حرية – (14/6/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
عادت قضية سرقة أموال التأمينات الضريبة المقدرة بنحو 2.5 مليار دولار (سرقة القرن) إلى واجهة الاهتمامات الشعبية العراقية بعد قيام وزارة المالية برفع إشارات الحجز عن المتهم الرئيسي في السرقة نور زهير وزوجته، في خطوة أثارت مزيداً من الانتقادات الشعبية المشككة أصلاً بقدرة السلطات على استعادة الأموال المسروقة؛ ذلك أن المبلغ اليتيم الذي أعلن رئيس الوزراء محمد السوداني عن استعادته في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كان 182 مليار دينار عراقي فقط (نحو مليون و200 ألف دولار).
وبحسب الكتاب الرسمي «المسرب» الصادر عن وزارة المالية والهيئة العامة للضرائب والمؤرخ في 12 يونيو (حزيران) الحالي، فإنهما يطلبان من نحو 20 مؤسسة حكومية، تتوزع بين وزارات وهيئات ومصارف حكومية، رفع إشارات الحجز عن 46 عقاراً تعود ملكيتها للمتهم نور زهير وزوجته رؤى حسين سبهان، بحسب نص الكتاب الرسمي. ويلاحظ أن العقارات المطلوب رفع الحجز عنها تتوزع في أرقى أحياء العاصمة بغداد ومحافظة البصرة.
وكانت قضية «سرقة القرن» فُجّرت في عهد رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، وأُلقي القبض على زهير في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، ثم أفرج عنه إفراجاً مشروطاً بإعادة الأموال المسروقة. ودافع القضاء وقتذاك عن قرار الإفراج بالقول: «إن عملية إطلاق سراح نور زهير، أحد المتهمين بسرقة الأمانات الضريبية بكفالة مالية، تمت استناداً لما ورد بقانون أصول المحاكمات الجزائية بعد أن أبدى استعداده لتسليم المبالغ المالية المترتبة بذمة شركاته وإجراء التسوية المالية البالغة أكثر من تريليون وستمائة مليار دينار خلال فترة زمنية محددة». لكن المبلغ المستعاد حتى الآن لا يمثل إلا أقل من نسبة واحد بالمئة من إجمالي المبلغ.
ورغم كل اللغط الذي يدور حول «سرقة القرن» منذ أشهر ورغم الانتقادات الشعبية الشديدة التي توجه للسلطات العراقية، ورغم كلام الأخيرة عن مساعيها لاستعادة المبالغ المنهوبة، فإن تقدماً جدياً لم يحرز حتى الآن، وما زالت القضية من بين أكثر السرقات الكبرى التي تحاط بجدار سميك من التكتم وعدم الوضوح، وينتشر كلام كثير حول تورط أحزاب وجماعات نفوذ وسطوة سياسية في السرقة ما يحول دون الكشف عن ملابساتها.
وفي نهاية شهر نهاية مايو(أيار) الماضي، اتهم وزير المالية السابق علي علاوي «مسؤولين رفيعي المستوى» داخل الحكومة بالتواطؤ مع «سرقة القرن». لكن علاوي هو الآخر متهم بالتورط في القضية وقد عليه القضاء في، مارس (آذار) الماضي، مذكرات قبض وتحرٍ قضائية على خلفية «سرقة القرن»، إلى جانب مذكرة شملت مدير مكتب رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي.
وقال علاوي فيما يشبه المرافعة الطويلة المؤلفة من 200 صفحة حول السرقة: «المرحلة الأولى من السرقة بدأت في أوائل عام 2021، وانطوت على إصدار توكيلات مزورة من شركات لديها أمانات حقيقية تعطي الوكيل المزيف حق استحصال الأمانة».
وأضاف: «وتضمنت المرحلة الثانية استخدام شركات مزيفة للوصول إلى معاملات الأمانات الضريبية المشروعة، بينما اشتملت المرحلة الثالثة والأخيرة والأكبر، على الاحتيال والسرقة الصريحين».
وأشار علاوي إلى أن «الجناة نظّموا خمس شركات حديثة الإنشاء أو مهملة، لغرض الحصول على الأمانات الضريبية، وأن هيئة الضرائب أصدرت أكثر من 247 صكاً منفصلاً لمعاملات استرداد الودائع الضريبية بشكل غير قانوني لهذه الشركات».
لكن الباحث المقيم في الولايات المتحدة رياض محمد لاحظ في وقت سابق، وفي معرض تعليقه على «مرافعة» وزير المالية السابق، أنه «ورغم أنه آمن في لندن ورغم أن التهم قد وجهت إليه في هذه السرقة، يرفض تسمية الفاعلين والمتورطين في هذه الفضيحة وكأنهم أشخاص مجهولون».
وأوضح علاوي، أن مصرف الرافدين «عمد إلى صرف الصكوك لصالح الشركات المزيفة بعد تلقيه تأكيدات عن صحة صدور هذه الصكوك من مدير عام هيئة الضرائب»، مبيناً أن «”الأموال المكتسبة بطريقة غير مشروعة، سحبت نقداً».
وذلك بمجمله يعزز القناعات الشعبية الشائعة من عدم إمكانية محاسبة المتورطين أو استعادة الأموال المسروقة، وجاءت عملية رفع الحجز عن أموال المتهم نور زهير لتعزز هذه الفرضية الشعبية، رغم الأعذار التي تقدمها السلطات بهذا الاتجاه والتي تركز على قضية «منح المتهم القدرة على بيع أمواله، وتالياً قدرته على إعادة المبالغ المسروقة في ذمته».