حرية – (25/3/2023)
في تصعيد يعد الأقوى بين القوات الأميركية من جهة، والفصائل الموالية لطهران من جهة أخرى مسرحه البادية السورية، شهدت المنطقة تبادلاً للقصف في أعقاب مقتل متعاقد أميركي وجرح عدد من الجنود الأميركيين، وكذلك مصرع 19 عنصراً من الفصائل الموالية لإيران التي كثفت فجر اليوم السبت قصفها بدعم من جيش النظام السوري، وفق المعلومات الأولية، بحيث سقط أكثر من 20 صاروخاً على مواقع تابعة لقواعد أميركية في حقول النفط منها العمر والتنف وكونيكو للغاز، وردّت القوات الأميركية باستهداف مواقع تابعة لهذه الفصائل في مدينة دير الزور.
وأفادت مصادر ميدانية في ريف دير الزور بارتفاع حدة التصعيد، وأعلنت قوات النظام السوري حال تأهب وعززت مواقعها العسكرية “تحسباً لأي عمل عسكري بعد الضربات الصاروخية التي استهدفت مواقع عدة للجيش الأميركي المتمركز في حقول النفط والغاز إضافة إلى ضربات طاولت مطار الشدادي”.
جدوى الوجود الأميركي؟
في هذا الوقت، اعتبر الباحث في شؤون السياسة الخارجية مضر إبراهيم أن ما يحدث “يأتي في موازاة ارتفاع أصوات في الداخل الأميركي تتساءل عن جدوى هذا الوجود العسكري، لا سيما بعد تصويت الكونغرس بأكثر من 100 نائب من الحزبين الديمقراطي والجمهوري على رفض سحب هذه القوات، واستهداف هذه القواعد بعد التصويت ليس كما قبله لناحية انعدام دورها على أكثر من صعيد”، ورأى أن “خروج واشنطن من سوريا أو توقع حدوث أي تغير بالمشهد الميداني مرهون بأمرين أساسيين، أولهما تغيير مفاجئ لأجندة السياسة الخارجية الأميركية في ظل ما تتكبده القوات الأميركية من خسائر من دون استثمار مناسب، والأمر الثاني استمرار الاستهداف المباشر لهذه القواعد، مما يستنزف الأصوات الداعمة لهذا الوجود أميركياً”.
هزيمة “داعش”
وحضرت القوات الأميركية إلى سوريا في إطار تحالف دولي لمحاربة تنظيم “داعش” منذ عام 2015، وقاتلت إلى جانب القوات الكردية في الرقة وغيرها من المناطق في شمال شرقي البلاد، وبعد إلحاق هزيمة بالتنظيم الإرهابي في منتصف مارس (آذار) عام 2019، علت الأصوات في الداخل الأميركي تتساءل عن جدوى بقاء هذه القوات في 28 قاعدة وموقعاً عسكرياً، مما دفع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب إلى سحب جزء كبير من هذه القوات والإبقاء على حوالى 900 جندي.
وسط هذه الأجواء، جزم المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية “البنتاغون” بات رايدر بأن قوات بلاده المنتشرة في سوريا تنفذ مهماتها في دعم التحالف الدولي لهزيمة “داعش، موضحاً “لا نهتم بأي نزاع مع إيران والولايات المتحدة على ثقة من أن المسيّرة التي هاجمت قواتنا في سوريا إيرانية”.
في المقابل، ذكر بيان صادر عن المركز الاستشاري الإيراني في سوريا أن الهجوم الأميركي من قاعدة “التنف” أمس الجمعة طاول أهدافاً مدنية متوعداً بالرد.
وفي حين تتهم دمشق الجيش الأميركي بتسهيل “سرقة النفط” عبر عشرات الصهاريج التي تخرج من هذه الحقول النفطية، تقول واشنطن إن الفصائل الموالية لطهران تعمل على نقل معدات وأجهزة عالية الدقة براً عبر قوافل شاحنات نقل البضائع.
الميليشيات الإيرانية
وفي الجديد الميداني، تعرضت مساكن قاعدة حقل العمر النفطي، ومنها قاعة اجتماعات قوات التحالف الدولي في ريف دير الزور الشرقي للقصف بثلاث قذائف صاروخية مصدرها مناطق سيطرة الميليشيات الإيرانية في مدينة الميادين، مما ألحق اضراراً مادية بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الغارات الجوية الأميركية أودت بحياة ثلاثة من قوات النظام السوري و11 عنصراً سورياً من الجماعات المتحالفة مع النظام وخمسة مسلحين غير سوريين موالين لدمشق، من دون أن يتمكن من تحديد هويات الأجانب.
في المقابل، قال مسؤولون أميركيون إن جندياً أميركياً آخر أصيب بجروح أمس الجمعة، وارتفع بذلك عدد الجنود الأميركيين الذين أصيبوا في الهجمات التي تعرضت لها قواعدهم في سوريا إلى ستة إضافة إلى مقتل متعاقد أميركي.
ويرى مراقبون أن التفاهمات الأخيرة على المستوى الإقليمي ربما تعجل من الاشتباك الأميركي – الإيراني.
واللافت، خلال الأيام الأخيرة، الاهتمام الأميركي بالشرق السوري، وتأتي في هذا السياق الزيارة المفاجئة لرئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة الجنرال مارك ميلي، في الرابع من مارس.
“الولايات المتحدة لا تسعى إلى صراع مع إيران”
وسط هذه الأجواء، أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن في أوتاوا أن “الولايات المتحدة لا تسعى إلى صراع مع إيران”، وقال خلال مؤتمر صحافي مشترك مع رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو “لا تخطئنّ الظن، الولايات المتحدة لا تسعى إلى صراع مع إيران، لكنها مستعدة للعمل بقوة لحماية شعبها”.