حرية ـ (22/5/2025)
هاشم علي حامد محمد
طوى الاتفاق الذي وقعته إثيوبيا مع الصومال تحت إشراف الرئيس التركي رجب طيب أوردغان، والذي أطلق عليه اسم “إعلان انقرة” خلال ديسمبر (كانون الأول) 2024، مرحلة من المشادات التي ظلت تعصف بعلاقات البلدين في الآونة الأخيرة. وعلى رغم أن صفة التوتر تظل السائدة في علاقات الدولتين المتنافستين (إثيوبيا والصومال) فإن مذكرة التفاهم التي وقعتها أديس أبابا مع “جمهورية أرض الصومال” أو “صوماليلاند” (إقليم يقع في شمال غربي الصومال ويسعى إلى الاستقلال عن الصومال) خلال الأول من يناير (كانون الثاني) 2024 شكلت بعداً عدائياً جديداً بين إثيوبيا والصومال، نظراً إلى ما ترى الصومال أنه تعدٍ على سيادتها في إقليم صوماليلاند الذي لا تعترف بانفصاله، متهمة إثيوبيا بنيات سلبية حيال سيادة الصومال ومكتسباته القومية.
إثارة اطراف إقليمية
كانت مذكرة التفاهم الإثيوبية مع صوماليلاند تضمنت منح إثيوبيا الوصول العسكري والتجاري إلى ميناء بربرة في خليج عدن، واستئجار شريط ساحلي بطول 20 كيلومتراً لمدة 50 عاماً، يسمح لإثيوبيا ببناء قاعدة بحرية وتطوير ميناء تجاري على خليج عدن الاستراتيجي، في مقابل اعترافها باستقلال أرض الصومال. وشمل الاتفاق بين إثيوبيا وأرض الصومال عدداً من بنود التعاون، إضافة إلى تعاون عسكري على مستوى عالٍ مع أديس أبابا.
الخطوة الإثيوبية أثارت حفيظة أطراف إقليمية في مقدمها مصر التي رفضت الاتفاق، وأكدت الخارجية المصرية “ضرورة الاحترام الكامل لوحدة وسيادة جمهورية الصومال الفيدرالية على كامل أراضيها”.
وأدى تطور الأحداث والدور التركي في المصالحة الإثيوبية-الصومالية إلى نشوء حلف ثلاثي مواجه لإثيوبيا ضم مصر والصومال وإريتريا، أعلن عنه في العاصمة الإريترية أسمرة خلال ديسمبر 2024، واعتبر أنه يحمل دلالات استراتيجية عميقة مرتبطة بعملية إعادة تشكيل التوازنات داخل منطقة القرن الأفريقي، وبمثابة رد على ما قيل إنها “استفزازات إثيوبية”.
وتمخضت الوساطة التركية عن إصدار بيان مشترك من الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد خلال الـ11 من يناير 2025 أعلنا فيه حل خلافاتهما في شأن مذكرة التفاهم مع “جمهورية أرض الصومال” الانفصالية (صوماليلاند)، مع إبراز الاحتياج الإثيوبي إلى الموانئ والإطلال على البحر. وتقدم اتفاق الطرفين عودة العلاقات وإجراء ترتيبات فنية، والعمل الوثيق من أجل الوصول إلى نتائج تتعلق بالإجراءات التجارية ذات المنفعة المتبادلة من خلال الاتفاقات الثنائية، بما في ذلك العقود والإيجارات والأدوات المماثلة، التي ستمكن إثيوبيا من التمتع بوصول آمن وسليم ومستدام إلى البحر، في ظل السيادة الصومالية.
وكان موقع “ستراتفور” الأميركي أشار ضمن تقرير له خلال ديسمبر 2024 إلى أن دخول إثيوبيا والصومال في محادثات فنية من أجل حل الخلاقات بينهما عبر الوساطة التركية، وتقنين الوصول البحري لإثيوبيا، من شأنه تقليل احتمالات وقوع اشتباكات عسكرية بينهما خلال الأمد القريب. وأن قدرة تركيا على التموضع كوسيط رئيس في النزاع من شأنه أن يعزز نفوذها داخل منطقة القرن الأفريقي. وأوضح الموقع “أن الاتفاق أكد احترام البلدين لسلامة أراضيهما، مع الاعتراف “بالفوائد المتنوعة المحتملة لوصول إثيوبيا إلى البحر”.
تنافس متعدد
وإلى جانب نفوذها الذي ترجم بالنجاح الدبلوماسي في المصالحة الإثيوبية-الصومالية، أبرمت تركيا مذكرة تفاهم كرَّست شراكة القوات المسلحة التركية في أمن الصومال البحري وإنفاذ القانون داخل الصومال على مدى الأعوام الـ10 المقبلة. ونالت تركيا امتيازاً آخر كشريك في عمليات التنقيب عن النفط في الصومال. وتعد قاعدة معسكر “تركسوم” التركية داخل العاصمة الصومالية مقديشو أكبر قاعدة عسكرية تركية في الخارج، سبق افتتاحها خلال الـ30 من سبتمبر (أيلول) 2017.
ويأتي النفوذ التركي امتداداً لعلاقات أنقرة الحديثة مع الصومال، التي بدأت منذ عام 2010 بأبعاد إنسانية أكثر شمولاً.
وفي مقابل النفوذ التركي تمثل اتفاق الشراكة الاستراتيجية بين مصر والصومال حشداً جديداً للقوى، ضمن تحالف إقليمي مناهض للأهداف الإثيوبية داخل المنطقة.
متغيرات
ومن بين المؤشرات إلى احتمال توسع الصراع الدولي داخل منطقة القرن الأفريقي مقابل الشواطئ الصومالية، نجد تهديدات الحوثيين للملاحة الدولية في البحر الأحمر. ويقول “مركز مقديشو للأبحاث والدراسات” في دراسة له (أبريل ’نيسان‘ 2025) إنه “مع تنامي التحديات الأمنية داخل الممرات البحرية الحيوية، تجد واشنطن نفسها أمام ضرورة تعزيز وجودها العسكري والاستخباراتي في القرن الأفريقي، إذ يشكل الصومال نقطة ارتكاز رئيسة لأية جهود تهدف إلى حماية المصالح الأميركية وحلفائها في المنطقة”، وتضيف الدراسة أن “الأهمية الجيوستراتيجية للصومال أنه ممر رئيس يطل على المحيط الهندي وقربه من مضيق باب المندب، إلى جانب كونه ساحة نشاط للجماعات الإرهابية وعلى رأسها حركة الشباب التي تمثل تهديداً للاستقرار الإقليمي، وللمصالح الغربية. كما أن تصاعد التوترات في البحر الأحمر بفعل الهجمات الحوثية، واستهدافها للسفن التجارية والسفن الحربية، يزيد من أهمية تأمين قواعد عسكرية ومناطق نفوذ في الدول المجاورة، مما يجعل الصومال شريكاً استراتيجياً لواشنطن في مواجهة هذه التهديدات”.
من ناحية ثانية، أشار موقع “لي ديبلومات” الإيطالي إلى أن “تغييراً دبلوماسياً هادئاً لكن ذي دلالة كبيرة على وشك الحدوث في واشنطن”، مضيفاً أنه “على مدى عقود عدة دافعت الولايات المتحدة عن مبدأ صومال موحد، منكرة فعلياً أي اعتراف دولي بـ’أرض الصومال‘ منذ إعلان استقلالها من جانب واحد عام 1991”. وأضاف “ومع ذلك، فإن التوازنات الجيوسياسية المتغيرة داخل القرن الأفريقي تدفع الآن الإدارة الأميركية إلى إعادة النظر في هذه العقيدة الراسخة”.
قاعدة أميركية في بربرة؟
من جهتها، نقلت صحيفة “الصومال الجديد” خلال مارس (آذار) الماضي أن “إجراء الولايات المتحدة و’أرض الصومال‘ مناقشات حول اتفاق محتمل، قد تسمح لواشنطن بالاعتراف بـ’أرض الصومال‘ مقابل قاعدة عسكرية أميركية داخل مدينة بربرة الساحلية الاستراتيجية”. ونقلت عن “فايننشال تايمز” أن “مسؤولاً أميركياً كبيراً، طلب عدم الكشف عن هويته، قال إن إدارة ترمب بدأت مفاوضات مع قيادة ’أرض الصومال‘ في شأن الاعتراف الرسمي. ومع ذلك، لا تزال المحادثات حساسة للغاية وتتمحور حول اهتمام واشنطن بتأمين وجود عسكري طويل الأمد في بربرة، وهو ميناء عميق المياه على خليج عدن أصبح محوراً للتنافس الجيوسياسي في القرن الأفريقي”.
ولفتت الصحيفة الصومالية إلى “تزايد قلق الولايات المتحدة حيال النفوذ الصيني المتنامي في المنطقة، لا سيما بعدما حصلت بكين على قاعدة عسكرية في جيبوتي المجاورة، وقد يتضمن المقترح اعتراف الولايات المتحدة رسمياً باستقلال أرض الصومال مقابل حقوق إقامة قواعد عسكرية حصرية في بربرة”.
وكمؤشر ذي دلالة على التدافع الغربي، وقع مكتب الإحصاءات الوطني البريطاني خلال مايو (أيار) الحالي مع وزارة “التخطيط والتنمية الوطنية” في “أرض الصومال”، مذكرة تفاهم نحو تعزيز البنية التحتية الإحصائية في الإقليم الانفصالي. ووفق وسائل إعلام أفريقية، “تركز الاتفاق على التعاون في مجال تطوير الإحصاءات وحوكمة البيانات وبناء القدرات، وحدد التزاماً مشتركاً بتحسين إنتاج البيانات وجمعها وتحليلها ونشرها، مع تعزيز تبادل المعرفة والدعم الفني”.
وقال متحدث باسم الوزارة “تمثل هذه الشراكة إنجازاً مهماً في رحلتنا لبناء بيئة سياسات حديثة قائمة على الأدلة”. وأضاف “من خلال العمل مع مكتب الإحصاءات الوطنية داخل المملكة المتحدة، نأمل في تطوير نظام إحصائي مرن يلبي الحاجات المحلية والمعايير العالمية”.
من كثب
وترافقاً مع ما تناقلته وسائل إعلام عالمية عن عرض جديد من الصومال على الولايات المتحدة “لامتياز تشغيل حصري لموانئ استراتيجية في خليج عدن، كمحاولة لإفشال أي اعتراف من واشنطن بأقاليم انفصالية في الدولة”، أشار مركز مقديشو للأبحاث والدراسات إلى أن “الحكومة الفيدرالية الصومالية تعد ’أرض الصومال‘ جزءاً من أراضيها، وترفض بشدة أي اعتراف أميركي بالمنطقة الانفصالية. ويجادل المسؤولون في مقديشو بأن مثل هذه الخطوة من شأنها أن تنتهك وحدة أراضي الصومال وتقوض العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة”.
من جهتها، ترقب إثيوبيا الأوضاع الإقليمية المستجدة داخل القرن الأفريقي من كثب إثر اتزان علاقاتها مع الصومال ضمن اتفاقاتهما المبرمة، والضرورة الاستراتيجية التي لا تسقطها تجاه سعيها إلى المنفذ البحري. وتقول “استراتيجية الماءين” التي تتبناها أديس أبابا وتمثل عقيدتها المائية، إن “إثيوبيا كانت دولة مطلة على البحر الأحمر ومشاطئة له ومشاركة، وحتى اليوم هي دولة مهمة وحاسمة تقع قرب هذا البحر. وهي كذلك دولة رئيسة ومهمة لمنطقة حوض النيل تسهم فيه بالنصيب الأكبر من المياه، ومن هنا لا يمكن تصور إثيوبيا خارج إطار سياسة البحر الأحمر ومياه حوض النيل”. وتضيف الدراسة أن “إثيوبيا كونها دولة قديمة ولها تاريخ طويل ليس لديها ميناء ومنفذ بحري دائم اليوم، وكان لديها منفذ بحري لوقت محدد في التاريخ إلا أنه بعد التغيير الحكومي عام 1991 واستقلال إريتريا تعرضت إثيوبيا لفقدان منفذها البحري. صحيح أنه عندما استقلت إريتريا عن إثيوبيا كان هناك اتفاق على الإبقاء على ’ميناء عصب‘ حراً لإثيوبيا، وانتهت هذه الفرصة مع نشوب الحرب بين إثيوبيا وإريتريا، وعبر كل هذه المسيرة التاريخية كانت تُبذل محاولات عسكرية ودبلوماسية للحصول على منفذ بحري، ولكن ذلك لم يتحقق حتى الآن بصورة مضمونة. كما أن فقدان منفذ بحري ألحق بإثيوبيا ضرراً كبيراً وما زال”.
وتابعت دراسة استراتيجية الماءين الإثيوبية أنه “نظراً إلى أهمية المنفذ البحري الذي له فوائد جمة ومتعددة لبلادنا يجب إثارة الموضوع مراراً وتكراراً للبحث عن خيارات، وبذل قصارى الجهود لتحقيق مصالحنا الوطنية. هناك أسباب يمكن اعتبارها فرصة سانحة لإثارة هذا الموضوع والبحث عن كل الطرق والوسائل خلال هذا التوقيت”.
دبلوماسية الموانئ
الأستاذة الجامعية المتخصصة في الشأن الأفريقي نجلاء مرعي تقول إن “رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد تبنى مقاربة إقليمية جديدة تقوم على ما يمكن أن نسميه ’دبلوماسية الموانئ‘ للخروج من مأزق الدولة الحبيسة، بالعمل على تبني خطة طموحة لإعادة بناء الأسطول البحري لدعم القوة الإثيوبية داخل البحر الأحمر وخليج عدن في مواجهة القوة البحرية المصرية. وفي هذا السياق أقامت أديس أبابا شراكات سياسية واقتصادية مع مختلف دول القرن الأفريقي وفقاً لمبدأ ’تصفير المشكلات‘ مع جيرانها، وذلك لتأسيس حقبة جديدة تصبح فيها هي مركز الثقل الإقليمي، وتفرض مفاهيمها المتعلقة باستقرار منطقة القرن الأفريقي وأمنها”. وتضيف مرعي أنه “في هذا الإطار، جاء اتفاق إثيوبيا مع ’أرض الصومال‘ خلال الأول من يناير 2024، الذي كانت إثيوبيا ستحصل بموجبه على حق الانتفاع بشريط ساحلي بطول 20 كيلومتراً يصلها بميناء بربرة على ساحل البحر الأحمر لمدة 50 عاماً، لتتمركز به القوات البحرية الإثيوبية مقابل اعترافها الرسمي باستقلال ’أرض الصومال‘. وتبدو أديس أبابا أكثر ثقة بقدرتها على المضي في فرض الأمر الواقع، إذ توفر السياقات الراهنة ظروفاً ملائمة لتحقيق الحلم الإثيوبي المتمثل في تجاوز المعضلة الجغرافية وإحياء أسطولها البحري وتعزيز نفوذها على المستويين الإقليمي والقاري. فبقدر مخاوفها من تصاعد التوترات الجيوسياسية واندلاع صراع جديد داخل القرن الأفريقي، لا تبدو القوى العظمى وبعض الدول الإقليمية الفاعلة ممانعة لفكرة منح إثيوبيا دوراً في الأمن البحري الإقليمي”.
وزادت المتخصصة في الشأن الأفريقي “لذا أكد الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رفضه التدخل في شؤون الصومال أو المساس بوحدة أراضيه، إذ إن الاعتراف بدولة ’أرض الصومال‘ مقابل الحصول على ميناء بحري غير مسبوق، ويمثل تهديداً مباشراً لأمن منطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر، التي تشهد اضطرابات متصاعدة على وقع التوتر الناتج من استهداف ميليشيات الحوثي السفن التجارية والعسكرية منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تزامناً مع اندلاع الحرب الإسرائيلية في غزة”.
وتتابع نجلاء مرعي أن “التحركات ذات الطابع الاستراتيجي داخل القرن الأفريقي أدت إلى تدخل جيبوتي، التي قدمت مقترحاً لإثيوبيا بإعطائها منشآت وميناء وقاعدة عسكرية على أراضيها، مما أدخل إريتريا على خط النار في الأزمة، فهدد جيبوتي بالعمل ضد الوجود الإثيوبي بالبحر الأحمر. ومن جانب آخر، تواصلت مصر مع إريتريا على المستويين الدبلوماسي والاستخباراتي لبحث التحركات الإثيوبية في المنطقة وتعزيز المصالح المشتركة”.
وتوضح المتحدثة ذاتها “في تقديري أن حرب الموانئ تعزز الهواجس، إذ إن مصر وإريتريا يجمعهما التوجس من سلوك إثيوبيا داخل الإقليم. وإثيوبيا أثناء احتلالها لإريتريا كانت تعتمد في الوصول إلى البحر الأحمر على ميناءي ’عصب‘ و’مصوع‘، وبعد استقلال إريتريا خلال الـ29 من مايو 1991 استمر الحال لبعض الوقت، لكن الحرب التي اندلعت حول منطقة أبادمي أنهت استخدام إثيوبيا للميناءين. و’عصب‘ و’مصوع‘ هما أقرب إلى إثيوبيا من ميناء بربرة في إقليم ’أرض الصومال‘، لكنها بديل مناسب للميناءين الإريتريين. ويفقد ميناء بربرة إريتريا أوراقاً مهمة في مستقبل علاقتها بإثيوبيا، ويفقدها مداخيل مهمة لاقتصادها، فضلاً عن أنه قد يهدد الأمن الإريتري إذا استخدم لأغراض عسكرية في حال تجددت الحرب بين البلدين”.
وفي ما يتعلق بالتطورات والمتغيرات الراهنة توضح مرعي أنه “سبق وقدمت مصر والسودان في عهد رئيس الوزراء الإثيوبي السابق هايلي ديسالين استراتيجيات تعاونية تتجاوز سد النهضة باستراتيجيات شاملة تعني دول حوض النيل الأزرق على المستوى المائي والغذائي والطاقوي، وعرضا عليها أن يكون لها منفذ على البحر الأحمر وغيرها من الحزم التحفيزية، لكن ذلك واجه معارضة من إثيوبيا”.
الصراع على النفوذ
أما عن أهمية إقليم “أرض الصومال” فيقول الباحث في الشأن الأفريقي مدير مكتب اتصال إقليم أروميا الإثيوبي موسى شيخو إن “جمهورية أرض الصومال” أو “إقليم صوماليلاند” أصبح من بين أهم المناطق في الصراع على النفوذ بين أقطاب العالم والقوى الدولية، نظراً إلى أهمية الموقع واستراتيجيته كممر عالمي. كما أن منطقة القرن الأفريقي ككل ذات أهمية جيوسياسية سواء لدول المنطقة أو الدول الكبرى، وتأتي أهمية موانئ سواحل ما يعرف بصوماليلاند في ذروة المناطق الجيوسياسية التي يتصارع العالم عليها”. ويضيف شيخو أن “إثيوبيا وبحكم قربها من هذا الإقليم ومحاذاتها الحدودية له، وكون أن إثيوبيا كانت دولة ساحلية لأكثر من قرن، وكل تراثها وعاداتها تقريباً مرتبطة ارتباطاً أزلياً بالبحر أو السواحل، وذلك بغض النظر عن السياسات التي اتبعتها الحكومات المتعاقبة على الحكم في أديس أبابا وآخرها حكومة جبهة تحرير تيغراي، التي حكمت إثيوبيا وأدى نهجها السياسي إلى فقدان إثيوبيا للساحل”.
ويتابع شيخو “ما نسمعه من دول في المنطقة وأيضاً من دول الجوار ليست إلا هواجس حيال ما تشهده إثيوبيا من نهضة وتغيير في نهجها السياسي والاقتصادي وموضوع سد النهضة وهيمنة الشأن الإثيوبي على أجندة الدول المرتبطة مباشرة بسد النهضة والتي تريد أن تضغط على إثيوبيا من كل الاتجاهات، سياسياً واقتصادياً وجغرافياً، فالجلبة السياسية ضد إثيوبيا وراءها مصر وإريتريا أيضاً وهما يتوجسان من تحول الطلب الإثيوبي إلى صراع، لكن إثيوبيا أوضحت أكثر من مرة سلميتها عبر اتفاقات بروتوكولية موقعة بين الدول. وهذا ما فعلته مع ’صوماليلاند‘، إذ هناك مقابل للحصول على هذا المنفذ البحري. ويبقى النهج الإثيوبي قائماً في اتباع الطرق السلمية والدبلوماسية للوصول إلى المنفذ البحري”.
ويختم المسؤول الإثيوبي “خلاصة القول إن مصر تصر على أن تعمل للحيلولة دون وصول إثيوبيا إلى المنفذ البحري بسبب الخلافات القائمة في موضوع سد النهضة، وموضوع ’صوماليلاند‘. ولم يكن هناك اعتراض على وصول إثيوبيا إلى المنفذ البحري، وحتى السياسيين في مقديشو أثاروا مسألة السيادة ووحدة الدولة الصومالية ولم يقولوا إنهم يعترضون على وصول إثيوبيا إلى المنفذ البحري. إن كينيا والصومال و’أرض الصومال”، وجيبوتي التي تستخدم إثيوبيا ميناءها الآن، وإريتريا أيضاً، مقتنعة تماماً بحق وصول إثيوبيا إلى منفذ بحري، ولكن الخلاف يدور حول طريقة الوصول. وفي المقابل، ترفض القيادة في مصر جملة وتفصيلاً حصول إثيوبيا على المنفذ البحري سواء كان منفذاً أو قاعدة عسكرية على البحر الأحمر، بينما ترى إثيوبيا ذلك حقاً طبيعياً”.