حرية ـ (22/5/2025)
تتزايد المخاوف من أن الفشل الدبلوماسي للملف النووي الإيراني قد يمهّد الطريق لضربة عسكرية مفاجئة، قد تبدأ إسرائيل بتنفيذها، خاصة إذا شعرت أن كلفة عدم التحرك تفوق كلفة الحرب.
ورغم أن السيناريو العسكري لا يزال مستبعداً من قبل بعض الخبراء الإيرانيين، لكن تعثر المفاوضات النووية وزيادة حدة التصريحات بين إيران والولايات المتحدة، إلى جانب الخطاب التصعيدي الإسرائيلي، يعد مؤشراً على وجود نية لدى تل أبيب لتنفيذ هجومها الذي طالما لوحت به بين حين وآخر.
مهاجمة إيران ليست مفاجئة
وقال الخبير السياسي الإيراني المختص بالشؤون الأمريكية، أمير علي أبو الفتح، إن التقارير الإعلامية التي تتحدث منذ سنوات عن استعداد إسرائيل لمهاجمة إيران “ليست مفاجئة”.
وأضاف، لـ”إرم نيوز”، قائلا: “إذا لم تقدم إسرائيل على ذلك، سيكون الأمر مستغرباً”. معتبراً أن التقليل من احتمال شن هجوم إسرائيلي “كان بحد ذاته غريباً”.
وأوضح بأنه “منذ سنوات والإعلام يتحدث عن استعداد إسرائيل لمهاجمة إيران، والحقيقة أن العجيب سيكون أن لا تُقدم إسرائيل على هذه الخطوة خصوصاً إذا وجدت ذريعة لها وهي فشل المفاوضات النووية بين طهران وواشنطن”.
كلفة الحرب تحسم القرار
بدوره، شدد الخبير في العلاقات الدولية فؤاد إيزدي على أن الربط المباشر بين فشل المفاوضات واندلاع الحرب “تبسيط مخل”، موضحاً أن العامل الحاسم ليس الاتفاق أو عدمه، بل إدراك الطرف المقابل – خاصة أمريكا وإسرائيل – لارتفاع كلفة الحرب على إيران.
وقال، لـ”إرم نيوز”، إنه “إذا شعر الطرف الأمريكي بأن كلفة الهجوم منخفضة، فقد يقدم عليه حتى في ظل وجود اتفاق، والعكس صحيح”، مبيناً أن المفاوضات والهجوم هما مساران منفصلان، وقال: “إذا اعتقدت الولايات المتحدة أن الهجوم على إيران ليس مكلفاً، فقد تقدم عليه حتى لو تم التوصل إلى اتفاق، والعكس صحيح”.
وأضاف: “المفتاح هو إدراك الطرف الآخر لتكلفة الحرب. الهجوم يحصل فقط إذا شعر أن الكلفة منخفضة”.
واتهم إيزدي بعض الوسائل الإعلامية التي تدور في فلك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بمحاولة “إرهاب” الرأي العام الإيراني عبر ترويج سيناريو “إما الاتفاق أو الحرب”، مؤكداً أن هذا الطرح لا يعكس الواقع السياسي والعسكري بدقة، مضيفا: “قد لا تذعن إيران، ومع ذلك لا تقع الحرب، أو بالعكس”.
التفاوض ضرورة وليس خياراً
الخبير والدبلوماسي السابق نصرت الله تاجيك، قلّل من احتمال نشوب حرب، مؤكداً أن المصلحة المشتركة لكل من طهران وواشنطن ما تزال في التوصل إلى اتفاق.
وقال، لـ”إرم نيوز”، إن “التهديدات المتكررة، سواء من إسرائيل أو أمريكا، هدفها الضغط على إيران وليس بالضرورة تنفيذها”، لكنه حذر في الوقت نفسه من أن “الإصرار الأمريكي على مطلب التخصيب الصفري قد يُفشل المفاوضات”.
ورأى تاجيك أن واشنطن تمارس “حرباً نفسية” عبر المبالغة في التهديدات، بالتوازي مع ضغوط دبلوماسية واقتصادية من أوروبا، مضيفاً: “القبول الإيراني بالتفاوض لم يكن نابعاً من الاعتراف بشرعية واشنطن، بل بسبب الحاجة الاقتصادية وتحسين الظروف المعيشية”.
ورغم تصاعد التوترات، يؤكد تاجيك أن “لا أحد يريد حربا شاملة، لا أمريكا، ولا حلفاءها في الخليج”، مشيراً إلى أن المشاريع الاستثمارية الكبرى بين واشنطن والدول العربية تتطلب استقراراً، لا تصعيداً.
إسرائيل تستعد لضرب إيران
وبحسب تقرير لموقع “أكسيوس”، نقلا عن مصدرين مطلعين، يستعد الجيش الإسرائيلي لتنفيذ هجوم على المنشآت النووية الإيرانية، تحسباً لفشل المفاوضات بين طهران وواشنطن، بحيث يكون مستعداً لتنفيذ العملية بسرعة.
ووفقا للتقرير، فإن تقييمات أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بشأن نتيجة المفاوضات قد تغيرت خلال الأيام القليلة الماضية، فبعد أن كانت هذه الأجهزة تعتقد أن المفاوضات الجارية ستفضي إلى اتفاق، باتت ترى أن الفشل والانهيار هو الاحتمال الأرجح.
وبحسب أحد المصادر، فإن الجيش الإسرائيلي يعتقد أن “النافذة الزمنية” لتنفيذ هجوم ناجح قد تُغلق قريبا؛ ولذلك ينبغي لإسرائيل أن تتحرك بسرعة في حال فشل المفاوضات. إلا أن هذا المصدر لم يُوضح ما إذا كان تنفيذ الهجوم في وقت متأخر سيؤدي إلى فقدان فعاليته.
وكانت شبكة “سي إن إن” قد أفادت، يوم الثلاثاء، نقلًا عن مسؤولين أمريكيين، بأن الولايات المتحدة تملك معلومات تشير إلى أن إسرائيل تقوم باتخاذ خطوات للتحضير لهجوم على المنشآت النووية الإيرانية، وأن الجيش الإسرائيلي أجرى تدريبات بهدف الاستعداد لهذه العملية.
وأكد المصدران في تقرير “أكسيوس” هذه المعلومات، وقال أحدهما: “أُجريت تدريبات كثيرة، والجيش الأمريكي يرى كل شيء ويدرك أن إسرائيل تستعد فعلياً”.
ونقل التقرير عن مسؤول إسرائيلي قوله: “بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، ينتظر انهيار المفاوضات النووية، ويترقب اللحظة التي يفقد فيها دونالد ترامب، رئيس الولايات المتحدة، الأمل في المفاوضات ويمنحه الضوء الأخضر”.