حرية – (11/5/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
مع إعلان استعادة العراق ما يقارب من 6 آلاف قطعة أثرية كانت معارة إلى بريطانيا منذ عام 1923 لأغراض الدراسة والبحث، يدعو مختصون إلى تهيئة المواقع الأثرية والاهتمام بها لتتحول إلى مناطق جذب للسياح داخلياً وخارجياً، للتعرف على تلك الكنوز التاريخية وهو ما سيساهم في تنشيط القطاع الاقتصادي للبلاد.
ويعمل العراق على إعادة جمع الأوليات لملفات الإعارة الأثرية لغرض الدراسة والصيانة والترميم، من خلال مخاطبة متاحف ومؤسسات ودول كانت هناك إعارة معها بهدف استرجاعها، بحسب رئيس هيئة الآثار والتراث د.ليث مجيد حسين، مؤكداً “وجود تجاوب مع تلك الجهات لإعادة حفظ جميع القطع الأثرية في المتحف العراقي”.
وعن الآثار المسروقة يشير حسين خلال حديثه له، إلى أن “قسما منها تمت استعادته والآخر ما يزال مجهول المصير، كما أن هناك آثارا تخرج من خلال النبش العشوائي لسراق الآثار، وهذه ليس فيها إحصائية لكونها غير مسجلة لدى هيئة الآثار والتراث”.
وكانت وزارة الخارجية العراقية، دعت الثلاثاء الماضي، إلى تعاون دولي لاستعادة الآثار العراقية المهربة وإيقاف المتاجرة غير المشروعة بها.
وقالت الوزارة في بيان ، “نتطلع إلى تعاون جميع الدول والمؤسسات والمنظمات الدوليَّة مع الجُهُود العراقيَّة لاستعادة كل قطعة آثار أخرجت من العراق بطريق غير شرعيَّة، وإيقاف المتاجرة غير المشروعة بها”.
وأكدت، أنَّ “الحكومة العراقيَّة كانت ولا زالت تحشد كل قدراتها لاستعادة قطع آثار الحضارة العراقيَّة التي جرى نهبها وإخراجها في مُختلِف الأزمان، ولن نذخر جهداً لملاحقة أي قطعة حول العالم، لأنها جزء من ميراث الشعب العراقيّ وثروته الثقافيَّة، ونتاجه الحضاري المشرّف”.
“إهمال الآثار”
ينبّه مختصون إلى أن المواقع الأثرية في العراق تعاني “الإهمال والعبث السرقة”، وتتحول من مناطق لجذب السياح، إلى مناطق متروكة طاردة لهم، ما يعني خسارة ثقافية واقتصادية للبلاد، “ولا يقتصر الإهمال وقلّة التنقيب على واقع الآثار في العراق، وإنما هناك عوامل بيئية أخرى تطال هذه الآثار”، وفق أستاذ تاريخ الفن القديم في الجامعة المستنصرية، د. محمد العبيدي.
وعن العوامل البيئية يوضح العبيدي ، أن “هذه الشواخص الأثرية والمباني القديمة قد تتعرض بسبب ارتفاع تركيز الأملاح في التربة والعواصف الرملية المتكررة إلى التآكل، فتغيب عنا أسرار هذه المدن، ما يستدعي من الحكومة دعم المؤسسات المعنية بهذا الموضوع لتلافي مثل هكذا مشاكل”.
بدورها تشدد الناشطة انعام الحمداني، على “ضرورة الاهتمام بالمواقع السياحية والأثرية لتنشيط الاقتصاد من خلال توفير أماكن راحة للسواح الأجانب القادمين من دول مختلفة إلى عموم المحافظات العراقية”.
وتدعو الحمداني خلال حديثها “وزارة السياحة، إلى التنسيق مع الشركات السياحية لنقل السواح إلى المناطق الأثرية وتهيئة المرافق السياحية المناسبة لهم”.
عقوبة التهريب
أوصل قانون تهريب الآثار الجديد “عقوبة المُتاجرة بالآثار إلى الإعدام، في حال كانت الدوافع لها إرهابية، أو كانت بالتنسيق مع إرهابيين”، وفق الخبير القانوني علي التميمي.
ويضيف التميمي “وحتى لو كان التنسيق عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي، فكل من يشارك في العملية يدخل في خانة الإرهاب وتهريب الآثار وفق المواد 47 و48 و49 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 69، ما يستوجب مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي والمطارات والمنافذ الحدودية”.
وأعلن الرئيس العراقي عبداللطيف رشيد في كلمة خلال احتفال جرى في مطار بغداد الدولي الثلاثاء الماضي لدى عودته من لندن مستصحباً معه 6 آلاف قطعة أثرية معارة الى المملكة المتحدة قبل مائة عام، أن “هذه القطع تعود لمراحل مختلفة من تاريخ حضارات العراق”.
وأضاف، أن “إعادة هذه القطع الأثرية من المملكة المتحدة تعد ثاني أكبر عملية استرداد للآثار عبر تاريخ العراق”، مؤكداً أنها “تجسّد الحرص على حماية الإرث الحضاري الذي يمثل الهوية الوطنية، والذاكرة التاريخية والحضارية للبلد ودلالاتها الإنسانية الكبيرة”.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية العراقية، أحمد الصحاف، ذكر في وقت سابق، أن الدبلوماسية العراقية نجحت في إعادة 34502 قطعة أثرية منذ العام 2019 وحتى الآن من دول الولايات المتحدة وبريطانيا وكوريا الجنوبية واسبانيا ولبنان ومدن بيرن وطوكيو ولاهاي وبرلين وروما.
ومنذ 2008 أعادت الولايات المتحدة أكثر من 1200 قطعة إلى العراق الذي تعرضت ممتلكاته الثقافية ومتاحفه إلى النهب بعد عام 2003.
وتعرضت الآثار العراقية بعد الاحتلال الأميركي عام 2003 لأكبر سرقة في التاريخ، حيث تم تهريب آلاف القطع منها خارج البلاد من قبل عصابات متخصصة.
ووفقا للإحصاءات الرسمية، فقد سرقت أكثر من 15000 قطعة أثرية من الكنوز العراقية التي تعود للعصر الحجري والعصور البابلية والآشورية والإسلامية، من المتحف الوطني العراقي في بغداد لوحده بعد الاحتلال الأميركي، فضلاً عن آلاف القطع التي سرقت من المتاحف في بقية المحافظات والمواقع الأثرية المنتشرة بمدن البلاد المختلفة نتيجة تردي الأوضاع الأمنية في تلك الفترة.
وتضرر التراث العراقي بالفعل جراء غياب القانون وعمليات السلب التي أعقبت الاحتلال الأميركي، ليزداد الوضع سوءاً بعد سيطرة تنظيم داعش على أجزاء واسعة من الأراضي العراقية عام 2014، بما في ذلك مواقع أثرية.
وقال مسؤولون عراقيون وغربيون في حينها إن قطعاً أثرية عراقية تُعرض في السوق السوداء، وإن مسلحي داعش يستعينون بوسطاء لبيع كنوز لا تقدر بثمن بعد اجتياحهم شمال البلاد.
واكتسب المسلحون قدراً من الخبرة في تجارة الآثار بعد سيطرتهم على مساحات واسعة في سوريا وحين سيطروا على مدينة الموصل في شمال العراق، حيث وضعوا أيديهم على نحو ألفي موقع أثري.
وحضارة بلاد الرافدين من أقدم الحضارات وجعلها موقعها بين نهري دجلة والفرات من أغنى مراكز الزراعة والتجارة ونقطة التقاء للحضارات.
وكانت نينوى وبابل، التي اشتهرت حدائقها المعلقة كواحدة من عجائب الدنيا السبع قديماً، موطنا للحضارة السومرية، التي منحت للعالم، الخط المسماري أول أشكال الكتابة الغربية قبل الميلاد بنحو 3100 عام.