حرية – (25/6/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
في طفولة كثيرين من حول العالم، غالباً ما كانت النيران أمراً مثيراً للاهتمام وجاذباً للانتباه. فهي زاهية ومتراقصة ويمكنها التهام أي شيء تقريباً في ثوانٍ معدودة.
لذا قد يتورط كثير من الأطفال في اللعب بعود ثقاب، وقد يستمر الأمر إلى حين الوقوع في المتاعب وتلقي التوبيخ من الأهل، أو لحين التعرض لأول لسعة إصبع عن طريق الخطأ.
على الرغم من شيوع هذا السلوك، خاصة في المراحل العمرية المبكرة بحُكم شعور الأطفال بالفضول والإثارة، فإن هناك حالة مشابهة قد تصاحب الشخص مدى حياته.
إذ قد تسبب تلك الحالة اضطرابات واسعة في مراحل النضج والبلوغ، ويكون دافعها القوي هو شعور قهري نابع من حالة عقلية غير طبيعية، وهو ما يُعرف باضطراب “هوس إشعال الحرائق” أو (Pyromania).
ما هو “هوس إشعال الحرائق”؟
هوس الحرائق هو نوع من اضطرابات السيطرة على الانفعالات، وبحسب مصادر علم النفس والصحة العقلية المتخصصة فهو يتميز بعدم القدرة على مقاومة إضرام الحرائق كأنها سلوك قهري مُلحّ.
يعرف الأشخاص المصابون بهوس الحرائق أن إشعال النيران أمر ضار وخطير، لكن إشعال الحرائق بالنسبة لهم هو الطريقة الوحيدة لتخفيف التوتر أو القلق أو تفريغ الطاقة المكبوتة لديهم، ثم يشعرون بالرضا أو الارتياح بعد إشعال النار في شيء ما.
ويندرج هوس إشعال الحرائق ضمن مجموعة من الاضطرابات التي تسمى بالاضطرابات التخريبية واضطرابات السلوك والتحكم في الانفعالات، وهو يستمر مدة طويلة من عمر المصاب ويتسبب في كثير من المشكلات.
أسباب الإصابة بالاضطراب
هناك عدة عوامل تزيد من خطر الإصابة باضطراب هوس إشعال النيران وفقدان السيطرة على الانفعالات أو السلوك، وضمن ذلك:
- التعرض للاعتداء الجسدي.
- التعرض للعنف الجنسي.
- المعاناة من الطفولة المؤلمة والتعرض لأبوة أو أمومة قاسية.
- العيش مع الآباء الذين يعانون تاريخاً من الإدمان أو الجرائم.
هذه العوامل تزيد من فرص الإصابة، ومع ذلك تظل أسباب الإصابة بالاضطراب غير معروفة، لأن هوس الحرائق غالباً ما يرتبط بحالات نفسية أخرى، مثل اضطرابات المزاج أو اضطرابات تعاطي المخدرات واضطرابات التحكم في الانفعالات بالإدمان السلوكي.
ويُعتقد أنه قد يكون مرتبطاً بواحد أو أكثر من المشكلات التالية:
1- المعاناة من اضطرابات نفسية أخرى
غالباً ما يعاني الأشخاص المصابون بهوس الحرائق من مشاكل نفسية أخرى. قد يكون القلق أو تعاطي المخدرات أو الإدمان أو الاكتئاب أو اضطراب نقص الانتباه أو اضطرابات المزاج أو صعوبات التعلم.
2- العوامل الوراثية
هوس الحرائق نوع من اضطراب السيطرة على الانفعالات، ويبدو أن هناك عاملاً وراثياً لهذه الأنواع من الاضطرابات. فالأشخاص الذين يعانون من اضطرابات السيطرة على الانفعالات مثل هوس الحرائق أكثر عرضة لأن يكون لديهم أقارب يعانون من أمراض نفسية مختلفة.
3- كيمياء الدماغ
ينتج الدماغ مواد كيميائية تتحكم في طريقة التفكير والتصرف والشعور، وبالتالي قد يكون الأشخاص الذين يعانون من اختلال التوازن الكيميائي في أدمغتهم أكثر عرضة للإصابة بهوس إشعال الحرائق.
الأعراض الأكثر شيوعاً
إضافة إلى ذلك، يعاني الأفراد المصابون بهوس الحرائق من التوتر والإثارة العاطفية قبل إشعال النار. وقد تشمل الأعراض الأخرى:
- الانبهار بالنار، الذي قد يشمل الاهتمام والفضول والانجذاب.
- مراقبة الحرائق في الحي أو إطلاق الإنذارات الكاذبة.
- قضاء الوقت في إدارة الإطفاء المحلية، أو إشعال الحرائق ومحاولة إدارة الإطفاء، أو حتى الرغبة في العمل كرجل إطفاء بشكل ملحّ.
- الشعور بالمتعة أو الراحة عند نشوب حريق ومشاهدة آثاره.
- الرغبة القهرية في رؤية الأشياء تحترق حتى وإن تسبب ذلك بمخاطر.
هوس إشعال الحرائق عند الأطفال والمراهقين
لا يتم تشخيص هوس الحرائق في كثير من الأحيان حتى بلوغ سن 18 عاماً تقريباً، على الرغم من أن أعراضه قد تبدأ في الظهور عند سن البلوغ. وتشير الأبحاث العلمية وفقاً لموقع “هيلث لاين” (Healthline) للصحة والمعلومات الطبية، إلى أن ظهور هوس الحرائق يمكن أن يحدث مبكراً جداً في الطفولة، بداية من سن 3 سنوات.
ولكن يمكن أن يحدث الهوس بإشعال الحريق كسلوك أيضاً عند الأطفال لعدد من الأسباب غير المتعلقة بالاضطرابات النفسية أبداً، بل لمجرد الشعور بالفضول أو الملل أو حتى الرغبة في التمرد. وهذا يعتبر تطوراً طبيعياً للتقدم في السن يُطلق عليه “وضع فضول النيران”.
أما إذا أصبح إشعال الحرائق مشكلة ومصدراً للخطر، أو كان لدى الأطفال نية لإحداث أضرار جسيمة، فغالباً ما يتم التحقيق في الأمر باعتباره أحد أعراض حالة أخرى يعاني منها المصاب، مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه أو اضطرابات السلوك، بدلاً من هوس الحرائق.
خطوات العلاج والسيطرة على الأعراض
يُعد العلاج النفسي والعقلي الفوري للمعاناة من هوس إشعال الحرائق أمراً أساسياً لتجنب خطر الإصابة أو تلف الممتلكات أو حتى التعرض للسجن أو مخاطر الموت.
ووفقاً لموقع “فيري ويل مايند” (Very Well Mind) للصحة والطب، تُعد الطريقة الوحيدة لعلاج هوس الحرائق هي العلاج السلوكي المعرفي مع طبيب نفسي متخصص، الذي يعلّم الشخص أن يعترف بمشاعر التوتر التي يمكن أن تؤدي إلى إشعال الحرائق وإيجاد طريقة أكثر منطقية وأقل خطورة للتخلص من هذا التوتر.
كما يمكن أن يساعد العلاج الأسري للمصاب وعائلته المقربة على فهم الاضطراب مع تعليمهم أيضاً كيفية الحفاظ على أمان الأسرة وحماية الشخص المصاب من نفسه.
ومن العلاجات الطبية للاضطراب، استخدام مثبطات استرداد السيروتونين الانتقائية والأدوية المضادة للصرع ومضادات الذهان وغيرها من العقاقير التي عادةً ما تستخدم في علاج اضطرابات القلق والاكتئاب وبعض الأمراض العقلية.