدارس، والذي شمل تعزيز الميزانية الفدرالية لهذه الوزارة.
وأمر ترامب بموجب مرسوم في 8 أبريل (نيسان) الجاري، وزيرة العدل بوقف تطبيق بعض قوانين الولايات التي تحمي البيئة، وتكافح انبعاثات غازات الدفيئة، عملاً بسياسة الإدارة الحالية المؤيدة لإزالة التنظيمات، التي تضبط استغلال المحروقات.
واستهدفت مراسيم أخرى خدمات فدرالية أمريكية، جعلتها في مرمى وكالة الكفاءة الحكومية المكلفة بخفض الإنفاق الفدرالي، والتي أوكلت مسؤوليتها لإيلون ماسك، أغنى أغنياء العالم والحليف المقرب لترامب.

حروب ثقافية
ولم يخف ترامب معارضته لقضايا التنوع والمساواة والدمج، ووقّع ما لا يقل عن 40 أمراً تنفيذياً للحد من تأثير هذه المفاهيم في الحياة الأمريكية العامة.
وفي 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، وقّع أمراً لإلغاء البرامج “المتطرفة” للتنوع والمساواة والدمج، وأصدر توصيات للوكالات الحكومية باستخدام مفردة “الجنس”، عوضاً عن “الجندر”، والتخلي تالياً عن فكرة “الهوية الجندرية”.

وفي مراحل لاحقة، صدرت أوامر تنفيذية في الاتجاه نفسه، بعضها يحول دون التحاق المتحولين جنسياً بالجيش، و”اجتثاث التمييز المناهض للمسيحية” في الحكومة الفدرالية. كما أمر ترامب بإطلاق تسمية “خليج أمريكا” على خليج المكسيك.
وفي الأول من مارس (أذار) الماضي، أمر بأن تكون الانكليزية اللغة الرسمية في الولايات المتحدة، ما يعني أن الوكالات الفدرالية لم تعد ملزمة تقديم خدماتها بلغات أخرى، مثل الإسبانية المستخدمة على نطاق واسع في البلاد.

استهداف الخصوم
ولجأ ترامب إلى سلطاته التنفيذية لاستهداف خصومه السياسيين كذلك.
ففي 20 يناير (كانون الثاني) الماضي، ألغى التصاريح الأمنية الممنوحة لعشرات المسؤولين الحكوميين السابقين، مثل أول مستشاريه للأمن القومي جون بولتون، متهماً إياهم باستخدام المعلومات الاستخبارية “سلاحاً للتلاعب بالعملية السياسية”، خلال حملة الانتخابات الرئاسية 2020.
كما استهدف مكاتب المحاماة التي تولت الدفاع عن خصومه، وسحب منها العقود الفدرالية والاطلاع على المعلومات الحساسة. ومن بين المكاتب الـ 5 التي سماها ترامب، استحصلت 4 على أوامر قضائية بتعليق تنفيذ الأوامر التنفيذية. أما المكتب الخامس فسُحِب الأمر بحقه بعد اتفاق مع إدارة الرئيس الأمريكي، اعتبره كثيرون “استسلاماً”.

كرة قدم واستحمام
وتبقى بعض الأوامر التنفيذية الأخرى عصية على التنصيف. بعضها قضى بإنشاء مجموعات عمل، مثل تلك المخصصة “للاحتفال بالعيد الـ250 للولايات المتحدة”، وأخرى بالتحضير لاستضافة كأس العالم في كرة القدم السنة المقبلة، مع كندا والمكسيك.
كما أصدر ترامب أمراً بإنشاء احتياطي استراتيجي من عملة “بتكوين” الرقمية، وسلسلة أوامر معنية بمسائل مثل تذاكر الحفلات الموسيقية، ورفع الحظر على استخدام القشات البلاستيكية، وصولاً إلى ضغط المياه في دوش الاستحمام.