حرية – (22/3/2023)
ظهرت المصاعد في البدء على شكل منصة تسحب أو يتم دفعها باستخدام وسيلة ميكانيكية، يرجح أن تكون بداياتها على شكل حبل بسيط أو سلسلة رافعة. وكانت تعمل آليات دفع المصعد في فترة ما من الماضي بواسطة مكابس هيدروليكية لضغط البخار والماء أو باليد، أما مصعد العصر الحديث فيتكون من كابينة أو مقصورة مثبتة على منصة داخل مساحة مغلقة تسمى العمود المحرك أو بئر المصعد.
ويعرف المصعد كآلية لنقل الأشخاص أو البضائع عمودياً بين الطوابق المتفاوتة الارتفاعات، بحيث يتم تشغيلها عادة بواسطة محركات كهربائية، تدفع كابلات الجر وأنظمة الوزن المعادل (الوزن الذي يعطي التوازن لنظام ميكانيكي ما) مثل آلات الرفع.
رافعة أحمال
اتخذ المصعد في العصور الأولى لظهوره أشكالاً وتسميات عدة. ويرجع بعض المؤرخين بداياته إلى العصور الرومانية، مؤكدين أنه ليس اختراعاً حديثاً كما يعتقد بعضهم، وقد استخدمت مصاعد العصور القديمة والوسطى أنظمة دفع تعتمد على الرافعات، إذ أسهم ظهور المصعد بصورته الأولى بقوة في المجالات العملية في عصر ما قبل الصناعة. وذكر المهندس المعماري الروماني “فيتروفيوس”، أن أرخميدس بنى أول مصعد له حوالى عام 236 قبل الميلاد، وكان النموذج عبارة عن رافعة أحمال، وهذا الكلام سيبدو منطقياً إذا ما علمنا أن الفضل يعود لهذا المخترع اليوناني في تصميم عديد من الآلات المبتكرة، بخاصة تلك المستندة على المحركات والمضخات والروافع والدافعات التي تحمل اسمه إلى يومنا هذا.
أشكال عدة
ووصف كتاب “الأسرار في نتائج الأفكار” لعلي بن خلف المرادي في إسبانيا الإسلامية عام 1000، استخدام جهاز رفع يشبه المصعد. وفي القرن الـ17، تم تركيب نماذج أولية للمصاعد في مباني القصور في إنجلترا وفرنسا. وفي عام 1743، كان لدى لويس الـ15 ما يسمى بـ”الكرسي الطائر”.
وفي عام 1823، بنى المخترع الإنجليزي “توماس هورنور” أول مصعد أطلق عليه “الغرفة الصاعدة”، ثم قام مهندسان معماريان إنجليزيان بتطوير مصعد يعمل بالبخار عام 1835، وكان يستخدم لنقل البضائع بكميات كبيرة في المناجم والمصانع. وظل هذا النظام الأساسي هو المبدأ المعتمد لأكثر من 50 عاماً، ثم تبع ذلك المصاعد الهيدروليكية والكهربائية، وفي النهاية جاء ظهوره الأول بالشكل الحالي كحل لمشكلة الوصول إلى الطوابق المرتفعة.
البعد النفسي
وتزود كبائن المصاعد اليوم بمرآة كبيرة تحتل واحداً على الأقل من جوانبها، يبدو للوهلة الأولى أنها وضعت لغاية التأكد من هيئتنا الخارجية وتعديلها، وبعضهم يحاول اليوم استغلال وجودها لالتقاط صورة صباحية توثق مظهره بداية اليوم مستثمراً شكل الإضاءة الداعم، إذ تكون الإضاءة في الداخل بسيطة وناعمة تجعل الوجه يبدو خالياً من العيوب وطبيعياً. لكن هناك سبباً علمياً يفسر تزويد المصاعد بالمرآة، إذ عمل مبتكروها على الأخذ في الاعتبار بعض الإضرابات المتعلقة برهاب الأماكن المغلقة أو نوبات الهلع أو التوجس من الأشياء المتحركة، وحتى أولئك الذين يعانون الدوار المفاجئ. وفكرة وجود الشخص داخل صندوق مغلق ومتحرك يولد إحساساً بالتوتر والانزعاج، لذا كان من المهم محاولة تزويد الناس بوسيلة تسهم في تقليل الإحساس بالوقت أولاً والأمان ثانياً، إذ تعطي للراكب إحساساً بالسيطرة الجزئية والتحكم في أي موقف يمكن أن يتعرض له كما لو أنها شاشة مراقبة، حيث إن معظم حركات الركاب الآخرين ستكون على مرأى نظره، والأهم أيضاً أنها تسهل الحركة والتموضع داخل المقصورة. كما أن المرايا تعمل في الفكر التصميمي على خلق الإحساس بالاتساع والراحة، إذ للمرآة دور أساسي في جعل فكرة المصعد أكثر قبولاً على الصعيد النفسي.
انسجام العناصر
وربما أول ما يتبادر إلى الأذهان عند التفكير في المصاعد، هي صورة المصاعد في الأفلام المصرية القديمة تلك المسورة بدرابزين من الحديد المشغول ذات الطابع المميز. وكان سبب وجودها في ذلك الوقت هو تحقيق الوحدة والانسجام بين العناصر المعمارية في التصميم ذاته لكي يتطابق مع باب المدخل، إذ كان المصعد يتخذ تصاميم مختلفة لكي يتطابق مع طراز المبنى، حيث كانت تصاميم الأبنية على طراز الآرت ديكو والباروك وغيرها من الأساليب المعمارية الشائعة في ذلك الوقت.
كان المصعد يتخذ تصاميم مختلفة لكي يتطابق مع طراز المبنى
رهاب المصاعد
ويعد رهاب ركوب المصاعد منتشراً جداً في ثقافات وأوساط عدة، وهو يبدو مبرراً إذا ما تفهمنا كم الأفكار التي يولدها تصميمه. فالرهاب هنا يبدو كما لو أنه مركب ومعقد بعض الشيء، فعلمياً يصنف جذور الخوف من ركوب المصعد في ما يسمى “رهاب الهواء” أو التعلق بالهواء، ومن هذه الناحية يعد الخوف من ركوب المصعد غير منطقي لأن جدران المصاعد بأغلبيها ليست زجاجية وغير شفافة. لكن الخوف هنا لا يقتصر على فوبيا الوجود في مكان مغلق (كلوستروفوبيا) ومعلق وما يرافقه من أعراض، بل يتوسع ليشمل هاجس انقطاع الكهرباء أو سقوط المصعد أو امتناع الباب عن الفتح أو التعرض للسرقة أو الاعتداء وغيرها.
أما وقت الزلازل فالامتناع عن استخدامها أمر أساسي ومطلوب لأنها تعد غير آمنة، نظراً إلى الخطر الذي يمكن أن تشكله على الأرواح مع وجود احتمال انفصال المقصورة واصطدامها بشكل عنيف أو حتى تعطلها أو انقطاع الكهرباء، مما يتسبب في بقاء الركاب عالقين داخل المصعد.
وينصح في حال حدوث هزة أثناء الوجود في المصعد بالضغط على أزرار التوقف في جميع الطوابق والنزول مباشرة بمجرد توقفه، أما أنظمة المصاعد الحديثة فمزودة بجهاز استشعار للزلازل يوقف المصعد على الفور في الطابق الأقرب للخروج.