حرية – (10/4/2023)
أظهرت بيانات صادرة عن المكتب البلجيكي للإحصاء “ستاتبيل”، أن ما يناهز 36 في المئة من بين 5 ملايين أسرة بلجيكية تضم شخصا واحدا فقط، أي بزيادة تقارب 20 في المئة مقارنة مع الأرقام المسجلة منذ 3 عقود.
وكشفت الإحصاءات، أن عيش الأفراد بشكل منفرد أضحى من أكثر أنواع الأسر شيوعا في أكثر من 90 بالمائة من المدن والبلدات البلجيكية.
المكتب البلجيكي للإحصاء
وذكرت وسائل إعلام بلجيكية أن هذه النسبة أعلى بواقع عشر مرات مقارنة بما كانت عليه في تسعينيات القرن الماضي.
وأورد التقرير أن الأشخاص الذين بلغوا 65 عاما فأكثر، يشكلون 38 في المئة ممن يعيشون بمفردهم في البيوت.
في المقابل، تراجعت نسبة المتزوجين الذين لديهم أطفال ويعيشون تحت سقف واحد، بينما تشكو عدة دول غربية عزوفا عن الإنجاب.
ويختلف هذا الوضع من منطقة بلجيكية إلى أخرى، حيث انخفضت نسبة من يعيشون بمفردهم مثلا في منطقة العاصمة بروكسيل، بينما يختلف الوضع في الجهة الفلامانية.
ويرى خبراء أن تزايد عدد الأشخاص الذين يعيشون بمفردهم يثير قلقا، لأن هؤلاء يشكل مؤشرا على تراجع الحياة الاجتماعية للناس، وهو ما ينذر باضطرابات أكبر للصحة النفسية، لأن الناس يجدون صعوبة في إيجاد سند لهم.
الاكتئاب
في سياق آخر، وجد فريق بحث أمريكي وأوروبي مشترك أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الصحة العقلية لديهم فرصة متزايدة بنسبة 46% لحدث عصبي قاتل محتمل.
وأشار إلى أن أولئك الذين يعانون من المزيد من أعراض الاكتئاب هم أكثر عرضة للإصابة بسكتة دماغية.
ومن بين 26877 مشاركا في الدراسة، كان أولئك الذين ظهرت عليهم 5 أعراض على الأقل معرضين لخطر الإصابة بنسبة 56%.
وقال الدكتور روبرت مورفي، المعد الرئيسي من جامعة جالواي في إيرلندا، في بيان: “الاكتئاب يؤثر على الناس في جميع أنحاء العالم ويمكن أن يكون له مجموعة واسعة من التأثيرات على حياة الشخص”.
وارتبط الاكتئاب بالسكتة الدماغية، حيث أشار العديد من الخبراء إلى كيفية تأثير حالة الصحة العقلية على تدفق الدم في الجسم.
التردد شكل من أشكال الذكاء
وفي سياق متصل، أظهرت الأبحاث الحديثة أنه يمكن أن يكون للتردد إيجابيات، فالتردد يحمي على سبيل المثال، من بعض الأخطاء المعرفية، والقرارات التي ينتهي التردد إليها في يوم أو آخر غالبا ما تكون أكثر حكمة؛ لأنها تكون ثمرة تأملات طويلة تتيح تقييم الإيجابيات، بأقصى وأشمل طريقة ممكنة.
في النهاية نلاحظ أنّ ما يفتقر إليه الأشخاص المترددون للغاية هو ببساطة الدافع الصغير الذي يتيح لهم الانطلاق في الوقت المناسب بدلًا من الوقوع في حالة من الجمود الذي قد ينتهي بهم إلى أن يصبح ثقيلا سواء بالنسبة لهم أو بالنسبة لأحبائهم.
التردد واتخاذ القرارات
ووفقًا لأبحاث أجريت في جامعة دريسدن الألمانية من قبل طالبة الدكتوراه جانا ماريا هوهنسبين وأستاذة علم النفس الاجتماعي إيريس شنايدر فإنّ الأشخاص الأكثر ترددًا هم أولئك الذين يتخذون القرارات الأكثر منطقية، الذين يطرحون أجود الأسئلة.
ما سبق يفسر حقيقة أنه بدلًا من أن يمنحوا أنفسهم ضميرا مرتاحا من خلال إقناع أنفسهم بأن القرار الذي يغريهم هو الأفضل، فإنّ المترددين على العكس يميلون إلى البحث في اتجاه الاحتمالات الأخرى التي تخطر لهم، ويتخيلون باستمرار أن المسار الذي يحاولون الهروب منه ربما هو الأفضل.
كما أنّ هذا يجعلهم أكثر انفتاحًا، لأنهم يكونون على هذا النحو قد أنفقوا وقتا كافيا في تشرّب آراء متناقضة وتجارب متنوعة.
القرارات والانفعالات
كونك متردد وغير حاسم يعزز بلا شك الذكاء في اتخاذ القرارات، ولكن أيضا الذكاء الانفعالي، في الواقع لا يزال الأفراد الذين يجدون صعوبة في اتخاذ القرار، وفقا للدراسات الألمانية، يتميزون بشكل إيجابي بقدرتهم على تجنب الميل في تقييم سلوك الشخص من خلال التقليل من أهمية العوامل المرتبطة بسياقات هذا الشخص الخارجية والإفراط في تقييم جوانبه الداخلية، ولا سيما شخصيته.
لذلك؛ فإنّ التردد هو بالأحرى شيء جيد، شريطة أن تعرف كيف تقفز وتتخطى ذاتك عاجلا أم آجلا. وتؤكد جانا ماريا هوهنسبين أنّ “التوازن هو المفتاح كما هو الحال في العديد من المجالات”.
وإذا كنت تعاني في اتخاذ القرار يُذكّرنا التقرير الذي نشره موقع slate.fr أنه وفقًا لأبحاث الاقتصادي الأمريكي ستيفن ليفيت، المؤلف المشارك لكتاب Freakonomics الأكثر مبيعا، أنّ “قاعدة القرار الجيد تتمثل في اختيار الإجراء الذي يمثل التغيير وليس التحجر في الوضع الراهن. غالبا ما يكون اختيار التغيير أكثر إثمارا، مما لا يمنعك من البدء بالتفكير مليا قبل أن تميل أخيرا نحو هذا البديل.