حرية – (10/5/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
في طفولتها، كانت شيلان كمال تحبّ عجن الخبز مع والدتها لتشعر بعضلات ذراعيها تتحرّك، ما أثمر اكتشافها لشغفها برياضة كمال الأجسام التي تحوّلت بالنسبة لهذه السيدة الأربعينية من كردستان العراق إلى وسيلة للتشجيع على المساواة بين الجنسين.
وتقول شيلان كمال البالغة من العمر 46 سنة والتي تتدرّب أربع ساعات يومياً في صالة رياضية حديثة في وسط مدينة أربيل على وقع أنغام موسيقى غربية، “العضلات جيدة للنساء، نريد أن نبرز جمالنا من خلال تنمية عضلاتنا”.
قبل ثلاثة أعوام، عادت هذه المصوّرة والمتخصصة في التغذية من ألمانيا لتستقر في عاصمة إقليم كردستان العراق المتمتع بحكم ذاتي، لتواجه مجتمعاً عدائياً نحوها بشكل كبير بسبب ممارستها هذه الرياضة.
وتقول كمال التي تعارض المعايير التقليدية للجمال، “أنا لا أحب أن يأخذ الناس عني فكرة سيئة. تعبت وعانيت وضحّيت كي أصل إلى ما وصلت إليه اليوم”.
وتكمل اللاعبة الشقراء ذات العينين الزرقاوين والقامة المتوسطة، “أكره أن ينظر الناس إلى المرأة نظرة دونية أو كرمز للجنس ويعتبروا أنه يتحتم عليها أن تربي أبناءها وتتجمل من أجل زوجها… لماذا لا يمكن للنساء أن يجمعن بين الجمال والقوة؟”.
هاجرت شيلان كمال إلى ألمانيا عندما كانت تبلغ من العمر 14 سنة
مسابقات لكمال الأجسام
تبدأ كمال يومها بالتدرب على الدراجة، بينما ينسدل شعرها على كتفيها، ثم تكمل بالتدريب على آلات تنمية العضلات ورفع الأثقال، علماً أنها تتدرّب منذ كان عمرها 22 سنة.
تعمل حالياً مدربة خاصة وتنشر على صفحتها على “إنستغرام” مشاركاتها الدولية في مسابقات كمال الأجسام في أوروبا، ملوحة أحياناً بعلم إقليم كردستان.
وفتحت شيلان كمال صفحة جديدة في مشوارها المهني العام الماضي حين شاركت في مسابقة لكمال الأجسام للسيدات في لندن. ثم شاركت مرة ثانية في منافسة أخرى في بوخوم بألمانيا وبطولة ثالثة وأخيرة في كولن بألمانيا في أبريل (نيسان) الماضي وأحرزت في جميعها المركز الثالث.
وتقول، “هنا مع الأسف الناس غير معتادين على رؤية نساء يرتدين ملابس سباحة ويظهرن عضلاتهن على المنصة… أتمنى أن يتقبلوا يوماً ما رؤيتنا على المنصة ونحن نعرض عضلاتنا”.
الهجرة إلى ألمانيا
وتتحدّر كمال من السليمانية، ثاني أكبر مدن إقليم كردستان، لكنها هاجرت إلى ألمانيا مع عمها عندما كانت تبلغ من العمر 14 سنة، ودرست التصوير وأصبحت مصوّرة في استوديو في دوسلدورف في غرب البلاد.
تزوّجت شيلان كمال حينما كانت تبلغ من العمر 16 سنة وأنجبت ثلاثة أولاد أصبحوا اليوم في العشرينيات من عمرهم.
وتقول، “عندما كنت طفلة صغيرة كنت مليئة بالطاقة والحيوية والنشاط. كنت أساعد والدتي في عجن الخبز وأعمال المنزل التي تتطلب مجهوداً عضلياً”.
في العراق، البلد المحافظ، تتطوّر الرياضة النسائية ببطء. وظهرت العديد من الفرق النسائية في السنوات الأخيرة في كرة القدم أو الملاكمة أو رفع الأثقال أو الكيك بوكسينغ.
في كردستان التي نعمت إلى حد كبير بالأمن بعيداً من الصراعات التي دمّرت العراق، اتخذت خطوات للأمام في مجال تطوير الرياضة، من خلال تنمية البنى التحتية والدعم.
تستخدم شيلان كمال رياضة كمال الأجسام لمحاربة التمييز الجنسي
المساواة بين الجنسين
ويقول رنجبر علي البالغ من العمر 45 سنة والذي يمارس ويدرّب رياضة كمال الأجسام في الصالة الرياضية نفسها التي تتدرّب فيها شيلان كمال، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه “سعيد” لرؤية المزيد من النساء يدخلن الصالات الرياضية وأن يرى البعض منهن “مثل شيلان يحطمن الحواجز والأفكار المسبقة، للوصول إلى مستوى عالمي”.
وهو أيضاً يدعو إلى المساواة بين الجنسين. ويقول الشاب الذي برزت عضلاته المفتولة تحت قميصه الرياضي الأسود، “إذا اعتقد البعض أنه من المخزي على المرأة أن تتباهى بجسدها وعضلاتها، فهذا ينبغي أن ينطبق أيضاً على الرجل”.
وتحلم شيلان كمال أن تصبح لاعبة كمال أجسام عالمية وأن تصبح أول امرأة كردية تخوض بطولة دولية لكمال الأجسام. وتعتقد أن على النساء عامةً وفي إقليم كردستان العراق خصوصاً، أن تحذو حذوها عبر النهوض وتغيير واقعهن ورفع الأثقال ليس من أجل صحتهن فحسب ولكن أيضاً من أجل التعامل مع قضية عدم المساواة بين الجنسين.
وتقول، “هذه الرياضة قاسية ومتعبة وتتطلب مجهوداً بدنياً عالياً وتركيزاً كبيراً وطعاماً صحياً بلا دهون ولا أملاح خصوصاً في الأيام التي تسبق البطولات”. وتدعو النساء إلى “الذهاب إلى الصالات الرياضية بدل صالونات التجميل، فالرياضة ستجعل أجسادهن أجمل وصحتهن أفضل”.