حرية – (30/3/2023)
في الوقت الذي تتجه فيه أجهزة الشرطة حول العالم لاستخدام أحدث التقنيات التكنولوجية، تعمل الشرطة في ولاية أوديشا بشرق الهند جاهدة للحفاظ على وسيلة أقدم حتى من البطاقات البريدية والبرقيات، وهي الحمام الزاجل، وفق ما ذكره تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، 28 مارس/آذار 2023.
تستخدم الشرطة هذا الحمام في أوديشا لنقل الرسائل بين الأقسام في المناطق النائية، والتواصل مع وحدات الشرطة أثناء تنقلها، وأثبتت أيضاً أنها الوسيلة الوحيدة الفعالة للتراسل أثناء الفيضانات المدمرة، التي وقعت عام 1982، والإعصار الضخم الذي وقع عام 1999، وتسبب في دمار واسع النطاق في الولاية الساحلية.
بدء استخدام الحمام الزاجل في الهند
يقول المدربون إن هذا الحمام الزاجل ساعد في إنقاذ أرواح كثيرة، ويعمل أنيل ضهير، من الصندوق الوطني الهندي للفنون والتراث الثقافي (Intach)، مع الشرطة لإدارة هذه الخدمة، التي بدأت عام 1946.
فلم يكن في المنطقة وصلات لاسلكية أو هاتفية، لذلك منح الجيش الولاية 200 حمامة زاجلة بلجيكية لتجربتها في الاتصالات.
يزعم ضهير أن أوديشا بها “خدمة الحمام الزاجل الوحيدة في العالم، وهي مثال فريد على تقليد عتيق ظل حياً في العصر الحديث”.
يضيف: “استخدم أول رئيس وزراء للهند، جواهر لال نهرو، هذه الخدمة لإرسال رسالة إلى مسؤولي الدولة في كوتاك من سامبالبور، جنوب أوديشا، في 13 أبريل/نيسان عام 1948. وهذه الرسالة القصيرة كان نصها: “اللقاء العام لا يُفترض أن يفصل المتحدث عن الجمهور في كوتاك”.
يقول ضهير إن الحمام البلجيكي يمتاز بقدرته على الطيران لمسافات طويلة (تصل إلى 24 كم)، في 15 أو 25 دقيقة فقط، وطول عمره، فهو يعيش حتى 20 عاماً.
كما أضاف: “في الوقت الحالي يوجد حوالي 155 حمامة من هذا النوع في رعاية الشرطة، لدينا صندوقان في كوتاك، وواحد في كلية تدريب الشرطة في أنغول، وسط أوديشا”.
تدريب الحمام الزاجل
يعتني ثلاثة ضباط بالحمام الزاجل، الذي يُدرّب على تقديم ثلاثة أنواع من الخدمات: ثابتة (اتجاه واحد)، وبمرنغ (اتجاهان) ومتحركة (تستخدمه وحدات الشرطة أثناء تنقلها للتواصل مع مقر القيادة). والرسائل تُكتب على ورق البصل، وتوضع في كبسولة بلاستيكية تُثبت في أرجل الحمام.
رغم أن تسجيل استخدام الحمام في المراسلات كان في مصر عام 3000 قبل الميلاد تقريباً، يُعتقد أنه استُخدم لأول مرة في الهند في عصر المغول خلال القرن الـ16.
فيما ظهرت فائدة هذا الحمام خلال الحرب، فكان ينقل الرسائل السرية بين الشبكات العسكرية، واستُخدم على نطاق واسع خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، حين كان ينقل الرسائل في أوروبا والهند وبورما (ميانمار الآن).
بينما تنفق حكومة الولاية حوالي 6000 دولار سنوياً على رعاية الحمام ورواتب مدربيها. يقول أحد مدربي الحمام في الشرطة: “يبدأ تدريب الحمام حين يصل عمره خمسة أو ستة أسابيع، ويمكنه التحليق على نحو متواصل لمسافة تصل إلى حوالي 805 كم، بسرعة تصل إلى 55 كم/ساعة، حسب الطقس”.
أضاف: “يُسمح لها بالطيران لمسافات صغيرة تتراوح بين 3 و5 كيلومترات في البداية. وندربها على التعرف على المنطقة وأداء أنواع مختلفة من الخدمات. وفور انتهاء تدريبها، تحتفظ بدقتها في حفظ خريطة الطريق لعقود. وهذا الحمام غاية في الذكاء، ويتعرف على صوت مدربه، ولذلك يسهل التعامل معه، يمكنني تمييز كل حمامة على حدة وهو كذلك يتعرف علينا من أصواتنا”.
وسيلة عتيقة “يجب التخلص منها”
لكن يُنظر إلى هذا الحمام الزاجل الآن على أنه وسيلة عتيقة ومكلفة. ويقتصر استخدام هذا الحمام على المظاهر الاحتفالية مثل مسيرات عيد الاستقلال.
يقول مدرب الشرطة، الذي لم يرغب في الكشف عن اسمه: “يعتبر العديد من المسؤولين الحكوميين “برنامج الحمام الزاجل pigeongram” إهداراً للموارد، وهم يدرسون وقف هذه الخدمة، ولكن في كل مرة يبدون رغبتهم في ذلك، يواجهون غضباً شعبياً”.
يقول ضهير إنه يُعدّ لعرض احتفالي لـ60 حمامة، ينظمه الصندوق الوطني الهندي للفنون وشرطة أوديشا من بوبانيشوار إلى كوتاك.
كما أضاف: “سيحضره الجمهور والطلاب الذين ستُتاح لهم مشاهدة هذا العرض الساحر. بذلنا جهداً كبيراً، لكن هدفنا الصادق والحقيقي هو الحفاظ على هذا التقليد حياً لأطول فترة ممكنة، هدفنا الأساسي الحفاظ على الثقافة”.