حرية – (17/4/2023)
ستشهد تركيا في 14 مايو/أيار سنة 2023 الانتخابات الرئاسية، هذه الانتخابات التي ستجمع بين حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان وحزب الشعب الجمهوري برئاسة كمال كليجدار أوغلو بالتحالف مع أحزاب تحت مسمى “الطاولة السداسية”.
حقق حزب العدالة والتنمية في البداية شعبية كبيرة وشهرة إقليمية وعالمية بعد نجاحه السياسي والاقتصادي.
حزب العدالة والتنمية.. النشأة والتوجه الفكري
في 14 من أغسطس/آب سنة 2001 تأسس حزب العدالة والتنمية وسط الأحزاب التركية الأخرى، بعد انشقاق عدد من النواب عن حزب الفضيلة الإسلامي الذي تم حله بقرار صدر من المحكمة الدستورية التركية في 22 يونيو/حزيران 2001.
بلغ عدد الأعضاء المؤسسين في الحزب 63 شخصاً برئاسة “رجب طيب أردوغان” الذي انتخب أول زعيمٍ للحزب، يعتبر الحزب هو الثالث والتسعون بعد المئة في قائمة الأحزاب السياسية التي دخلت السياسة في تركيا.
حسب موقع “aksam” التركي يعتبر حزب العدالة والتنمية (Ak Parti) الجناح المعتدل في تركيا، فيما يحرص على عدم استخدام الشعارات الدينية في الخطابات السياسية، كما لا يحب وصفه بـ”الحزب الإسلامي”. فكرياً يُعلن الحزب أنّه يحترم كافة الحريات الدينية والفكرية ومنفتحاً على العالم فيما يبني سياسته على التسامح والحوار.
أما اقتصادياً، فقد تبنّى الحزب نموذج اقتصاد السوق المفتوحة، كما يولي أهميته إلى مفهوم “الدولة الاجتماعية”، فيما يرى أن البطالة وغياب العدالة في توزيع الدخل من أهم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية التي قد تواجه تركيا.
يسعى الحزب إلى تعزيز القيم الأسرية بالإضافة إلى “دمج الشباب” من خلال برامج تعليمية وتدريبية، فيما أعلن سنة 2021 عن نهج لخفض الفائدة بعد ارتفاع معدلات التضخم في تركيا تحت اسم “نموذج الاقتصاد التركي الفريد”.
على المستوى الخارجي تبنى حزب العدالة والتنمية سياسة قائمة على تمكين تركيا من أدوات القوة الناعمة والخشنة، بالإضافة إلى ذلك تبنى الحزب في فترة من الفترات سياسة “صفر عداوة” مع الجيران والفاعلين الإقليميين والدوليين، فيما أصبحت هذه الخطوة أكثر تحركاً بعد اندلاع الربيع العربي سنة 2011، إلا أن هذا المشروع لم يكتمل بسبب الظروف الإقليمية والدولية.
المسار السياسي لـ”AK Parti”
حسب “وكالة الأناضول” كانت بداية الحزب الفعلية في 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2002، بعدما أظهر تفوقه على باقي التيارات السياسية في تركيا، بحصده أزيد من 34% من الأصوات، فيما حصد 363 مقعداً برلمانياً، أي أزيد من 50% من المقاعد، وذلك بفضل النظام الانتخابي الذي كان معمولاً به.
بسبب حظر سياسي حينها على رجب طيب أردوغان لم يتمكن من تسلُّم منصب رئيس الوزراء، والذي رُفع بعد تعديل حكومة عبد الله غول للمادة 312 في قانون العقوبات التركية.
وبعد انتخاب أردوغان نائباً بالبرلمان في انتخابات الإعادة التي أجريت في مدينة سيرت بتاريخ 8 مارس/آذار 2003، استقالت حكومة عبدالله غول، وكلف الرئيس أحمد نجدت سيزر، أردوغان بمهمة تشكيل الحكومة الجديدة.
وفي الانتخابات التركية التي أجريت في مارس/آذار سنة 2004 تمكن الحزب من حصد المركز الأول بنسبة 42% من أصوات الناخبين برئاسة 1950 بلدية في عموم البلاد، وأعاد الحزب نفس النجاح في الانتخابات التشريعية سنة 2007.
أما في الانتخابات المحلية المجراة سنة 2009 فاحتل AK Parti المركز الأول بأكبر عدد من الأصوات في الانتخابات المحلية، وفي سبتمبر/أيلول 2010 احتفل الحزب بفوزه في الاستفتاء على التعديلات الدستورية.
استمر الحزب في حصد النجاحات؛ ففي 13 يونيو/حزيران سنة 2011 تمكن من حصد 50% من الأصوات في الانتخابات التشريعية، تلاه حزب الشعب الجمهوري أحد أقدم الأحزاب التركية الذي أسسه “مصطفى كمال أتاتورك” بقرابة 26% من الأصوات.
هذه النسبة مكّنت الحزب من الفوز بـ327 مقعداً من أصل 550 مقعداً التي تمثل مجموع المقاعد في البرلمان التركي، أما سنة 2014 فخاض الحزب امتحاناً انتخابياً جديداً؛ وذلك في الانتخابات الإدارية المحلية والذي بدوره حصد من خلالها على 45.6% من الأصوات.
وبعد مسار لافت في رئاسة الحزب والحكومة، نجح رئيس الحزب رجب طيب أردوغان في انتخابات الرئاسة التركية التي جرت يوم 10 أغسطس/آب 2014، وحسم الفوز من الجولة الأولى ليكون الرئيس الثاني عشر لتركيا الحديثة، وكانت تلك أول انتخابات رئاسية تجري بطريقة الاقتراع الشعبي المباشر.
بعد سنة حصل حزب العدالة والتنمية التركي في الانتخابات البرلمانية المرتبة الأولى بنسبة 40.87% و258 مقعداً، وبعد فشل كل المفاوضات لتشكيل حكومة ائتلافية، دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى انتخابات مبكرة في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، حصل فيها حزب العدالة والتنمية على المرتبة الأولى بنسبة 49.58% من الأصوات و316 مقعداً، مما خوله تشكيل الحكومة.
تحالفات سياسية واجبة
حسب موقع “BBC” التركي تحالف حزب العدالة والتنمية في 16 أبريل/نيسان سنة 2017 مع حزب الحركة القومية في تحويل البلاد من النظام البرلماني إلى النظام الرئاسي، بعد استفتاء تعديل الدستور الذي نال تأييد الأغلبية.
في 23 يونيو/حزيران 2018، فاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مجدداً بمنصب رئاسة الجمهورية بنسبة 52.5%، ملحقاً الهزيمة بخصمه الأبرز “محرم إنجه”.
كما حصل تحالف الجمهور بقيادة حزب العدالة والتنمية على 53.65% في الانتخابات التشريعية التي أجريت في اليوم نفسه، وبذلك، دخل النظام الرئاسي رسمياً حيز التأثير، وألغي بموجبه منصب رئيس الوزراء، وتحول البرلمان إلى جهة تشريعية رقابية دون مشاركة في تعيين الوزراء.
رغم الفوز الكبير الذي حققه حزب العدالة والتنمية في هذه الانتخابات إلا أن نسبة شعبيته تراجعت عما كانت عليه سابقاً، إذ حصد بمفرده قرابة 40% من الأصوات فقط بالمقارنة مع السنوات الانتخابية السابقة.
أما سنة 2019 فخسر حزب العدالة والتنمية إحدى أهم البلديات في تركيا وأكبرها “إسطنبول وأنقرة وإزميت” لصالح حزب الشعب الجمهوري المعارض، وعلى الرغم من إعادة الانتخابات في إسطنبول بعد طلب من حزب العدالة والتنمية، فاز إمام أوغلو بالجولة الثانية في 23 يونيو/حزيران سنة 2019.
أما سنة 2023 فستشهد تركيا انتخابات رئاسية بين الرئيس الحالي رجب طيب أردوغان وكمال كليجدار أوغلو رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض ومحرم إنجه المنافس السابق لأردوغان عام 2018 والمرشح القومي سنان أوغان، على رئاسة الدولة، بالإضافة إلى انتخابات برلمانية في نفس اليوم، وذلك في 14 مايو/أيار المقبل.