حرية – (20/8/2023)
تُسرّع الحكومة العراقية وتيرة استعادة مواطنيها من مخيّم الهول، في ما يمكن أن يمثّل إحدى أهمّ خطوات تفكيكه، نظراً إلى تشكيل هؤلاء أكثر من نصف أعداد قاطني المخيم.
وبدأ ذلك التسارع منذ منتصف العام الحالي، بإقامة مؤتمر خاص لبحث خطر بقاء «الهول» على حاله، ومن ثمّ زيارة رئيس الوزراء العراقي، محمد شياع السوداني، إلى دمشق، والتي شكّل هذا الملفّ عنواناً رئيساً على أجندتها.
وتستند المخاوف العراقية من المخيم إلى معطيات عدّة، من بينها تسجيله حالات اغتيال متكرّرة تجاوزت الـ150 في خلال السنوات الأربع الأخيرة، وتكرار محاولات الفرار لعوائل من تنظيم «داعش» في اتّجاه الحدود العراقية، وأخيراً الحريق الضخم الذي أتى على عدد من الخيام في «قسم المهاجرات» الذي يضمّ عوائل الأجانب.
والظاهر أن بغداد حسمت أمرها بإعادة العراقيين وعوائلهم إلى مخيمات داخل العراق، وإخضاعهم لفترات تأهيل تصل إلى ستة أشهر، تمهيداً لإعادة دمجهم في المجتمع.
كما أنها بدأت حراكاً دولياً للتنبيه إلى الخطر الذي تشكّله العوائل الأجنبية الموجودة داخل «الهول»، وضرورة مساعدة الجانب السوري في تفكيك المخيم.
وفي هذا السياق، دعا وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، مطلع حزيران الفائت، «المجتمع الدولي إلى التعامل بجدّية مع ملفّ مخيم الهول في سوريا، والحدّ من مخاطره على مستوى المنطقة والعالم»، مؤكّداً «طلب العراق من الدول المعنيّة تحمّل مسؤوليتها في إعادة مواطنيها من ذلك المخيم إلى بلدانهم الأصلية، وفقاً لقوانين تلك البلدان».
وتزامنت تلك التصريحات مع نقل العراق 148 عائلة من مخيم الهول، في اتجاه مخيم جدعة في بادية الموصل، ليبلغ عدد العوائل المنقولة منذ مطلع العام نحو 310 عائلة.
كما خصّص السوداني جزءاً من زيارته إلى دمشق لبحث ملفّ المخيم مع الرئيس السوري، بشار الأسد، كاشفاً عن توجيهه «الأجهزة المعنيّة في بلاده بإجلاء النازحين واللاجئين العراقيين من المخيم»، معرباً عن «أمله في أن تقوم بقيّة الدول بالدور نفسه الذي يقوم به العراق، وتسحب رعاياها من هذه البؤرة الإرهابية، التي تؤسّس لفكر متطرّف، يشكّل خطراً على كامل المنطقة».
وحول الخطوات العراقية في هذا الإطار، أفادت مصادر مطّلعة، بأن «وفداً عراقياً من موظفي وزارة الهجرة والضباط، زار مخيم الهول الأسبوع الفائت، بهدف تسريع وتيرة إجلاء الرعايا العراقيين من المخيم»، مشيرةً إلى أنه «تمّ الاتفاق بشكل أولي على تنظيم إجلاء 150 عائلة شهرياً، وصولاً إلى إنهاء تواجد العراقيين بالكامل».
واعتبرت المصادر أن «الكرة باتت في ملعب قوات سوريا الديموقراطية (قسد) لمساعدة الحكومة العراقية في تسريع وتيرة الإجلاء».
ويأتي ذلك بعد تصريحات سابقة لمديرة مخيم الهول، جيهان حنان، وصفت فيها استجابة الحكومة العراقية بـ«الخجولة مقارنةً مع الأعداد الكبيرة للّاجئين العراقيين الذين يشكّلون النسبة الأكبر من عدد قاطني المخيم»، لافتةً إلى «وجود نحو 26 ألف عراقي من أصل نحو 51 ألفاً، بينهم أكثر من 18 ألف سوري، ونحو 7500 من الأجانب الذين فرّوا من الباغوز والرقة في عام 2019».
وإذ أشارت إلى «وجود نسبة ولادات عالية شهرياً ما يزيد من أعداد قاطني المخيم»، فقد أوضحت أنه «بالنظر إلى الأرقام التي استعادتها بغداد في خلال الأعوام الماضية، فإن العراق يحتاج إلى خمس سنوات أخرى لاستعادة كل اللاجئين».
على أن التحرّك العراقي يبدو جادّاً هذه المرّة، وسط توقّعات بمزيد من الارتفاع في وتيرته في خلال الأشهر المقبلة، وصولاً إلى إغلاق هذا الملفّ في فترة لن تتجاوز العامين، بحسب التقديرات الأولية.
ومن أجل ذلك، يحتاج العراق إلى تعاون مع «قسد» في مختلف المخيمات الموجودة في شمال شرق سوريا، وتحديداً «الهول» و«روج» في ريفَي الحسكة والمالكية في محافظة الحسكة.