حرية – (19/4/2023)
مع الأزمة المعيشية التي تخيّم على جزءٍ كبير من العالم العربي، أصبح افتقاد “فرحة العيد” سمة مشتركة بين الكثيرين. تتشابه الإجازات العادية وإجازات الأعياد، مع اختلاف بعض التفاصيل، مثل: الحلوى، وصلاة العيد، ومن بعدها يصير كل شيء مملاً.
ومع الوقت، إذا اخترت البقاء في المنزل خلال إجازة عيد الفطر، ستلاحظ أن المسرحيات التي يعرضها التلفزيون، ويكررها عاماً تلو الآخر، صارت مملة هي الأخرى.
فيمرّ الوقت ثقيلاً، وسط حالةٍ من البحث المحموم عن فرحة العيد المفقودة وروحه. وليست هذه حالة خاصة بالمصريين أو اللبنانيين على سبيل المثال، بل إن العالم أجمع يمرّ بما يشبه الدوامة.
يتجلى ذلك واضحاً في أرقام معدلات الاكتئاب التي ارتفعت بنسبة 25% خلال عامٍ واحد فقط مع انتشار جائحة كوفيد-19. ووفقاً لـ”منظمة الصحة العالمية”، فإن عدد الذين يعانون من الاكتئاب حول العالم يُقدّر بما يقارب 280 مليون شخص.
والبحث “البائس” عن السعادة مرتبط بالاكتئاب، وهو ما يدفع الكثيرين لمحاولة العثور على طرقٍ جديدة للاستمتاع بأيام العيد. وإليك عدداً من الخطوات السهلة والبسيطة، التي من شأنها أن تشعرك بفرحة العيد، وسيفاجئك تأثيرها.
1- استخدم يديك لتصنع السعادة
إن كانت الزينة مرتبطة بشهر رمضان الكريم، وتضفي عليه طابعاً خاصاً، فزينة العيد أساسية، وهي واحدة من المبهجات، لا تستهن بتأثيرها أبداً.
يمكنك تزيين المنزل بعددٍ كافٍ من البالونات، في أول أيام العيد، والتي تُستخدم لأغراضٍ مختلفة، إضافةً إلى الزينة. يُمكن للأولاد اصطحابها إلى ساحات صلاة العيد، وربما إطلاقها من النوافذ لحظة العودة، لمشاركة المارة بعض لحظات الفرح.
ووفقاً لدراسة صدرت عام 2010 في مجلة علم النفس الاجتماعي، فإن إضفاء البالونات في المحيط يرتبط بمزيد من أحكام السعادة الشخصية.
ولا يقتصر الموضوع على البالونات فقط؛ ستلاحظون أن انشغالكم بتزيين المنزل بلافتاتٍ ورقية مثلاً -ذهبية أم ملونة- أو بصناديق خشبية كُتب عليها “عيد مبارك”، من شأنه أن يمنحكم شعوراً بالرضا، لأنكم بذلك تكونون قد شاركتم بـ”فرحة العيد”.
وربما لهذا السبب كانت المجلات النسائية البريطانية تنصح النساء، في عشرينيات القرن الماضي، بتعلُّم المزيد من الحرف المنزلية والقيام بعمليات الإصلاح والتزيين، تحت شعار “استخدمي يديكِ لتصنعي السعادة”.
2- متعة الطقوس الدينية
بالنسبة إلى سلمى علي، وهي ربة منزل وأم لطفلين، فالعيد هو “الصلاة”. وفي دردشة سريعة مع “عربي بوست”، تؤكد علي أنها تحرص على النوم مبكراً لتسارع وأطفالها إلى صلاة العيد، قبل أن تبدأ بوقتٍ كاف.
وتقول: “لسنوات عدة، كنتُ أبقى مستيقظة طوال الليل كي ألحق بالصلاة، لكن النوم كان يغالبني في كلّ مرة، حتى قررت أخيراً أن أنام باكراً. وهكذا صرنا نتمكن أنا وعائلتي، من الوصول إلى ساحة الصلاة والمكوث من بعد صلاة الفجر، لنردّد التكبيرات حتى تبدأ الصلاة، ومن بعدها ننطلق. هذا هو العيد الحقيقي”.
3- فرحة العيد ناقصة من دون الحلوى والتسالي
شراء أو تجهيز حلوى العيد، أحد أبرز وأشهر الطقوس المرتبطة بعيد الفطر. ولا تقتصر حلوى العيد على الكعك، والبسكويت، والبيتيفور، والغريبة، والمعمول فقط.
لا تكتمل فرحة العيد من دون تحضير الشوكولاته، والسكاكر، والمشروبات، إضافةً إلى بعض التسالي المنزلية، مثل الترمس والحمص. وتُعدّ عمليات “التحضير” تلك سلوكاً اجتماعياً إيجابياً، يؤدي -بحسب دراسة علمية صدرت عام 2015- إلى إشاعة أجواءٍ من السعادة والبهجة من خلال التبعية في ممارسة سلوكٍ معيّن.
رضوى فايز، وهي محاسبة شابة تزوجت حديثاً، تؤكد لـ”عربي بوست” أن فرحة العيد بالنسبة إليها تكمن في هذه الحلويات.
وتقول: “اللقطة الأساسية في عيد الفطر بالنسبة لي، ولكثيرٍ ممن أعرفهم، عبارة عن طبقٍ عامر بالبسكويت والكعك والبيتيفور، مع كوبٍ ضخم من الشاي بالحليب، عقب صلاة العيد. هكذا تتغلغل السعادة إلى قلبي، وأشعر حقاً أن العيد قد جاء”.
4- امضِ وقتاً أطول مع العائلة
قد يكون من المناسب وضع جدولٍ للزيارات العائلية المنتظرة، قبل العيد بوقتٍ كافٍ، والتواصل مع الأفراد المراد زيارتهم، للتأكيد على الموعد. ولا تلغوا أبداً فكرة الزيارات العائلية من طقوس العيد السنوية.
فقد أشارت دراسة أمريكية صدرت عام 2009، إلى دور الزيارات العائلية والروابط الاجتماعية الوثيقة في إسعاد البالغين والأطفال على حدٍّ سواء.
بالنسبة إلى ريم عامر، وهي أم لثلاثة أطفال، فإن العيد هو الوقت المثالي الذي يجمعها بأطفالها.
وتقول لـ”عربي بوست”: “أتعمد أن أجتمع مع أطفالي في المطبخ، كي نشترك في صناعة المخبوزات، وأترك لهم العنان من دون قيود. نصنع أحياناً الدونتس، أو الكيك، وأمنحهم حرية تزيينها كما يشاءون”.
هي أمور بسيطة، لكنها تمنح الأطفال شعوراً بفرحة العيد، يمكن أن يلازمهم طوال العمر لو صار وتحوّل إلى طقسٍ سنوي، يرافقه التحضير لمجموعة من الأنشطة والألعاب.
والأنشطة يمكن أن تشمل الكبار أيضاً، مثل البازل (Puzzle)، والرسم والتلوين، وألعاب مسلية مثل المونوبولي والسكرابل وغيرهما؛ مع الحرص على تشغيل الأناشيد المبهجة، وكذلك تكبيرات العيد.
كل ذلك يساهم في إضفاء جوٍّ من السعادة على لقاءات الأسرة، الكبيرة والصغيرة، بعيداً عن الأحاديث المتكررة. والأهم أن تلك النشاطات ستصبح روتيناً سنوياً، ينتظره الصغار والكبار مع كلّ عيد.
5- اعتني بنفسك
لن تشعري بفرحة العيد من دون العناية بالذات، صدّقيني. عمل الماسكات، وتغيير لون الشعر أو شكله، مع الحصول على بعض العناية الذاتية، جميعها تُعتبر من أساسيات العيد.
تقول رودي إسماعيل، الشابة العشرينية التي ما زالت في عامها الأخير بالثانوية العامة، لـ”عربي بوست”: “من ضمن طقوس العيد بالنسبة لي، تحويل المنزل إلى Spa”.
وتضيف: “عقب الانتهاء من تنظيفه، وترتيبه، تبدأ مرحلة تحضير الماسكات للوجه والشعر، ووضع القليل من مساحيق التجميل، فضلاً عن ارتداء بعض القطع الذهبية التي لا أرتديها في الأيام العادية. يحدث هذا في ليلة العيد، كي أستقبل أول أيامه وأنا في كامل أناقتي”.
6- “لبس جديد.. قلب سعيد”
للملابس الجديدة تأثير على شخصية الفرد؛ تصميمها، وطباعتها، ولونها، وجودة قماشها، كل ذلك يؤثر على الحالة المزاجية للمرء. لذلك، احرصوا على توفير المال لشراء ولو قطعة جديدة واحدة لكم، حتى تشعروا بفرحة العيد.
ولن نفشي سراً لو قلنا إن حركة البيع والشراء في الأسواق التجارية ترتفع بنسبة كبيرة قبل فترة الأعياد. ففي شهر رمضان الجاري مثلاً، ارتفعت نسبة مبيعات العباية والكندورة في الإمارات خمسة أضعاف، تحضيراً لعيد الفطر 2023.
وفي مصر، ورغم الأزمة الاقتصادية التي تُلقي بثقلها على البلاد، فإن الحرص على شراء أغراضٍ جديدة في العيد فكرة لا تزال حاضرة.
نور علي، وهي جدّة لثلاثة أحفاد، تقول لـ”عربي بوست”: “في العيد دائماً ما نحرص على شراء أغراضٍ جديدة. لا يقتصر ذلك على الملابس فقط، بل يشمل أيضاً شراء أكسسوارات للمنزل”.
وتتابع علي: “قد نكتفي بشراء أغطية جديدة، أو مفارش، وربما تعديل الديكور داخل المنزل. صحيح أن الأسعار أثرت على حجم الشراء، لكننا نحتفظ بعادة شراء ولو غرضٍ بسيطٍ جديدٍ للبيت، حتى لو كان طقم توابل أو بروازاً جديداً”.
7- تناول طعاماً مختلفاً
لعلّ الوقت قد حان لإعداد قائمة من الأطعمة غير التقليدية في عيد الفطر 2023، ومنح سيدات المنزل بعض الراحة بعد شهرٍ طويل من الإعداد اليومي للموائد غير التقليدية.
يمكن التفكير بالأسماك مثلاً، سواء العادية أو المملحة، وربما بعض الأكلات السريعة مثل البرغر والبيتزا. أليس العيد مناسبة لتناول الطعام غير التقليدي؟ نتحدث هنا عن العائلة التي تتضمن أطفالاً يحبون الوجبات السريعة، ويمكن أن يشعروا بفرحة العيد من خلال هذه المأكولات.
8- الابتكار يساوي السعادة
كلما كانت التفاصيل المتعلقة بالعيد مبتكرة، كانت فرحة العيد أكبر؛ كما هو الحال مع “العيدية” التي ظهرت في مصر الفاطمية، وتحولت إلى عالم خاص له طقوس خاصة، وحيل وابتكارات من أجل تقديمها بطرقٍ مختلفة، حتى إن البعض صار يخبئها داخل حلوى العيد!
محاولات الابتكار وصنع المفاجآت، سواء من خلال شراء الألعاب لأطفال المنزل، وهدايا لكباره، مع تجهيزها بصورة جميلة، يضفي مزيداً من أجواء البهجة والسعادة على هذه الأيام.
9- الصورة تلتقط فرحة العيد
تُعتبر صورة العيد من أبرز طقوسه، خاصة تلك التي يتم التقاطها بواسطة مصور محترف داخل استديو، بملابس العيد، سواء كانت صورة فردية أم جماعية تضمّ كل الأسرة. هكذا يتم تجميد اللحظة السعيدة لسنوات طويلة.
10- لا تبقوا في المنزل
لسنتين متتاليتين، ارتبطت مقولة “ابقوا في المنزل” بحالةٍ من الرعب العالمي بسبب جائحة كورونا، التي أثرت على نفسيتنا جميعاً ورافقتها الكثير من المشاعر السلبية والخوف.
لذلك، ربما حان الوقت هذا العام لعدم البقاء بالمنزل، وتحقيق الأحلام المؤجلة، التي يصعب تنفيذها خلال الأيام العادية بسبب ظروف العمل أو الارتباطات.
يمكن السفر لتمضية بعض الأيام بعيداً عن الروتين، وفي حال تعذّر ذلك لأسباب اقتصادية وغيرها، يمكن التفكير في استئجار منزلٍ بمكانٍ هادئ أو صاخب، لتمضية العيد. الاحتمالات كثيرة، وقد تقتصر فقط على الذهاب إلى حديقة عامة أو حتى المشي على الشاطئ بصحبة من نحب.