حرية – (30/8/2023)
طالب المرشد الإيراني علي خامنئي حكومة إبراهيم رئيسي بمواصلة العمل على إبطال مفعول العقوبات، بموازاة الدبلوماسية الهادفة إلى إحياء الاتفاق النووي ورفع العقوبات.
وقال خامنئي لدى استقباله الرئيس الإيراني وفريقه الوزاري: إن «أغلب العقوبات هدفها أخذ معيشة الناس رهينة، يجب إجهاض العقوبات إلى جانب المفاوضات»، في إشارة إلى المسار الدبلوماسي الذي بدأت به واشنطن وطهران وأطراف الاتفاق النووي في أبريل (نيسان) 2021 بهدف إعادة إيران إلى التزاماتها النووية، مقابل رفع عقوبات أعاد فرضها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب.
وحول السياسة الخارجية، انتقد خامنئي «بعض العناصر السياسية التي تعتقد أن التعامل مع العالم يكمن في إقامة علاقات ودية مع عدد من الدول الغربية». وقال: «هذه النظرة الخاطئة، الرجعية تعود لـ100 عام قبل، التي كان عدد من الدول الأوروبية تسيطر على العالم، لكن اليوم يجب أن تنحى هذه النظرة الرجعية جانباً». وأضاف: «الارتباط مع العالم يعني إقامة العلاقات مع أفريقيا وأميركا الجنوبية، والقارة الآسيوية وهي فيها مصادر هائلة للثروات البشرية والطبيعية».
وفي السياق نفسه، قال خامنئي: «يجب أن يكون المعيار الأساسي للعلاقات الدولية، المصالح الوطنية والعزة ولا تكون الهيمنة والقبول بها». كما حدد صاحب كلمة الفصل في البلاد معياراً لتطبيق السياسة التي يصرّ على تطبيقها منذ سنوات، خصوصاً بعد تولي سيطرة المحافظين المتشددين على الحكومة والبرلمان فيها، قائلاً: إن «خفض التضخم أهم مؤشر لإجهاض العقوبات».
وقال خامنئي: إن «الاقتصاد والثقافة من الأولويات الأساسية للبلاد». ونقل موقعه الرسمي قوله لأعضاء الحكومة: إن «معيشة الناس مهمة للغاية»، وأشاد بـ«الخطوات الإيجابية» لحكومة رئيسي في هذا الصدد، لكنه رأى أنه «من المؤسف» أن تتأثر هذه الخطوات «الإيجابية» بالمشكلات المعيشية، مثل السكن.
وأوصى خامنئي بأن تتحرى من تأثير أي قرار اقتصادي قد تتخذه على اختلاف الطبقات، وثبات السوق، وسعر العملة، وخفض التضخم، ونمو الإنتاج. وأعرب عن ارتياحه بأن «الملحوظ أن المؤشرات الاقتصادية تظهر تقدماً ونمواً»، مشدداً على ضرورة مساندة الإنتاج الداخلي من التجارة الخارجية.
وحاول خامنئي أن ينأى بنفسه عن الانحياز للحكومة الحالية، لافتاً إلى أنه خلال توليه منصب المرشد الإيراني منذ 1989، «دعم» جميع الحكومة على اختلاف توجهاتها وطاقاتها. وأضاف: «السبب واضح لأن أوضاع البلاد والأهداف التي نرسمها لأنفسنا في الجمهورية الإسلامية تتطلب من الجميع مساعدة الجهاز التنفيذي (الحكومة) التي تتوسط الميدان».
يأتي دفاع خامنئي عن نفسه في حين يرى منتقدوه أن السياسات التي يحددها تقوض صلاحيات الحكومة، خصوصاً في مجالات تتعلق بالاقتصاد والسياسة الخارجية. ويشكك كثيرون بفاعلية البرلمان الإيراني وينظر إليه على أنه من الأجهزة الخاضعة للمرشد الإيراني في الضغط على الحكومة، إذا ما أُبعدت عن السياسة التي يطالب بها.
عزا خامنئي دفاعه عن أداء الحكومة إلى «لسانها القاصر عن الإفصاح بما تقوم به». ورأى أن أفعال الحكومة لم تنقل للرأي العام بـ«القدر الذي تستحقه». وقال «أريد أن أقول بعضاً من هذه الحقائق حول الحكومة، التي تكون واضحة لجميع أفراد المجتمع والأشخاص الذين ليس لديهم مواقف أو نوايا (من النظام)».
ودعا خامنئي إلى «تنشيط وسائل إعلام الحكومة». وقال: «كل خطوة مهمة في حاجة إلى متابعة دعائية واضحة». وحضّ المسؤولين على الحضور في الجامعات والإنصات لما يقوله أساتذة الجامعات والطلاب وأيضاً «نقل النقاط الضرورية» إليهم. وقال: «الطلاب والأساتذة والنخب لا يعلمون بالأعمال الكثيرة التي تم إنجازها في البلاد، وعرض هذا التقدم يمكن أن يكمل معلوماتهم».
ووصف خامنئي الجامعات بأنها «واحدة من نقاط أمل الأعداء لمعادة إيران، حضور المسؤولين سيحبط هذا المخطط».
وجاء كلام خامنئي غداة مؤتمر صحافي مطول للرئيس الإيراني دافع فيه عن سجله في السياسة الخارجية والاقتصاد. ودافع رئيسي عن حكومته، وقال: إنها بدأت في وقت كانت البلاد تمر فيه بأوضاع خاصة، ناجمة عن ظروف جائحة كورونا، ونقص في الموازنة، وارتفاع التضخم ونقص في السلع الأساسية. وادعى أن حكومته تمكنت من إدارة هذه الأوضاع.
وقال رئيسي: إن كل «المؤشرات» تشير إلى انخفاض تضخم الإنتاج ونمو إنتاج المصانع، وتحدث عن تحسن أزمات عصفت بالبلاد في السنوات الأخيرة، مثل البطالة والسكن.
وبالإضافة إلى دعمها من المرشد الإيراني، تحظى الحكومة الحالية بدعم غير مسبوق من وسائل إعلام «الحرس الثوري» التي تشمل وكالتَي «فارس» و«تنسيم» ومواقع إخبارية وقنوات تلفزيونية، فضلاً عن أنشطة الجيش السيبراني على شبكات التواصل الاجتماعي، خصوصاً في تطبيق «تلغرام»، وذلك على خلاف الرئيس السابق حسن روحاني الذي كان يقتصر دعمه الإعلامي على وسائل إعلام الحكومة والصحف والمواقع التابعة للإصلاحيين.