حرية – (13/8/2023)
تدر علاجات جديدة لإنقاص الوزن أرباحاً كبيرةً على شركات الأدوية، وتثير آمالاً كبيرة بمحاربة هذه الآفة الصحية العالمية، في وقت تحذّر فيه هيئات صحية من أن مشكلة السمنة في طريقها للاتساع خلال العقدين المقبلين، الأمر الذي يمثل تحديات أمام الأنظمة الصحية للدول.
تُعد السمنة مرضاً مزمناً، وقد يسبب أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري، وبعض أنواع السرطان، ومضاعفات في حال الإصابة بعدوى مثل كورونا، وبما أن علاجها صعب، فهي مكلفة أيضاً، ولا تتعلق أسبابها بنمط الحياة فحسب، بل قد تكون أيضاً عائدة إلى عوامل وراثية.
فمنذ الجيل الأول للعلاجات المخصصة لإنقاص الوزن التي طوِّرت حتى الستينيات، ارتفعت معدلات السمنة بشكل مطرد، كما أن الأبحاث بشأنها تقدّمت، وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الفرنسية.
وإضافة إلى فعاليتها ضد السكري، تساهم الأدوية الحديثة المضادة للسمنة في إنقاص وزنٍ أكبر بكثير من الأدوية المتوافرة، مع آثار جانبية أقل حدة (غثيان وإسهال)، كما أنها تظهر فائدة في تقليل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
تحاكي هذه الأدوية هرموناً تفرزه الأمعاء (GLP-1) لإعلام الدماغ بالشبع بعد تناول الطعام، وأدوية مثل هذه تدر الأموال على الشركات المصنعة لها.
مجموعتا “إيلي ليلي” الأمريكية و”نوفو نورديسك” الدنماركية للصيدلة، شهدتا ارتفاع مبيعاتهما في الربع الثاني، بفضل أدويتهما المخصصة لتحفيز خسارة الوزن والتي تزداد شعبيتها.
في أبريل/نيسان 2023، أكدت مجموعة “إيلي ليلي” أن منتجها المضاد للسكري والذي يسوّق تحت اسم “مونجارو” (tirzepatide) يساهم أيضاً في إنقاص الوزن (أكثر من 15%).
نظراً إلى حجم السوق في أمريكا، حيث يعاني 40% من البالغين من السمنة، فإن صدور الضوء الأخضر المحتمل عن الإدارة الأمريكية للأغذية والعقاقير بحلول نهاية العام، لتسويق هذا الدواء لمكافحة السمنة، سيكون بمثابة دفع تجاري للمجموعة، بعدما قاربت مبيعاتها من “مونجارو” مليار دولار في الربع الثاني وحده.
أكاش باتيل، المحلل لدى “غلوبل داتا”، قال إنه “سيقدَّم العلاج من دون شك على أنه بديل لجراحة السمنة، إذ ساهم مونجارو بخسارة وزن بالمستوى نفسه”.
كذلك وبالنسبة إلى مجموعة “نوفو نورديسك”، يبدو المستقبل مشرقاً، إذ أظهرت دراسةٌ هذا الأسبوع، أن علاج السمنة “ويغوفي” (semaglutide) الذي ازدادت مبيعاته أكثر من أربع مرات في الربع الثاني، قلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
قد يكون ذلك كافياً لإقناع شركات التأمين عبر الأطلسي، بتغطية هذه العلاجات التي تستجيب لمشكلات صحية حقيقية وليس فقط للرغبة في إنقاص الوزن، لكن “إحدى العقبات الرئيسية التي تحول دون وصول المريض إلى أدوية GLP-1 هي التكلفة”، كما قال الاتحاد الأمريكي للصيادلة.
يبلغ سعر هذه الحقن التي تعطى تحت الجلد مرة واحدة في الأسبوع، أكثر من 10 آلاف دولار سنوياً، ومن بين الوسائل التي من شأنها خفض التكلفة وتبسيط تناول الدواء، تطوير أقراص تؤخذ عن طريق الفم يومياً، وهو مسار تتقدم فيه “نوفو نورديسك” في دراساتها السريرية، كما تسعى “إيلي ليلي” وكذلك “فايزر” إلى تطوير حلول مماثلة.
يأتي هذا فيما يتوقع الاتحاد العالمي لمكافحة السمنة أن يصل عدد الذين يعانون زيادة الوزن أو السمنة إلى نصف سكان العالم (51 %) بحلول عام 2035، ووفقاً لحساباته، فإن التأثير الاقتصادي العالمي سيكون مدمّراً بالمقدار نفسه، إذ قد يتجاوز أربعة آلاف مليار دولار سنوياً.