حرية -23/5/223
حمزة مصطفى
لا يهتم المواطن البسيط لما يسمى “البروتوكول”. ولا يعرف ان كان في كل رئاسة من رئاسات الدنيا دائرة إسمها دائرة المراسم تحدد خط سير الرئيس وكيف يمشي ومتى يلتفت على العلم ومتى يهز رأسه هزة خفيفة مع إنحناءة مجاملة لايعترف بها بداخله. كما لايعرف المواطن البسيط أن الذي يحدد كيف يقف الرئيس ومتى “يدكم سترته زين” مو “يفضحنا” بين “الوادم” أو يمشي واثق الخطوة ولا ينحرف يسارا بينما يتوجب عليه الإتجاه يمنيا خشية أن يقول له عنجر “ولك هي هاي يمنة” هو موظف بدرجة مدير, عام وعينه على منصب سفير في وزارة الخارجية في لواحق الأيام إن بقيت للأيام لواحق في ظل “جيب عمك جيب خالك” بدلا من الرشيق اللطيف اللبق بالإنكليزي الذي لايستطيع مزاحمة “لابس الدشداشة” مع “كرش مرتب”. كل هذه الأمور لايعرفها المواطن البسيط الذي يريد الماء والكهرباء وكيلو العدس الحسن.
النخبة التي تضم في العادة المواطنين المعقدين هي التي تحتاج دائما “عزا تلطم بيه”. آخر “عزا مرتب” لطمت به هذه النخبة هي الصورة التي ظهر بها رئيس الوزراء محمد شياع السوداني في قمة جدة بالمملكة العربية السعودية. النخبة تركت خطاب السوداني “المرتب حيل” والقوي فعلا بالقياس الى خطب العديد من الرؤساء العرب وممثلوهم في القمة والتي لاتكاد تخرج عن الثوابت التقليدية للقمم العربية من “قالوا بلى” و”جلبت” بالبروتوكل وكأنه في حال ضبطه سوف تحل مشاكل الجفاف والتصحر وقضية مثلث برمودا. السوداني في كلمته طرح رؤية جديدة لكيفية الإنتقال بالعمل العربي المشترك نحو أفق جديد عبر الدعوة لتشكيل “تكتل إقتصادي عربي مشترك”. كما دعا الجامعة العربية أن تأخذ دور الريادة في العمل العربي المشترك. أي أنه يريد لهذا العمل العربي المشترك أن لا يبقى أسير الماضي التقليدي وأن ينتقل الى مرحلة جديدة تنسجم مع المتغيرات الدولية التي يمكن أن تهئ الأرضية لقيام تكتل إقتصادي عربي تلعب فيه الجامعة دورا يشبه الدور الذي يلعبه الإتحاد الأوربي في المجموعة الأوربية.
قضايا كثيرة مهمة طرحها السوداني بالقمة العربية بلسان عربي مبين لا لكنة فيه ولا لحن. كل هذه الأمور لفتت إنتباه المواطن البسيط الذي وجد في رئيس وزرائه إمكانية جيدة في تمثيله في المؤتمرات الإقليمية والدولية. فالرجل لايزال شابا, مرتبا, “ملو هدومه” أو كاريزما كما تقول النخبة. لكن النخبة أو المواطنون المعقدون لم يقفوا عند هذه الأمور والقضايا ولم يربطوا بينها وبين مايمكن أن يترتب على ماذهب السوداني من أجله الى قمة جدة. النخبة كانت تنتظر أمرا آخر. تنتظر “الهفوات” أو زلات اللسان لكي تندب حظها وحظ العراق. السوداني وقف مع الأمير محمد بن سلمان لإلتقاط صورة “أشو بس العلم السعودي”. وبينما كانت تعد العدة للهجوم المقابل وكإنها تريد إستعادة باخموت حتى وقف في نفس المكان الرئيس بشار الأسد والملك عبد الله الثاني وإسماعيل عمر جيله “ولمن لايعرفه الرئيس الجيبوتي” وعبد الفتاح السيسي وقيس سعيد وكلهم بلا علم سوى العلم السعودي. إخوان هذا اللقاء مكان التقاط الصور بس “خوما كلما يجري رئيس تركض المراسم تجيب علم دولته”. أسقط بيد النخبة. جلس السوداني بشاربه الأسود الكثيف ونظراته الحادة ولم يحصل شيء. أعطاه الأمير محمد بن سلمان الكلمة فالقاها برهاوة يحسد عليها في قمة تضم زعماء وتبث على الهواء. أسقط بيد النخبة. المواطن البسيط فرحان لانه يرى رئيس وزرائه يجلس واثقا من نفسه. ولأن “الله مايكطع” فقد جاء الرزق الى النخبة.. حار ومكسب ودليفري وعبر الأقمار الصناعية. ضجت كروبات النخبة ومواقع التواصل والتنافر بحديث الصورة. لماذا لايوجد رئيس الوزراء بالصورة الرسمية؟ لماذا وقف بالصف الأول ومكانه بروتوكوليا الصف الثاني. لماذا حذفت صورته من الموقع الرسمي؟ أخوان السبب هو البروتوكول. مع ذلك يستمر الجدال. لماذا وقف؟ ولماذا لم يقف؟ لماذا لم يلتزم بالبروتوكول؟ هل لو وقف في الخط الثاني كان سلم من النقد حيث ينبري المدافعون عن مكانة العراق وعمقه التاريخي والحضاري من حمورابي و”حط
أيدك”. ولماذا حين تقدم الى الصف الأول صمت المدافعون عن مكانة العراق الحضارية وعمقه التاريخي منذ نبوخذ نصر الى أوتوحيكال بينما وجه سهام النقد لأن الصورة حذفت. أين كان ينبغي أن يقف؟ كيف يقف؟ مع من يقف؟ هل من الضروري أن يقف؟ لا أحد يجيب.