حرية ـ (27/4/2025)
بندر الدوشي
بعد مرور 100 يوم على تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منصبه في ولايته الثانية عام 2025، أثبتت إدارته التزامًا راسخًا بتنفيذ وعود حملته الانتخابية، بصرف النظر عن التكاليف والعواقب، محققةً إنجازات داخلية وخارجية عززت مكانة الولايات المتحدة كدولة قوية ومزدهرة.
وربما ركز العديد من المراقبين على سياسته الخارجية وفرض الرسوم الجمركية التي أثارت اضطرابًا غير مسبوق في الأسواق العالمية، ما أثر على صورة أمريكا وربما على رئاسة ترامب دوليًا.
لكن من وجهة نظري، تمكن ترامب، بفضل نهجه الجريء واعتماده على الأوامر التنفيذية والسياسات الحاسمة رغم النكسات القضائية، من إعادة تشكيل المشهد السياسي والاقتصادي، محققًا نتائج ملموسة تجسد شعار “أمريكا أولاً”، الشعار الذي أوصله إلى البيت الأبيض وأنقذ مسيرته السياسية.
وعلى صعيد الإنجازات الداخلية، التي توليها إدارة ترامب اهتمامًا خاصًا، كان أبرزها استعادة الأمن والازدهار. وبالنسبة لما تحقق يمكن القول بأنه قد تم تأمين الحدود ومكافحة الهجرة غير الشرعية، حيث كانت استعادة السيادة على الحدود الجنوبية الأمريكية أولوية قصوى في الانتخابات. وفي غضون 100 يوم، شهدت الحدود الجنوبية انخفاضًا غير مسبوق في أعداد المهاجرين بنسبة تتراوح بين 94% و96%. كما تم إغلاق تطبيق CBP One الذي سمح بدخول أكثر من مليون مهاجر خلال الإدارة السابقة، وتم اعتقال المئات من المهاجرين غير الشرعيين، بمن فيهم أفراد عصابات إجرامية ومشتبه بهم في قضايا إرهابية، مما عزز الأمن الداخلي والقومي الأمريكي. وأرسلت الأوامر التنفيذية التي أصدرها ترامب لتسريع الترحيل ومعاقبة المسؤولين الأجانب المتورطين في الهجرة غير القانونية رسالة واضحة وهي أن أمريكا لن تتهاون في حماية حدودها.
وعلى الصعيد الاقتصادي، نجحت إدارة ترامب في جذب استثمارات ضخمة وغير مسبوقة خلال 100 يوم، على سبيل المثال لا الحصر ، فقد نجحت في تأمين 500 مليار دولار من القطاع الخاص لمشروع البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، و100 مليار دولار من شركة TSMC التايوانية المتخصصة في تصنيع الرقائق الإلكترونية، و500 مليار دولار من شركة آبل لخلق 20,000 وظيفة. هذه الاستثمارات ستعزز مكانة أمريكا كمركز للابتكار والصناعة. كما ألغى ترامب اللوائح ومعايير إدارة بايدن المكلفة على الأجهزة المنزلية، مما وفر ملايين الدولارات للأسر الأمريكية. وأنشأ إدارة كفاءة الحكومة (DOGE) بقيادة إيلون ماسك، التي حققت نجاحات وتخفيضات تجاوزت عشرات المليارات، ما يعكس التزام الإدارة بتقليص الإنفاق الحكومي غير الضروري والحفاظ على أموال دافعي الضرائب. وفي قطاع الطاقة، أصدر ترامب أوامر تنفيذية لتوسيع التنقيب عن النفط والغاز، بما في ذلك فتح المناطق البحرية وألاسكا. كما تم إعلان حالة طوارئ وطنية للطاقة لتعزيز الإنتاج المحلي وخفض تكاليف الوقود وتحقيق الاستقلال في مجال الطاقة.
وألغى ترامب أيضًا تفويض السيارات الكهربائية الذي أصدره بايدن ضد شركات صناعة السيارات، ما أعاد الخيار للمستهلكين الأمريكيين وحمى صناعة الوقود الأحفوري التي توفر ملايين الوظائف.
بالإضافة إلى ذلك، أثبت ترامب التزامه بالقيم التقليدية المحافظة من خلال منع الرياضيين المتحولين جنسيًا من المشاركة في الرياضات النسائية، ووقف الرعاية الطبية للمتحولين جنسيًا دون سن 19 عامًا. كما أنهى برامج التنوع والإنصاف والشمول (DEI) في الوكالات الفيدرالية، وأعاد التركيز على الكفاءة بدلًا من الأيديولوجيات التي تزيد الانقسام. وأعلن اللغة الإنجليزية لغة رسمية لتعزيز الوحدة الوطنية، وألغى سرية ملفات اغتيال جون كينيدي وكشفها للجمهور، ما يعكس التزامه بالشفافية.
ومع توقيع أكثر من 89 أمرًا تنفيذيًا في 50 يومًا، أعاد ترامب هيكلة الوكالات الفيدرالية لتكون أكثر كفاءة.
وفي إنجازاته الخارجية، فرض ترامب تعريفات بنسبة 25% على الصلب والألمنيوم و10% إضافية على الواردات الصينية، وضاعفها لتتجاوز 100%، تنفيذًا لوعده الانتخابي بحماية الصناعات المحلية والحد من تهريب الفنتانيل.
ولإيجاد حلول، فتح ترامب باب التفاوض المؤقت مع المكسيك وكندا لتجنب التعريفات، وأظهر مرونة دبلوماسية مع الصين ومعظم الدول مع الحفاظ على مصالح أمريكا. ونجح في إطلاق سراح رهائن أمريكيين محتجزين في فنزويلا وأفغانستان وروسيا وبيلاروسيا وغزة، مؤكدًا التزامه بحماية المواطنين الأمريكيين.
وانسحب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ، وأعاد التركيز على المصالح الاقتصادية الأمريكية، وتجنب القيود التي تعرقل الصناعة. وأعاد تصنيف جماعة الحوثيين كمنظمة إرهابية، وأظهر موقفًا حازمًا ضد التهديدات المدعومة من إيران، وشن عمليات عسكرية واسعة النطاق ضدهم ومازالت مستمرة حتى اليوم.
وأطلق ترامب محادثات مع قادة أوروبا وأوكرانيا وروسيا للتوصل إلى حل لوقف إطلاق النار، وإيقاف أخطر حرب بعد الحرب العالمية الثانية. وبدأت المحادثات التاريخية في المملكة العربية السعودية، وهي مستمرة وقد تفضي إلى اتفاق في أي لحظة.
وليس غريبا أن هذه الإنجازات الهامة غالبًا ما تغيب عن التغطية الإعلامية التقليدية في الولايات المتحدة، والتي يميل معظمها نحو المعسكر الديمقراطي. ويأتي هذا التجاهل في وقت يعاني فيه الديمقراطيون من تراجع في شعبيتهم وتدهور في نتائج استطلاعات الرأي، ما يثير تساؤلات حول الدور الموضوعي الذي يفترض أن تلعبه وسائل الإعلام في نقل الحقائق للجمهور بعد نتائج انتخابات نوفمبر المذهلة.
في 100 يوم فقط، أثبتت إدارة ترامب قدرتها على تحقيق نتائج ملموسة في ملفات مثل تأمين الحدود واستعادة الأمن الداخلي وخفض التضخم وإنعاش الاقتصاد وحماية القيم الأمريكية وفرض أمريكا كقوة تقود العالم، وهو نهج تعهد ترامب بتطبيقه لخدمة مصالح الشعب الأمريكي، وفي ظني أن هذه هي الملفات التي تهم الأمريكيين وهي من التي تصنع نتائج الانتخابات. ومن وجهة نظري، إدارة ترامب ليست مجرد إدارة تقليدية، بل حركة لاستعادة عظمة أمريكا. ورغم التحديات القانونية وتغطية وسائل الإعلام المتحيزة، يمكننا توقع المزيد من النجاحات، خصوصًا الاقتصادية والسياسية، التي ستعزز مكانة الولايات المتحدة كأمة قوية ومزدهرة.