حرية – (29/3/2023)
تساؤلات حول جدوى انضمام العراق إلى اتفاقية الأمم المتحدة للمياه، خاصة وانها لا تتضمن اي آليات ملزمة للدول غير الأعضاء.
وأصبح العراق الذي يعاني أزمة جفاف وشحا في المياه نتيجة تقليص دول الجوار حصّته من المياه، أول دولة في الشرق الأوسط تنضم إلى اتفاقية حماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية (اتفاقية الأمم المتحدة للمياه)، حسب ما أعلنت وزارة الموارد المائية.
وأودع العراق طلب انضمامه للاتفاقية خلال مشاركته في أعمال مؤتمر نيويورك للمياه الذي نضمته المنظمة الدولية بين 22 و24 مارس الحالي، وبذلك يكون العراق العضو الـ 49 في الاتفاقية.
ويأمل العراق أن تساهم عضويته بالاتفاقية في حلّ جزء من مشكلاته المائية على الصعيدين الوطني والإقليمي، وذلك رغم أن الاتفاقية لا تتضمن آليات ملزمة للدول غير الأعضاء.
ما هي الاتفاقية؟
اتفاقية حماية واستخدام المجاري المائية العابرة للحدود والبحيرات الدولية، وتعرف أيضاً باسم “هلسنكي”، هي اتفاقية بدأت في العام 1992، بين الدول الأوروبية لضمان التوزيع العادل لمياه البحيرات والأنهار العابرة للحدود، والعمل على ترشيد استخدام الموارد المائية على الصعيد الوطني وحمايتها من التلوث، وفرض عقوبات على الدول التي تقوم بتلويث الموارد المائية في السياق الوطني أو الإقليمي.
وفي العام 2013، جرى تعديل الاتفاقية لتصبح اتفاقية دولية وفتح الباب أمام الدول للانضمام إليها.
ماذا يستفيد العراق؟
ينظر خبير المياه العراقي، تحسين الموسوي، بعين التفاؤل للنتائج المتوقعة لانضمام العراق للاتفاقية، ويؤكد: “رغم أن الانضمام جاء متأخراً إلا أن الفوائد المنتظرة كبيرة جداً”.
أولى تلك الفوائد تتمثل في إلزام العراق على إصلاح بيته الداخلي، كما يبين الموسوي.
ويوضح: “تفرض الاتفاقية على الدول الأعضاء إصلاح المنظومة الداخلية قبل المطالبة بالحقوق الخارجية، المطلوب من العراق اليوم حل مشكلات المياه المتراكمة من خلال الاستفادة من الخبرات التي ستتاح له كعضو في الاتفاقية، ووضع سياسات مائية تلائم التقدم العلمي في هذا المجال”.
ويستعرض الموسوي عدداً من المشكلات التي تواجه ملّف المياه في العراق على الصعيد الداخلي، ومن تلك المشكلات، مواصلة العراق استخدام أنظمة الزراعة الكلاسيكية التي تستهلك نحو 75 في المئة من مياه البلاد دون الحصول على منتوج زراعي حقيقي، في وقت بدأت غالبية دول العالم اعتماد أنظمة الزراعة الحديثة تساهم في ترشيد استهلاك المياه مثل الرّي بالتنقيط، وغيرها. يشرح الموسوي.
التجاوزات الواقعة على المياه
ويتابع: “الاتفاقية ستلزم العراق بالعمل على الحد من التجاوزات الواقعة على المياه، ومنع عمليات التلوث التي تتعرض لها بشكل متكرر، ورفع مستوى الثقافة المائية بين المواطنين لأغراض ترشيد الاستهلاك وحماية مصادر المياه”.
أما على صعيد المشكلات الإقليمية والمتمثلة بتقليل كل من تركيا وإيران حصّة العراق المائية، يذهب الموسوي إلى إمكانية تحقيق بعض النتائج الإيجابية من خلال الضغوط التي يمكن أن يمارسها المجتمع الدولي على تركيا وإيران لضمان التوزيع العادل للمياه.
بالمقابل يقلل خبير المياه الدولي، عبد الرزاق عليوي، من إمكانية أن يؤدي انضمام العراق للاتفاقية إلى تحسين حصّته المائية من الأنهار المشتركة مع تركيا وإيران.
يقول العلوي إن “أقسى ما يمكن أن تنتجه عضوية العراق في الاتفاقية ضغوط سياسية على دول الجوار التي تنبع منها الأنهار، لكنها ضغوط غير ملزمة بسبب عدم توقيع تلك الدول على الاتفاقية”.
ويعاني العراق موجة جفاف هي الأسوأ منذ 40 سنة، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة، وهي الموجة الناتجة عن الانخفاض القياسي في هطول الأمطار، انخفضت تدفقات المياه من نهري الفرات ودجلة، التي توفر ما يصل إلى 98 في المئة من المياه السطحية في العراق.