حرية – (16/5/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
لا تزال الحكومة العراقية تنتظر مصادقة مجلس النواب على الموازنة العامة، وسط تخوّفها من طول أمد الانتظار في ظل تحديات تواجه برنامجها، إضافة إلى تجدد النزعة المطلبية في الشارع العراقي، ومن أبرزها المطالبة بتعديل سلم الرواتب، وهي إشكالية كبيرة لا تستطيع الحكومة تحمل كلفتها.
يواجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني ضغوطا متزايدة في ظل شكوك بشأن إقرار الموازنة العامة في الموعد المفترض أن يكون نهاية مايو الجاري، وتعقيدات طرأت على استفادة بغداد من نفط إقليم كردستان، على خلفية مماطلة تركيا في السماح بتدفقه مجددا عبر ميناء جيهان.
وتزامن الوضع الاقتصادي الضاغط مع بروز تحركات مطلبية في الشارع العراقي، على غرار تظاهر المئات من الموظفين قبل أيام للمطالبة بإقرار سلم رواتب جديد لتحقيق العدالة بين موظفي الدولة، وسط تلويح بتصعيد في حال لم تتم الاستجابة لذلك.
وأبدت قوى سياسية، بعضها ممثل في ائتلاف إدارة الدولة الذي يشكل المظلة السياسية الداعمة لحكومة السوداني، دعمها لمطالب المحتجين، الأمر الذي يعكس هشاشة هذه المظلة التي تنخرها الحسابات المتنافرة لممثليها.
وقالت نورس العيسى، النائب عن حزب تقدم الذي يقوده رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، إن “سلم الرواتب الحالي يسوده الإجحاف وغياب العدالة والغبن الذي يطال أغلب الموظفين في وزارات معينة مقارنة بأقرانهم في وزارات أخرى، وهو ما لا ينبغي له أن يستمر”.
واعتبرت العيسى في تصريحات صحفية أن “التفاوت الخيالي بين رواتب الوزارات كارثة أضرت بالواقع المعيشي للموظفين من الطبقات الدنيا والمتوسطة رغم الجهود الكبيرة التي يبذلها الموظفون من أصحاب الرواتب الدنيا”، مشيرة إلى أن “تدني الرواتب وتفاوتها خلقا مشاكل اجتماعية وحياتية جسيمة”.
وأوضحت أن “اللجنة المشكلة من وزارتي المالية والتخطيط هي المعنية بملف سلم الرواتب ولا علاقة له بقانون الموازنة” معتبرة أن “استمرار الحراك الشعبي هو أفضل الحلول للضغط على الحكومة والدفع باتجاه الإسراع بإقرار القانون في مجلس الوزراء وإرساله إلى مجلس النواب للتصويت عليه”.
وأكدت العيسى على دعم مجلس النواب للحراك الشعبي الذي يطالب بتعديل سلم الرواتب “لإنصاف شريحة واسعة من الموظفين من أصحاب الرواتب المتدنية وضمان العدالة والمساواة مع أقرانهم من نفس الاختصاص في وزارات أخرى”.
ويرى مراقبون أن هذا الموقف لحزب تقدم لا يخلو من حسابات سياسية في علاقة بالفتور الذي تشهده العلاقة بين الحلبوسي من جهة والسوداني وتحالفه الشيعي من جهة ثانية.
ويشير المراقبون إلى أن طرح مسألة تعديل الرواتب أمر إشكالي؛ ذلك أن العراق هو البلد الأكبر من حيث عدد الموظفين الحكوميين نسبة إلى مجمل القوى العاملة، والسير في هذه الخطوة يعني فرض أعباء إضافية على الموازنة العامة، التي يذهب نحو 75 في المئة منها إلى تسديد الرواتب الحالية.
ووفق الأرقام المعلنة يوجد ما يقارب 2.5 مليون موظف في القطاع العام المدني، إضافة إلى 1.75 مليون موظف في الأجهزة الأمنية التي تشمل وزارتيْ الدفاع والداخلية وجهازيْ المخابرات ومكافحة الإرهاب، وغيرها، وبالتالي فإن في العراق ما يقارب 4.5 مليون موظف حكومي.
ويقول المراقبون إن إثارة مسألة الرواتب في هذا التوقيت تشكل تحديا كبيرا تصعب معالجته بالنسبة إلى حكومة السوداني، التي لا تزال تنتظر إفراج مجلس النواب عن الموازنة العامة التي كانت قدمتها في مارس الماضي، وتشمل العام الحالي وعامي 2024 و2025.
وتخشى الحكومة أن يطول إقرار الموازنة، في ظل التباينات الكثيرة بين القوى السياسية حول بعض بنودها، الأمر الذي يعني تعثر البرنامج الحكومي الذي سطرته.
وأكد النائب عن محافظة واسط باسم نغيمش الغريباوي أن لدى نواب وسط وجنوب العراق موقفا ثابتا بعدم التصويت على الموازنة العامة للعام 2023 ما لم تحصل زيادة على تخصيصات محافظاتهم، مشيراً إلى أن تخصيص 2.5 تريليون دينار فقط لـ15 محافظة في الموازنة أمر “غير مقبول”.
وقال الغريباوي إن “محافظة واسط كسائر محافظات الوسط والجنوب، لكن لها خصوصية بكونها محافظة زراعية ونفطية تحتاج إلى الاستثمار في هذين المجالين، إضافة إلى الخدمات العامة”.
وبيّن أن “بعض مناطق محافظات الوسط والجنوب تعاني من نقص حاد في الخدمات لذلك هي بحاجة إلى زيادة التخصيصات لخدمة المواطنين”.
وتابع قائلا: “من غير المعقول حصول وزارة الإسكان والإعمار على 3 تريليونات دينار، في المقابل تخصيص 2.5 تريليون دينار فقط لـ15 محافظة”.
وأشار إلى أن “الحكومة تبنت في برنامجها الوزاري والحكومي دعم القطاع الزراعي، ولكن عند النظر في الموازنة يتبين تخصيص 1 في المئة أو أقل للزراعة”، متسائلاً “كيف يمكن بهذا المبلغ تطوير وتقدم هذا القطاع؟”.
ودعا الغريباوي إلى ضرورة إجراء مناقلة لرفع هذا الرقم، مشيراً إلى أن “اللجنة المالية استضافت نحو 20 وزيراً وسيتم إعلان النتائج النهائية خلال الأيام المقبلة حول أماكن إجراء المناقلة وملاحظات اللجنة المالية واستجابتها لملاحظات النواب”.
وعن قطاع النفط لفت الغريباوي إلى “وجود 17 حقلاً نفطياً في محافظة واسط، إلا أن المستثمر منها حقلا بدرة والأحدب فقط، لذلك نطالب الحكومة الاتحادية بشمول واسط بملحق الجولة الخامسة وأيضاً بالجولة السادسة، ليصبح هناك استثمار وتوفير أيد عاملة لأبناء المحافظة”.
وتأمل الحكومة في أن يعقد مجلس النواب جلسة خاصة الأسبوع الجاري للتصويت على مشروع قانون الموازنة الاتحادية العامة، بعد إنجاز اللجنة المالية تقريرها النهائي حول مشروع القانون.
“العرب اللندنية”