حرية ـ (6/5/2025)
أمام متجره المتواضع في وسط دمشق يعرض باسل الساطي جوارب بألوان وأشكال مختلفة يحمل عدد منها صوراً كاريكاتيرية للرئيس المخلوع بشار الأسد الذي بات ذكر اسمه واستعادة عباراته مادة للسخرية والتندر.
على الجوارب البيضاء المعلقة بصورة واضحة للزبائن، ترافق الرسوم عبارات ساخرة، مثل كلمة “ندوسهم” قرب صورة لبشار الأسد، في إشارة إلى سحق معارضيه خلال النزاع الذي اندلع عام 2011.
ويحمل بعضها صورة والده الرئيس السابق حافظ الأسد مزنرة بتعليق “هكذا تنظر الأسود”. أما صورة شقيقه ماهر، فمعها عبارة “ملك الكبتاغون”، في إشارة إلى تحكمه من خلال الفرقة الرابعة التي قادها بتجارة المادة المخدرة التي حولت سوريا خلال الأعوام الماضية إلى “دولة مخدرات”، وفق توصيف حكومات غربية ومنظمات غير حكومية.
ويقول الساطي (31 سنة) لوكالة الصحافة الفرنسية في شارع الحمرا “يقبل المغتربون الوافدون من خارج سوريا على شراء هذه الجوارب، للاحتفاظ بها والسخرية من عائلة الأسد” التي حكمت سوريا بقبضة من حديد لأكثر من خمسة عقود.
وتتصدر واجهة المحل المخصص لبيع الهدايا، لوحات ملونة، بعضها مرتبط بالثورة السورية وأخرى تحمل اقتباسات لشعراء وكتاب معروفين. في الداخل تتوزع على الرفوف أوشحة وجوارب وهدايا مختلفة.
السخرية كانت ممنوعة حتى في الخيال
على أرض المحل، وضع الساطي صوراً للأسد، ويدعو زبائنه إلى الدوس عليها، ويقول “إنه احتفال من نوع آخر (مخصص) لجميع السوريين الذين لم يتمكنوا من الاحتفال في ساحة الأمويين عقب سقوط النظام”.
وعمت الاحتفالات ساحة الأمويين أياماً بعد إطاحة الأسد، وتجمع سوريون من مناطق عدة رافعين علم الاستقلال ذي النجوم الثلاث الذي اتخذته المعارضة رمزاً لها منذ 2011، وأمسى العلم الرسمي للبلاد بموجب الإعلان الدستوري الموقت بعد سقوط حكم الأسد.
بعد وصولها إلى دمشق، إثر غياب استمر 10 أعوام في ألمانيا هرباً من الملاحقة الأمنية، توجهت عفاف سبانو (40 سنة) إلى سوق الحريقة في دمشق القديمة بحثاً عن “جوارب الأسد”، تلبية لطلبات العشرات من أصدقائها.
وتقول سبانو لوكالة الصحافة الفرنسية “لم أجد أفضل من هذه الهدية لأصدقائي الذين لم يتمكنوا من المجيء إلى سوريا والاحتفال بسقوط النظام”، وتضيف بينما تعلو ابتسامة على وجهها “اشتريت أكثر من 10 قطع لأصدقائي، بعدما شاركت صورة على حسابي على ’إنستغرام‘… لم نكن نجرؤ على السخرية منه، حتى في خيالنا”.
عبارات ساخرة
بعد أيام من إطاحة الحكم السابق، لمعت فكرة طباعة صور الأسد بصورة كاريكاتيرية ساخرة في مخيلة زياد زعويط، كـ”وسيلة انتقام” من الرئيس المخلوع الذي فر مع أفراد من أسرته ومقربين منه إلى موسكو.
وبدأ زعويط (29 سنة) بالفعل إنتاج قطع سرعان ما لاقت رواجاً كبيراً في السوق، فضاعف الكميات، ويقول “الناس يكرهونه، وقد انتقمت منه بهذه الطريقة”.
بعدما أنتج 1000 زوج يومياً خلال الأسبوع الأول من طرحها في الأسواق، اضطر إلى مضاعفة الكمية ثلاث مرات في الأسابيع اللاحقة، لا سيما أن ثمن الدزينة لا يتجاوز ثلاثة دولارات، بسعر الجملة، ويباع الزوج الواحد بنحو دولار في السوق.

الجوارب لاقت رواجاً كبيراً في السوق
وبلغ إنتاجه أكثر من 200 ألف زوج خلال ثلاثة أشهر فقط، وتحولت صور الجوارب إلى “محتوى غني” على مواقع التواصل الاجتماعي والبرامج التلفزيونية الساخرة.
ولم يقتصر الأمر على صور الرئيس المخلوع، بل تعداه إلى عبارات صرح بها الأسد، أبرزها في معرض رده على إبداء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أشد خصومه، استعداده مراراً للقائه قبل أكثر من عام على إطاحته.
قال الأسد في مقابلة تلفزيونية في أغسطس (آب) 2023، “لماذا نلتقي أنا وأردوغان؟ لكي نشرب المرطبات مثلاً؟”.
ومنذ إطاحته تحولت هذه العبارة إلى مادة تندر على مواقع التواصل الاجتماعي، وطبعت على ملصقات علقتها محال مخصصة لبيع العصائر على واجهاتها.