حرية ـ (24/4/2025)
وجهت صحيفة “جيروزاليم بوست” الإسرائيلية انتقادات حادة للائتلاف الحاكم في تل أبيب، متهمة إياه بالتقاعس عن استكمال الهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، رغم النجاحات العسكرية التي تحققت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حين تمكنت إسرائيل للمرة الأولى من تحييد أنظمة الدفاع الجوي التي تحمي تلك المنشآت.
وأشارت الصحيفة إلى أن الحكومة الإسرائيلية بررت قرارها بالتراجع عن مواصلة الهجوم بانشغالها بالمواجهات المتصاعدة على عدة جبهات، وبالأولوية التي منحتها للتوصل إلى اتفاقات لوقف إطلاق النار، في ظل تصاعد وتيرة القتال على الحدود الشمالية والجنوبية.
ووفقًا لتقارير نُقلت عن مصادر في الإعلام العبري، “فقد تخلت إسرائيل عن قرار شن هجوم شامل، بعد أن اشتعلت مختلف الجبهات، حيث كانت نحو ثلث الأراضي الإسرائيلية تتعرض لهجمات صاروخية يومية من مليشيا حزب الله في الشمال، فيما استمرت حركة حماس في الجنوب باحتجاز قرابة 100 رهينة، نصفهم لا يزالون على قيد الحياة”.
في الوقت ذاته، واصل الحوثيون في اليمن استهداف إسرائيل بصواريخ باليستية بشكل شبه يومي، ما ساهم في تشتيت التركيز العسكري والأمني لتل أبيب، وأدى إلى تفضيل المسؤولين السياسيين والعسكريين الإسرائيليين التريث، والتركيز على تحقيق تهدئة في هذه الجبهات قبل الانخراط في مواجهة أوسع مع إيران.
وبحسب تقييم كبار المسؤولين في الجيش الإسرائيلي وجهاز الموساد، فإن فوز الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالانتخابات في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024، أعطى مؤشرًا على إمكانية حصول إسرائيل على دعم أمريكي لشن هجوم واسع على المنشآت النووية الإيرانية خلال عام 2025. وبذلك، لم يكن هناك – بحسب رأيهم – ما يستدعي التعجيل بالتصعيد العسكري مع طهران، خاصة في ظل تصاعد التوتر الإقليمي.
لكن الصحيفة الإسرائيلية أعربت عن استغرابها من التحول المفاجئ في موقف ترامب، الذي انتقل من حثّ إسرائيل على تنفيذ الضربة العسكرية في أكتوبر، إلى تبني نهج أكثر دبلوماسية في عام 2025، والدعوة للعودة إلى طاولة المفاوضات بهدف التوصل إلى اتفاق نووي جديد مع إيران.
وتأسيسًا على ذلك، اعتبرت “جيروزاليم بوست” أن إسرائيل أضاعت “فرصة تاريخية” كانت قد تحققت بعد نجاح الهجمات في أبريل وأكتوبر 2024، التي حيّدت خلالها أنظمة الدفاع الجوي الإيراني، بما في ذلك منصات “إس-300” الروسية، دون اعتراض يذكر من موسكو، وهو ما جعل المنشآت النووية الإيرانية مكشوفة أمام الضربات الجوية الإسرائيلية.
وكشف التقرير الإسرائيلي أن الهجوم الذي وقع في 26 أكتوبر/ تشرين الأول، أحدث تحولًا جوهريًا في التقييم العسكري، حيث خلصت تل أبيب إلى أن بوسعها تدمير المنشآت النووية الإيرانية في أي وقت، بعد تحييد الدفاعات الجوية التي تحميها.
كما أشار التقرير إلى أن الغارات الإسرائيلية ألحقت أضرارًا جسيمة بقدرات إيران على إنتاج الصواريخ الباليستية، إذ تراجعت طاقتها من 14 صاروخًا جديدًا أسبوعيًا إلى صاروخ واحد فقط، مع فترة تقديرية للتعافي تتراوح بين عام وعامين.
ورغم انتقاد الصحيفة لقرار الامتناع عن تنفيذ الضربة الحاسمة، إلا أن بعض كبار المسؤولين الإسرائيليين دافعوا عن الموقف، مشيرين إلى أن التوصل إلى وقف إطلاق نار مع حزب الله وحماس والحوثيين كان يمثل أولوية استراتيجية لا تقل أهمية عن الهجوم على إيران.
وختم التقرير بالإشارة إلى أن إسرائيل، وفقًا لمصادرها، نجحت عبر وسائل سرية في منع إيران من حيازة أسلحة نووية لعقود، ولا تزال تملك القدرة على ذلك.