حرية – (9/5/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
بعد 6 أشهر من المشاحنات السياسية والإعلامية القاسية بين الحزبين الكرديين الرئيسيين “الديمقراطي” و”الاتحاد الوطني”، والتي وصلت إلى حدّ القطيعة السياسية والحكوميّة خلال الفترة الأخيرة حول تقاسم السّلطة والثروة بين محوري أربيل والسليمانية، اجتمع رئيس حكومة إقليم كردستان مسرور بارزاني، بنائب الرئيس قوباد طالباني، في خطوة ستسهم وفق المراقبين في طي صفحة التوتر والخلاف.
يعتبر المراقبون أنّ الحزبين محكومان بالتوافق والرّكون للحوار مهما اشتدت التوترات بينهما، خصوصاً وأن استحقاق الانتخابات العامة في الإقليم يقترب خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.
ترى مصادر متابعة , أنّ الحزب الديمقراطي يحرص على عودة فريق الاتحاد الوطني إلى الحكومة، كخطوة تمهيدية لتفكيك عقد الأزمة بين الطرفين، مشيرة إلى أن هذا الحرص من الحزب الذي يقوده الزعيم الكردي مسعود بارزاني يعود إلى إدراكه بأنّ استمرار الوضع الراهن بات يؤثر بشكل كبير على استقرار الوضع السياسي في الإقليم، وبالتالي على وضعه.
هل سيطوي أكراد العراق صفحة الخلاف وتعود العلاقات إلى مجاريها؟
إنهاء مناخات التوتر
يرى مراقبون أنّ الاجتماع، وهو الأول منذ مدة طويلة، بين بارزانى وطالباني، سيمّهد لعودتهما إلى العمل سويا في إطار حكومة الإقليم، ما سينعكس إيجاباً على الأوضاع العامة في كردستان سياسياً وأمنياً واقتصادياً، وسيسهم في تقوية الدور الكردي في العراق.
إذ يختلفُ الطّرفان حول جملة ملفات مثل قانون الانتخابات وسجلّات الناخبين وحصة كوتا المكوّنات، وتوزيع الثروات والسلطات بين المحافظات.
عن هذا الشأن، وصف رئيس “مركز التفكير السياسي في العراق” الدكتور إحسان الشمري، لقاء بارزاني وطالباني بالـ”جيّد” والذي سيكون له انعكاسات ايجابية لحل الخلافات بين الحزبين الكرديين، مبيناً أنّ مجرد عقد اللقاء المباشر وجها لوجه هو خطوة ستقود إلى مزيد من الانفراج وتعزيز مناخات التفاهم.
وقال الشمري في اتصال إنّ اللقاء أتى نتيجة عدة عوامل منها أنّ الطرفيْن لا يرغبان بمزيد من التّصادم، لا سيّما وأّن تبادل الاتهامات من جهة والاحتكاك الذي حصل نتيجة اغتيالات متبادلة من جهة أخرى يشكّل مصدر قلق بالنسبة للحزبين بالإضافة إلى وجود تحديات لهما من قبل أحزاب كرديّة أخرى.
في هذا الإطار يشكّل اجتماع مسرور بارزاني وقوباد طالباني وفق ما الشمري “خطوة بالغة الأهمية لتوحيد مواقفهما وإنهاء مناخات التوتر السائدة في الاقليم طيلة أشهر بين الحزبين الرئيسيين هناك، والسعي لإيجاد تفاهمات وتوافقات تؤطرها المصالح العليا للإقليم والعراق، مع الأخذ بعين الإعتبار الانتخابات المقبلة داخل إقليم كردستان وهذه مُهمة لتعزيز تقاسم السلطة بين الحزبين”.
وساطة أميركية
وأضاف الشمري أنّ تعمّق الخلافات فيما بينهما سيدفع باتجاه صعود قوى سياسية جديدة وهذا يؤثر حتما على مستقبلهما، وكَشفَ أنّ الولايات المتحدة كان لها دور فاعل في هذا الاختراق، من خلال الزيارة الأخيرة قبل أيام لمساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف، إلى أربيل ولقائها بالزّعيمين الكُردييْن، إذ إنّ استقرار إقليم كردستان عامل أساسي لاستقرار العراق بشكل عام.
وتشعر واشنطن وفق الشمري بقلق بالغ إزاء التوترات بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، وما قد تنتهي إليه الأمور من انفراط عقد الوضع في الإقليم، وهو ما يتعارض ومصالحها في المنطقة.
وأشار إلى أنّه إذا حصلَ تقارب وتمّ الاتفاق وحلّ الملفات العالقة بين الحزبين الكرديين وخلق أجواء إيجابية سينعكس على واقع الإقليم وعلى البعد الوطني في العلاقة بين الإقليم والمركز، مبيناً أن هناك مناخ إيجابي في بغداد ممكن أن تستثمره القوى الكردية للوصول إلى حلّ مشترك يرضي جميع الأطراف لما يخص المشاكل العالقة بين الإقليم والمركز.
وكانت السفيرة الأميركية لدى العراق آلينيا رومانسكي، علّقت على لقاء رئيس حكومة إقليم كردستان بارزاني ونائبه طالباني عبر تغريدة على تويتر: “أثني على قيادة رئيس حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني ونائب رئيس وزراء حكومة كردستان العراق قوباد طالباني اللذان يعملان معاً للبدء في حل المشكلات من خلال الحوار”.
وأضافت: “تستفيد الدولة بأكملها عندما يركز قادتها على احتياجات الناس، لنجعل هذا الزخم وسيلة لأخذ خطوة بارزة للأمام”.
ملفات شائكة
وعلى مستوى التسوية، يرى الشمري أن هناك الكثير من الملفات يمكن تصنيفها أولا بما يرتبط بتقاسم السلطة في إقليم كردستان، والملف الآخر يرتبط بطبيعة الانتخابات المقبلة داخل الإقليم والأمر الثالث يرتبط بملف الطاقة، أما الملف الرابع فله علاقة وثيقة بطبيعة التعامل مع بغداد خصوصا وأنّ تصدير النفط إلى تركيا متوقف حتى الأن، وبالتالي ليس من مصلحة إقليم كردستان وحتى بغداد وواشنطن أن يتوقف النفط لذلك يعتبر هذا الملف من ضمن الأولويات.
والملف الخامس والأخير يرتبط بحسب الشمري بالموازنة الإتحادية وقانون النفط والغاز، وهذا مهم جدا للحزبين لتعزيز نفوذهما والظهور مرة أخرى بموقف موحّد تجاه بغداد.
ووفق بيان صادر عن حكومة إقليم كردستان العراق جرى خلال اللقاء مناقشة المشاكل المالية والإدارية التي تواجه حكومة إقليم كردستان، وتم الاتفاق على حل جميع المشاكل من خلال الحوار والتعاون بين جميع الكتل الوزارية ضمن التشكيلة الحكومية.