حرية – (3/7/2023)
اشترك في قناة حرية الاخبارية على التيليكًرام ليصلك كل جديد
حسن حسين جواد الحميري
بعد انتهاء الخلافة العثمانية وزوالها وابتداء من دولة تركيا الحديثة على يد اتاتورك (وليس على يد العرب كما يشاع) وتحقيقا لارادة الحلفاء بعد الانتصار على المحور( ألمانيا والدولة العثمانية) وبعد أن اصبحت ارض العرب اوطانا مجزأة قد حكم ثلاث دول منها ثلاثة أخوة هم اولاد الشريف كل من علي وفيصل وعبدالله فيما حكم مناطق أخرى آخرون اصبحت لهم صلات متميزة مع المحتلين الجدد إذ حكمت نجد والحجاز فيما بعدمن قبل ال سعود والكويت من قبل ال الصباح وكذا البحرين والمشايخ او المحميات التي كونت فيما بعد دولة الإمارات العربية المتحدة عام ١٩٧٠ وكذا سلطنة عمان التي تعتبر أسرة ال سعيد اقدم سلالة عربية حاكمة لحد الان ويصدق الحال بهذا الشأن على منطقة اليمن .. وكانت مصر تعتبر جزاء من الدوله العربية المستقبلية التي وعد بها الشريف حسين،اما دول المغرب العربي فقد كانت خارج هذا الإطار العربي الذي سيقام.
كان الدولة العثمانية تسيطر على الوطن العربي باسم الإسلام ولم يكن هناك ضيرا لدى الشعوب العربيةمن ذلك لان النظرية السائدة انذاك والتي كانت مسيطرة على الفكر الإنساني هي الرابطة الدينية، فما وحد دولة ال عثمان هو الرابطة الإسلامية وما فككها هو انتهاء هذه الرابطة اما الإمبراطوريات الأوربية فما يوحد بين ابناؤها فهو الدين المسيحي.. فاالإمبراطورية البريطانية ترتكز على المذهب البروستانتي والإمبراطورية الروسية وتعتمد على المذهب الارذثوكي والإمبراطورية النابليونية ترتكز هو المذهب الكاثوليكي والأطار العام لهذه الإمبراطوريات هو الدين المسيحي .ان اية إمبراطورية او دولة أو مجموعة اذا افتقدت العنصر الذي وحدها بالأساس فانها تتفكك كونه هو العامل الاساس والذي جعلها تتمحور حول بعضها وتتازر ووتكاتف.
بعبارة أخرى ان اية مجموعة او كيان سوف يتمزق وينتهي اذا فقد فلسفة تكوينه.. وبناء على هذا مثلا يمكن القول ان الديمقراطيات الغربية او دولها بمافيها الولايات المتحدة الأمريكية سوف تتلاشى اذا افتقدت إلى العدل والاخاءوالمساواة وهذه المتغيرات الثلاثة هي السبب التي ادت إلى نشوء الدولة الإسلامية ايام قوتها وعظمتها وهي الاسباب ذاتها التي ادت إلى ضياع الأندلس ونشوء الدول الإسلامية اللاحقة التي اتسمت بالضعف والفرقة والانحطاط الخضوع للاجنبي احيانا وهي السبب في انهيار الدولة العثمانية واستقلال القوميات الأخرى ضمن كيانات مستقلة تحفظ حقوقها ومن ضمن هذه القوميات العديدة التي طالبت بحقوقها كانت القومية العربية.. وهذا حال اية دولة قديما او حديثا.. فشعور المواطن انه يعيش في وطن يحقق له العدل والمساواة مع الآخرين هو عامل مهم في استقرار ذلك البلد وتطوره وتقدمة.
وقد يسأل سائل وماهي فلسفة الانظمة العربية بعد الربيع العربي.. هنالابد من الإشارة إلى أن هذه الانظمة التي حكمت المواطن العربي منذ خمسينات القرن المنصرم كانت على نوعين أحدهما تقليدي وهو نظام المشيخة او الملكية والذي ينتقل فية الحكم بالوراثة وفي هذا النوع شى من الحرية والنوع الثاني هو النظام الثوري او الانقلابي الذي يأتي عن طريق الاطاحة بالملك وزاحته عن عرشه بالقوة كما حصل في مصر عام ١٩٥٢ والعراق في ١٩٥٨ واتسمت الانظمة الثورة بالدكتاتورية عدم فسح المجال للرأي الاخر فالغيت البرلمانات وقيدت حرية الصحافة والاعلام واصبحا يدوران في فلك الحاكم ويسبحان بحمده..وكانت هذه الانظمة الرديكالية تشكل خطرا على المصالح الغربية وإسرائيل لعدم وجد كابح لجماحها..
اما بعد الربيع العربي فالأمر قد اختلف جذريا فالانظمة التي جاءت بعده اتسمت الديمقراطية والأخذ بالرأي الاخر ووجود مؤسسات ديمقراطية كالبرلمان والمحكمة الدستوري وقضاء مستقل.. ووجود أحزاب سياسية فاعلة ومؤثرة لها جمهورها الواسع فلا وجود للشرعية الثورية التي تصادر حق المواطن في التعبير عن رأيه وإنما هناك الشرعية الديمقراطية البرلمانية المتاتية من انتخابات تقارب الواقع وتاتي بالحاكم الذي يعبر عن ارادة الشعب وان عجز عن ذلك فمصيره العزل من قبل الشعب و منظماته المدنية..
وعليه ان الحاكم السياسي لم يعد استطاعته ان يشن هجوما على دولة أخرى دون اخذ موافقة الاحزاب والكتل الأخرى الفاعلة..
أعتقد أن الدول العربية بعد ان ازيلت اغلب الانظمة الدكتاتورية سوف تاخذ بهذا النظام الديمقراطي.. وقد سبقت دولت لبنان الدول العربية في هذا المجال ومن ثم لحق بها العراق وتونس وليبيا وسوف يلحق بها السودان.