حرية – (20/8/2023)
لعل الأمر أصبح شبه يومي بأن تمرّ على العراقيين وهم يتصفحون مواقع التواصل صور وفيديوات لوجوه الأطفال الملائكية وأجسادهم اصطبغت بكدمات الخوف والكراهية وكثير منهم لم تتعدى أعمارهم العاشرة، لا يمر يوم في حياتهم من دون رعب نفسي وجسدي، يتناولون التعنيف في وجباتهم، ويحاولون النجاة، وعلى الرغم من تدخل السلطات الأمنية في جميع الحالات التي تعرض، ما زالت أخرى كثيرة لم تصلها الكاميرا حيث يواصل البعض جرائم التعنيف بحق الأطفال ويبتكرون طرقاً جديدة تدل على ساديتهم ولا إنسانيتهم.
تؤكد مديرة هيئة رعاية الطفولة في العراق غادة الرفيعي وجود خطة لحماية الأطفال وتمتد لأربع سنوات، موضحة أن “الهيئة معنية برسم السياسات ووضع مشاريع القوانين والتنسيق بين الوزارات، إلا أنها ليست جهة تنفيذية، وتكمل بحديثها: “الهيئة اتخذت الإجراء اللازم في كثير من القضايا الخاصة بالطفل من ضمنها القضية الأخيرة التي أشغلت مواقع التواصل الاجتماعي للطفل المرحوم موسى، كما أبلغت الجهات ذات العلاقة بإشعار الهيئة بأي حالات تعنيف ضد الأطفال ترصدها لاتباع الإجراءات القانونية بحق المعنِّف من خلال الممثل القانوني في الهيئة لرفع دعوى قضائية ضده ووفق ما لدينا من أرقام فإن العاصمة بغداد هي الأعلى في نسبة تعنيف الأطفال”.
وأشارت العبيدي إلى أن العنف ضد الأطفال “في تنامٍ مستمر” ما لم تكن هناك “حماية قانونية”، مؤكدة أن “مجلس الوزراء صوت على مسودة قانون حماية الطفل، وأرسلها إلى مجلس النواب وشبكة من منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية وعلى رأسها “اليونسيف” تعمل على توعية المجتمع بضرورة الاهتمام بالطفولة”.
وتابعت: “كل هذه الجهود تصب في صالح الطفل، لاسيما قانون حماية الطفل الموجود في أروقة البرلمان، والذي قُرئ للمرة الأولى وحضرت الهيئة جلستين نقاشيتين بشأنه، كما أن هناك إرادة حقيقية للحكومة من أجل تشريع هذا القانون، بعد إحالة ملاحظات الهيئة، فضلاً عن وجود تواصل مستمر مع رئيسة لجنة المرأة والأسرة والطفولة النيابية للإسراع بإقرار القانون”.
من جهته، يطالب المواطن سلام علي بتطبيق القوانين والمواد الرادعة على ما أسماهم المجرمين المعنفين للأطفال، مؤكداً على ضرورة تعاون أفراد الأسرة مع الضحية ومحاولة انقاذه وعدم الخوف.
ويضيف: “كان أحد الجيران، يمارس كل سلطته وقسوته على أولاده، فيما لم تفعل الأم شيئاً لهم، سوى أنها تشكي للجيران، نعم أتفهم أحياناً أن الخوف يلعب دوره ويسهم في ضياع الحقوق، لكن كان عليها أن تكون أكثر حزماً، فمن سينقذ أولادها، إذ لم تسهم هي أولا؟ نحن بدورها توجهنا لإبلاغ الشرطة المجتمعية، التي أسهمت بمساعدة الصغار وأخذ التعهد من الوالد بعدم التعرض لهم”.
وتؤكد المحامية سناء أحمد: “ما من شيء يبرر العف ضد الأطفال، والدولة تضع على نفسها مسؤولية تأهيل الطفل الذي يقع ضحية لأي شكل من أشكال العنف أو الاستغلال أو الإساءة وإعادة دمج الطفل اجتماعيا”.
وأضافت: “وفقًا للتشريعات العراقية، تكفل القانون برعاية الأطفال والأحداث بمجموعة من القوانين ومنها قانون رقم 76 لسنة 1983 والذي وضع في المادتين 56،58 منه ثماني محظورات أهمها ما يتعلق باستغلال الطفل أو الإساءة إليه كارتكاب جريمة الخطف مثلاً أو جرائم الاغتصاب واستغلاله في الدعارة أو التهريب، ويعتبرها جناية لا تقل عقوبتها عن السجن 5 سنوات، أما آليات الحماية وهي الجانب العملي في تقرير الحماية للطفل فنص المشرع على تشكيل لجان تسمى «لجان حماية الطفل»، وتكون لأعضائها صفة الضبطية القضائية في سبيل تطبيق أحكام هذا القانون.
وتكمل: “ووفقاً للمادة (61) تختص اللجنة بتلقي الشكاوى عن أي انتهاكات لحقوق الطفل أو تعرضه للعنف أو الاستغلال أو الإساءة كما يكون من حق الأشخاص الإبلاغ عن أي واقعة في هذا الشأن خصوصاً الأطباء والمعلمين الذين قد تصل إليهم هذه الوقائع بحكم مهنهم، أما الأطفال الذين يقعون ضحية عنف أو إساءة أو استغلال فيتم إيداعهم بدار الرعاية المؤقتة بقرار من الادعاء العام بناء على توصية مندوب حماية الطفل ويعاد كذلك إلى ولي أمره بذات الطريقة بعد زوال أسباب الإيداع وآثاره وبعد تعهد ولي الأمر كتابة برعايته”.
ونشرت دائرة العلاقات العامة في مجلس القضاء الأعلى إحصائية عن معدلات العنف الأسري في ما يخص الأطفال والنساء وكبار السن خلال عامي 2021 و2022. وأوضحت الإحصائية أن “المحاكم سجلت 1141 دعوى عنف أسري ضد الأطفال، وكان لمحكمة استئناف بغداد الكرخ النصيب الأكبر بواقع 267 دعوى”.
ويصر مدير عام حماية الأسرة والطفل في العراق اللواء عدنان حمود على ضرورة معرفة العائلة العراقية بحقوقها والدوائر الخدمية التي تهتم بقضايا الأسرة ومشكلاتها.
وأكد امتلاك مديرية حماية الأسرة والطفل أكثر من 16 قسماً موزعاً في مختلف المحافظات، حيث يقدم الموظفون خدماتهم عبر الخط الساخن 139 لاستقبال الشكاوى وعلى مدار الساعة.
ويضيف: “لدينا فرق جاهزة للتدخل في أي حالة عنف أسري تجاه الكبار والصغار على حد سواء، وفي ما يتعلق بالشكاوى المتعلقة بالعنف الأسري، نقوم بتلقي البلاغات واتخاذ الإجراءات الفورية والتنسيق مع السلطات القضائية لاتخاذ الإجراءات اللازمة، ونقوم أيضاً بتوثيق أقوال النساء والأطفال المتضررين ونرافقهم للمستشفيات ونتيح لهم الرعاية الطبية اللازمة”.
ويواصل اللواء عدنان في حديثه أن “القضايا التي تتضمن عنفاً غير بدني، مثل العنف اللفظي، فتسعى خلاله كوادر المديرية لتسوية النزاعات من خلال شعبة الصلح والتراضي، حيث نسعى للتوصل إلى اتفاقيات وتعهدات تحمي الضحايا ونحن نولي اهتماماً خاصاً لحماية حقوق الأطفال في هذه العمليات.
ويضيف في حديثه: “تواجهنا بعض الحالات غير الاعتيادية التي تشمل العنف الأسري الذي لا يترتب عليه إعاقة جسدية، ولذلك نعمل على متابعة هذه الحالات بعناية من خلال الإجراءات القانونية والصلحية، كما نشهد أيضاً حالات غريبة ومحزنة نتيجة تداول المخدرات وتورطها في تصاعد حالات العنف، مما يدفعنا لإجراء دراسات لفهم زيادة هذه الظاهرة خلال الست سنوات الماضية. ومن خلال تطبيق إجراءاتنا، نهدف إلى الحد من حالات العنف الأسري وتوفير بيئة آمنة للأسر في العراق”.