حرية – (11/6/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
ذكرت صحيفة “ميترو” البريطانية أن ملفات رفعت عنها السرية اظهرت ان المسؤولين البريطانيين تجاهلوا “قصص الأشباح” التي كانت تقدمها وكالة المخابرات الامريكية “سي اي ايه” واستخفوا بتقييماتها حول قوة وخيارات صدام حسين العسكرية قبل حرب الخليج في العام 1990.
وأوضح التقرير البريطاني أن بريطانيا ودول حليفة أخرى، شعرت بالقلق إزاء التحذيرات المبالغ فيها من جانب “سي آي إيه” حول احتمال قيام الديكتاتور العراقي بتوجيه ضربة استباقية في الوقت الذي يستعد فيه التحالف الدولي لانتزاع الكويت من قبضته في العام 1990.
وبحسب التقرير فان الوثائق التي تحمل علامة “سرية” ومخصصة للاطلاع البريطاني فقط، ، نقلوا الى لندن المعلومات السائدة في واشنطن من جانب المحللين بان صدام حسين قد يستغل تاريخا رمزيا لتوجيه ضربة “دراماتيكية” الى دولة مجاورة، وان هذه التواريخ شملت كما حددتها “سي اي اي” الأمريكية تاريخ 6 اكتوبر/تشرين الاول (ذكرى الحرب العربية-الإسرائيلية 1973)، و23 اكتوبر/تشرين الاول (ذكرى تفجير مقرات المارينز في بيروت العام 1983)، و20 نوفمبر/تشرين الثاني التي تصادف ذكرى سيطرة مسلحين على المسجد الحرام في السعودية.
واوضح التقرير ان مسؤولين في وكالة “سي آي ايه” اطلعوا مسؤولين من دول التحالف على هذه التقديرات في واشنطن في 3 اكتوبر / تشرين الاول العام 1990، بعد شهرين من غزو العراق لجارتها الكويت، مما دفع التحالف الى التفكير في الخيارات العسكرية والدبلوماسية.
وتابع التقرير أن الرئيس الفرنسي آنذاك فرانسوا ميتران بحث في امكانية التوصل الى اتفاق سلام في ظل مخاوف من أن يعمد صدام حسين الى اللعب باوراق من بينها استخدام الرهائن كدروع بشرية أو القيام بعمل عسكري في اسرائيل او الاردن لجر المزيد من الدول الى الصراع.
ونقل التقرير عن السفير البريطاني الاسبق لدى واشنطن أنطوني آكلاند قوله إنه برغم أن قوات صدام حسين كانت في موقف دفاعي وقتها، إلا أن بعض المحللين في واشنطن اصبحوا مهووسين بفكرة التهديد بالضربة الاستباقية.
وجاء ذلك فيما كان يتم حشد مئات الآلاف من الجنود من الدول الغربية والعربية بالقرب من الكويت في حين وضعت الولايات المتحدة خطة معركة لما أصبح يعرف باسم عملية “عاصفة الصحراء”.
وبحسب رسالة آكلاند التي ارسلت الى مجلس الوزراء البريطاني، وهو كان ممثلا للجنة الاستخبارات المشترك (JIC)، فان وكالة “سي آي ايه” لم تكن تعتقد ان صدام حسين يعتقد أن مناوراته قد استنفدت، وأنه كمثال على ذلك محاولاته الاستفادة من خطاب ميتران.
ويقول آكلاند؛ ان صدام حسين كان لا يزال يراهن على ورقة الرهائن، كما أنه لم يتخل تماما عن فكرة المراهنة على ايران، وان مسؤولي “سي اي ايه” اصبحوا اقل ثقة بتقييماتهم مما كانوا عليه في السابق، مشككا في الوقت نفسه، بجدية التعامل مع التواريخ المقترحة والتي وصفها بان “بعضها يبدو بعيد المنال الى حد ما”.
وانتقد المسؤول البريطاني الاميركيين موضحا أن انطباعه هو أنهم يبالغون في الإفراط بالتحليل ويتبادلون بين بعضهم البعض قصص الأشباح، ويلفت ايضا الى ذهول سفراء استراليا وكندا من التقييمات التي طرحها الأمريكيون في إحدى الجلسات مع “سي آي ايه”.
واوضح التقرير؛ ان السيناريوهات التي تصورتها الولايات المتحدة في ذلك الوقت تضمنت استخدام صدام “للسلاح الارهابي” او توسيع الأعمال العدائية في البلدان المجاورة.
وبحسب وثيقة السفير البريطاني الاسبق فإن من بين الاحتمالات كانت الهجوم المباشر على اسرائيل، الا انه احتمال بعيد على الارجح بالنظر الى احتمال حدوث “رد اسرائيلي ساحق”. وتابع قائلا ان الخيار الأكثر ترجيحا كان يتمثل بإرسال قوات عراقية إلى الأردن (بموافقة اردنية او من دونها) بذريعة ان الاردن قد يتعرض لهجوم وشيك من اسرائيل.
ويتابع السفير آكلاند ان صدام حسين كان يستهدف من هذه الخديعة “استباق هجوم عليه في الكويت من خلال خلق أزمة سياسية في الاردن -اسرائيل قد تضعف المشاركة العربية في التحالف”.
واشار التقرير الى انه كانت هناك ملاحظة مكتوبة على البرقية نفسها، كتبها مسؤول آخر قائلا “انا سعيد لاننا لم نصاب بالحمى المفاجئة خلال الأيام القليلة الماضية، وتبدو التواريخ المحددة التي يذكرونها (الامريكيون) كتواريخ محتملة لهجوم عراقي غير ضرورية بالنسبة لي”.
وتابع التقرير أن الاختلافات بين تقييمات المخابرات البريطانية والامريكية تمثلت أيضا في التنبؤ بالمدة التي قد يستغرقها صدام لشن ضربة استباقية، فبينما قدرت وكالة “سي آي ايه” ان التغيير في الموقف الدفاعي للعراق، سيستغرق ثلاثة ايام الا ان بريطانيا وجدت أن ذلك قد يكون “أقل بكثير”.
ونقل التقرير عن ضابطة استخبارات سابقة في الجيش البريطاني خلال حرب الخليج فيونا غالبريث، من جامعة باكينجهامشير الجديدة، قولها إن الوثائق تعكس النهج المختلف للطرفين، الأمريكي والبريطاني، في اتخاذ القرارات، موضحة “ان الوثائق تعكس الخصائص العامة لما يمكن ان تصفه بالعم سام والاسد البريطاني”، مضيفة ان “البريطانيين بشكل عام أكثر رزانة وهذا ينتقل الى عالم الاستخبارات.