حرية – (11/4/2023)
أمر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أحد أقرب حلفاء أميركا في الشرق الأوسط والمستفيد الرئيسي للمساعدات الأميركية، مرؤوسيه مؤخرًا بإنتاج ما يصل إلى 40 ألف مقذوف ليتم شحنها سراً إلى روسيا، وفقًا لوثيقة استخباراتية أميركية مسرّبة.
يلخص جزء من وثيقة سرية للغاية، مؤرخة في 17 فبراير، المحادثات المزعومة بين السيسي وكبار المسؤولين العسكريين المصريين وتشير الوثيقة أيضًا إلى خطط لتزويد روسيا بقذائف المدفعية والبارود.
في الوثيقة، أمر السيسي المسؤولين بالحفاظ على سرية إنتاج وشحن الصواريخ “لتجنب المشاكل مع الغرب”.
حصلت صحيفة واشنطن بوست على الوثيقة من مجموعة من صور الملفات السرية المنشورة في فبراير ومارس على موقع ديسكورت، وهو تطبيق دردشة شائع بين من يمارسون الالعاب الالكترونية ولم يتم الحديث عن الوثيقة اعلاميا من قبل.
ورداً على أسئلة بخصوص الوثيقة وصحة المحادثات التي تصفها، قال السفير أحمد أبو زيد المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية إن “موقف مصر منذ البداية يقوم على عدم التدخل في هذه الأزمة والالتزام بالمحافظة على مسافة متساوية مع الجانبين، مع التأكيد على دعم مصر لميثاق الأمم المتحدة والقانون الدولي في قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة”.
وقال “نواصل حث الطرفين على وقف الأعمال العدائية والتوصل إلى حل سياسي من خلال المفاوضات”.
وقال مسؤول بالحكومة الأميركية، تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته للحديث عن هذه المعلومات الحساسة: “لسنا على علم بأي تنفيذ لتلك الخطة”، في إشارة إلى مبادرة تصدير القذائف وأضاف المسؤول “لم نر ذلك يحدث”.
وأشارت المتحدثة باسم البنتاغون سابرينا سينغ إلى أن وزارة العدل فتحت تحقيقا في تسريب وثائق سرية.
إن تقديم الأسلحة لروسيا في حربها في أوكرانيا سيمثل مناورة قد تنفجر في وجه مصر، التي، لا تزال تستثمر بعمق في شراكتها مع الولايات المتحدة، بعد ان قدمت واشنطن على مدى عقود أكثر من مليار دولار سنويًا عبر مساعدات امنية، وذلك على الرغم من العلاقات العميقة مع موسكو.
لا تذكر الوثيقة صراحة سبب اهتمام روسيا بالحصول على القذائف، لكن جيشها ينفق كميات هائلة من الذخيرة في الحرب، وادعت الحكومة الأمريكية أن كوريا الشمالية تزود روسيا سرًا بقذائف مدفعية وأن الصين تفكر في ذلك.
حاولت مصر، مثل الشركاء الأميركيين الآخرين في الشرق الأوسط، البقاء على الهامش في المواجهة بين الدول الغربية وروسيا بشأن أوكرانيا، في الوقت الذي كانت هذه الدول تسعى إلى تأمين نفسها من تراجع الدور الأميركي في المنطقة ومحاولة العثور على وسائل جديدة لضمان حماية بلدانهم اقتصاديا وعسكريا.
أدى الغزو الروسي لأوكرانيا إلى ارتفاع أسعار السلع عالميا وفرض ضغوطا شديدة على مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، والتي تلقت أكثر من 80٪ من قمحها من روسيا وأوكرانيا في السنوات الأخيرة.
قال السناتور كريس مورفي (ديمقراطي من كونيتيكت)، الذي يعمل في لجنتي العلاقات الخارجية والمخصصات بمجلس الشيوخ، “مصر هي واحدة من أقدم حلفائنا في الشرق الأوسط، وإذا كان الحديث بأن السيسي يبني سرًا قذائف لروسيا يمكن استخدامها في أوكرانيا صحيحًا، فنحن بحاجة إلى مراجعة جادة بشأن حالة علاقتنا”.
قالت سارة مارجون، مديرة السياسة الخارجية الأميركية في مؤسسة المجتمع المفتوح ومرشحة إدارة بايدن لمنصب حقوق الإنسان الأعلى بوزارة الخارجية سابقًا، إن “البيع والتسليم المتعمدين للقذائف إلى الحكومة الروسية، التي ارتكبت مثل هذه الحرب الصريحة و جرائم فظيعة أخرى، تتجاوز حدود السلوك المقبول بمراحل، خاصة بالنسبة لحليف مقرب ظاهريًا للولايات المتحدة” مضيفة أن ما تم الكشف عنه في الوثيقة، إذا كان صحيحًا، يثير التساؤل بشأن ما إذا كان ينبغي على الولايات المتحدة “الاستمرار في الدفاع عن مصر ودعمها” إذا كانت حكومة السيسي تسعى إلى صفقة بيع “تخدم احتياجات القاهرة العاجلة ولكن من المحتمل أن يكون لها تأثير سلبي عالمي”.
وأشار مايكل وحيد حنا، مدير البرامج الأميركية في مجموعة الأزمات الدولية، إلى أن إدارة بايدن تقود الجهود الغربية لحرمان روسيا ومرتزقتها من التكنولوجيا والأسلحة اللازمة لحربها في أوكرانيا ومعاقبة الخصوم الأمريكيين مثل إيران وكوريا الشمالية الذين فعلوا ذلك “لذا فكرة أن تكون مصر تقوم بهذا الدور يمثل إحراجا للولايات المتحدة”.
تصف الوثيقة إصدار السيسي للتعليمات في الاول فبراير للإبقاء على سرية توريد القذائف من أجل “تجنب المشاكل مع” الغرب “، حيث تبلغ شخصًا يُشار إليه باسم صلاح الدين فقط أنه يجب إخبار عمال المصنع بأن المقذوفات مقصودة للجيش المصري.