حرية – (5/4/2023)
في المنتصف من شهر رمضان من كل عام، يحتفي الأطفال في العديد من الدول الخليجية والعربية بمناسبة “القرقيعان” أو “القرنقعوه”، وهي اليوم الذي تم تطويره كتشجيع ومكافأة لهم لصيام نصف رمضان، وتحفيزاً لهم لاستكمال صيام الباقي من الشهر.
حيث توافق ليلة “القرنقعوه” أو “القرقيعان” منتصف شهر رمضان من كل عام، وتعتبر المشاركة في هذه الفعالية التراثية عادة مهمة تناقلتها الأجيال منذ عقود طويلة، ويقوم فيها الأطفال بشكل أساسي بارتداء الملابس التقليدية والتجول على المنازل بعد الإفطار مع أكياس قماشية ملونة لجمع الحلوى والهدايا.
وبسبب قيمته التاريخية، تحرص مختلف مؤسسات الدول الخليجية على المشاركة بالاحتفال، فتنظم الفعاليات والحفلات لإحياء الموروث الشعبي، وللتعريف بالعادات والتقاليد الرمضانية الأصيلة لشعوب منطقة الخليج.
“القرنقعوه” أو “القرقيعان”.. تقليد موروث منذ القدم
وتشير صحيفة الشرق القطرية في تقرير عن عادات القرنقعوه، أن الأطفال فيه يطوفون منازل الأحياء وهم يغنون أهازيج خاصة باليوم التقليدي، كما يرددون بعض الأدعية لأهالي البيوت والمساكن المجاورة.
حيث يقفون عادة في حوش منازل الجيران، ويقومون بتمجيد صاحب البيت أملاً في نيل الحلوى، مرددين: “قرنقعوه قرقاعوه.. عطونا الله يعطيكم.. بيت مكة يوديكم.. يا مكة يا المعمورة.. يا أم السلاسل والذهب يا نورة”.
يعود سبب تسمية الاحتفال بهذا الاسم نسبة إلى عبارة “قرة العين في هذا الشهر”، ويقال إنه بمرور الزمان تحورت الكلمة وأصبحت “القرنقعوه”، كذلك يُقال إن الكلمة تطورت نسبة لقرع الأطفال للأبواب في هذا اليوم.
استعدادات خاصة لليلة القرنقعوه أو القرقيعان
وعادة ما تستعد الأسر الخليجية قُبيل ليلة النصف من رمضان، وعلى مدى أيام 13 و14 و15 من رمضان، بتحضير سلال كبيرة تكون ممتلئة بالمكسرات والحلوى بأنواعها، وبعض الهدايا الخاصة بالأطفال الذين تتراوح أعمارهم من 5 إلى 12 عاماً تقريباً.
وباختلاف الدول تختلف الأهازيج والمسميات لهذه المناسبة الخاصة، فيتم تسمية هذه المناسبة في قطر مثلاً بـ”القرنقعوه”، وفي البحرين “القرقاعون”، ويطلق عليها أهل سلطنة عمان “القرنقشوه”، وتسمى في الكويت والجانب الشرقي من السعودية “القرقيعان”، أما في دولة الإمارات، فتُسمّى “حق الليلة”. كما تسمى في بعض المناطق بأسماء أخرى مثل: القرنقشوه، القرقاعون، الناصفة، حل وعاد، الكريكشون، ليلة المولد، ليلة الطلبة، ليلة النافلة وغيرها.
حيث يخرج الأطفال في ليلة “القرنقعوه” أو “القرقيعان” مرتدين الملابس التقليدية الخليجية، حيث يرتدي الأولاد الثياب البيضاء الجديدة و”القحفية”، وهي طاقية مطرزة بخيوط فضية، كما يرتدي بعض الأولاد “السديري” المطرز التقليدي، وهو رداء شعبي يوضع على الثوب، ويتدلى حتى الخصر.
أما الفتيات فيرتدين فوق ملابسهن العادية “الثوب الزري” المزخرف بالألوان، والمطرز بالخيوط الذهبية، ويضعن أيضاً “البخنق” لتغطية رؤوسهن، وهو قماش أسود تزينه خيوط ذهبية في الأطراف، إلى جانب وضع بعض الحلي التقليدية الذهبية المزينة بالأحجار الملونة.
وتكون الأكياس والحقائب التي يحملها الأطفال عادة في هذه الليلة أشبه بـ”المخلاة”، أو الخرج، وهو الكيس الذي يعلق في العنق ويتدلى منه، ويُصنع عادة من القماش، وفي بعض المناطق من الجلد.
اختلافات ما بين الماضي والحاضر
وعن الحلويات التي كانت تقدم في الماضي للأطفال الجوالين في يوم القرقيعان، يقول المؤرخ السعودي علي الدرورة، رئيس منتدى النورس الثقافي الدولي: “أغلب الحلويات التي كانت تقدم للأطفال اختفت الآن، منها النقل (النقال)، البرميت، النخي، القناطي، حلاوة أبو الدهن، حلاوة أبو العسل، حلاوة بهلوان، حلاوة أبو الرهش، البيدان (البيدام)، حب شمسي، حب يح (بطيخ أحمر)، سلوق، بيض الصعو ويسمّى أيضاً بيض الحمام”، مضيفاً: “اختلف الوضع الآن لما تقدمه البيوت للضيوف الصغار وهم يجوبون الأحياء والحلويات التي تقدم لهم تصنع في دول عديدة، وهي مغلفة في علب زاهية يتفاخر بها الصغار حين الحصول عليها، وهناك الكثير من البيوت يغلّفون عدة أنواع من الحلويات والبسكويت والشوكولاته والعصائر، ويشعر الأطفال بسعادة غامرة تعتبر في نظرهم هدايا ثمينة”، بحسب تصريحاته لصحيفة The Independent العربية.
كذلك فقد دخل على القرنقعوه بشكله التقليدي بعض التغييرات الحديثة في تفاصيل الاحتفال به؛ فأصبحت هناك أشكال جديدة ومراسم حديثة للقرنقعوه أو القرقيعان خلافاً لشكله القديم، فضلاً عن الهدايا والحلويات الفاخرة غير التقليدية. حتى باتت تُباع في المتاجر صناديق فاخرة تحمل باقات من الحلويات المتنوعة المُعدة بشكل مسبق وبأسعار باهظة، لكي يتبادلها الأصدقاء والأهل كهدايا بهذه المناسبة.