حرية – (12/4/2023)
دافع مؤيدو الدالاي لاما عنه عبر الإنترنت بعد انتشار مقطع فيديو يظهر فيه وهو يقبل صبياً على شفتيه ويطلب منه أن “يمص لسانه”، وبرر بعضهم تصرفاته بالقول إنه يمكن إيجاد تفسير جزئي لهذا التفاعل في الثقافة التيبتية.
بيد أن زعيم البوذية التيبتية لم يشر إلى أي تقاليد بوذية في البيان الذي أصدره بعد الحادثة، الذي اعتذر فيه علناً من الصبي وعائلته. وقال إنه “آسف على الحادثة”.
وقد ورد في البيان أن “الدالاي لاما غالباً ما يمازح الأشخاص الذين يقابلهم بطريقة بريئة ومرحة… كما يود قداسته الاعتذار للصبي وعائلته، وكذلك لأصدقائه الكثيرين في جميع أنحاء العالم عن الأذى الذي ربما تسببت به كلماته”.
هذا وقد انتقد كثيرون الدالاي لاما على ما حدث، معتبرين ما حدث “غير لائق” و”مثيراً للاشمئزاز”. حتى إن عدداً من المعلقين ومن مجموعات الدفاع عن الضحايا قالوا، إن سلوك الزعيم الروحي شبيه “بالاعتداء الجنسي على الأطفال”.
بيد أن عدداً من الناشطين التيبتيين برروا الحادثة على أنها “مزحة” جرى تضخيمها، في حين أشار آخرون إلى أن الدالاي لاما يتعرض للهجوم بسبب “طريقة تيبتية في التعبير”.
وفي هذا السياق ذكر داوا تسيرينغ، عضو برلمان التيبت في المنفى، الذي يقيم حاله حال الدالاي لاما في دارامسالا، في الهند: “في معبد الدالاي لاما، سأله صبي إن كان يستطيع معانقته، فأجابه بنعم، ومن ثم طلب أن يقبله، فقام الدالاي لاما بتقبيله، وبعد ذلك قال الدالاي لاما ممازحاً: “بإمكانك أن تمص لساني”. كان هذا كله جزءاً من مزحة ولعبة مع الولد، ولا يجب منح المسألة أبعاداً أكبر”.
ومن جهته، كتب الناشط التيبتي في المنفى نامدول لاغياري عبر “تويتر”: “لقد حصل اندماج بين طريقة التعبير عن المشاعر وأساليب التصرف ليصبح غربياً بشكل واضح”. وأكد أن “استقدام روايات تعود إلى ثقافات وتقاليد وتأثيرات اجتماعية أخرى حول موضوعي النوع الاجتماعي “الجندر” والجنس، واستعمالها لتفسير طرق التعبير التيبتية هو أمر مشين فعلاً”.
ما هي ثقافة إلقاء التحية باللسان التيبتية؟
في العادة، يعتبر مد اللسان تعبيراً عن الاحترام أو الموافقة، وقد جرى استعماله كطريقة لإلقاء التحية في الثقافة التيبتية، بحسب ما كشف معهد دراسات شرق آسيا في جامعة كاليفورنيا في بيركلي.
ولعل الإحالة الأشهر إلى هذا التقليد في الثقافة الغربية ظهرت في فيلم “سبع سنوات في التيبت” Seven Years in Tibet بطولة براد بيت، حيث التقى البطل (بيت) بمجموعة أولاد مدوا له لسانهم، ولم يعط الفيلم أي تفسير إضافي عن تصرفاتهم.
ووفقاً للفلكلور التيبتي، بدأ الناس، ضمن الثقافة البوذية، بمد ألسنتهم للتعبير عن عدم وجود أي صلة تربطهم بملك تيبتي من القرن التاسع اسمه لانغ دارما، ذاع صيته كملك عديم الرحمة، وقيل إنه كان أسود اللسان.
وبما أن البوذيين يؤمنون بالتقمص بعد الموت، يقال إن هذا التقليد ظهر كطريقة ليثبت الناس أن واحدهم غير متقمص للملك، بالتالي، عدم ربطهم بأفعاله الشريرة.
بيد أنه ما من إشارة أبداً، لا في هذا الفولكلور ولا في الطرق التقليدية لإلقاء التحية عموماً، لمفهوم مص اللسان.
ما الذي يظهره الفيديو؟
في مقطع الفيديو الذي كثر تداوله عبر وسائل التواصل الاجتماعي، يظهر الدالاي لاما وهو يقبل صبياً صغيراً هندياً على شفتيه بعد أن تقدم هذا الأخير نحوه ليعبر له عن إكباره. وقد ورد في بيان الدالاي لاما أن الصبي تقدم إليه طوعاً خلال جلسة أسئلة وأجوبة علنية، وطلب الإذن لمعانقة الزعيم الروحي.
وبعد أن أمسك الدالاي لاما بذقن الصبي وقبله، لامس جبين الصبي بجبينه، وأمكن سماعه يقول بالإنجليزية: “هل يمكن أن تمص لساني؟” وبعد ذلك مد لسانه بينما انحنى الصبي باتجاهه للحظة.
وحول هذا الأمر، أكدت شولا موس-شوغباميمو، الناشطة في مجال حقوق الطفل ضرورة عدم جعل التحرش بالأطفال أمراً عادياً عبر التحجج بأنه أسلوب مرح ولعوب للتعاطي مع الصغار.
وأضافت، “أن هذا ليس لعباً مرحاً، ومن غير المقبول استعمال عبارتي “قبله بحنان” و”مص لساني” جنباً إلى جنب، علماً أن المعانقة مقبولة، أما هذا فلا، بالتالي لا تجعلوا من التحرش بالأطفال أمراً طبيعياً- ولا يهمني إلى أي مدى يعتبر الدالاي لاما مبجلاً، لكنني أرفض تماماً أن يقوم طفل بمص لسان راشد، أكان رجلاً أو امرأة أو أياً كان”.
وبدورها، أكدت الصحافية والمعلقة الهندية نيلانجانا بهوميك على “وجود فرق بين مد اللسان والطلب من قاصر أن يمصه!”.