الحرية | 8/9/2023
علمت الوكالة أن زيادة نقدية بمئات الملايين من الدولارات ومزيدا من السيطرة في أراضي الضفة الغربية المحتلة، هي من بين المطالب الفلسطينية في حالة التوصل إلى اتفاق ثلاثي بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وإسرائيل.
وأجرى مسؤولون من السلطة الفلسطينية محادثات في العاصمة السعودية، الرياض، مع نظرائهم السعوديين، الأربعاء.
ومن المقرر أن يلتقوا أيضاً بمسؤولين أمريكيين.
يُعتقد منذ فترة طويلة أن الأمريكيين يضغطون من أجل التوصل إلى اتفاق تاريخي لتطبيع العلاقات الإسرائيلية السعودية.
هذا الاتفاق سيتم دعمه من قبل واشنطن، وسيشمل اتفاقا أمنيا رئيسيا يسعى السعوديون لتحقيقه مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن الآفاق لتحقيق مثل هذه الاتفاقات تواجه عقبات كبيرة وتبقى بعيدة المنال.
وقال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض، جيك سوليفان، يوم الثلاثاء: “لا نتوقع أي إعلانات أو تطورات وشيكة في الفترة المقبلة”.
ومع ذلك، نظراً لإمكانية إعادة ترتيب تاريخي للعلاقات في الشرق الأوسط، هناك تكهنات مستمرة حول الإطار المحتمل لأي اتفاق، مع استمرار الدبلوماسية الأمريكية في التواصل مع مختلف الأطراف بعد زيارات مسؤولين إلى الرياض وعمّان والقدس هذا الصيف.
في عام 2020، قامت عدة دول عربية، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، بتطبيع العلاقات مع إسرائيل
من المرجح أن يعتبر الرئيس الأمريكي جو بايدن، الاتفاق بين السعودية وإسرائيل، إنجازا كبيرا في سياسته الخارجية، يمكنه تسويقه للناخبين قبيل الانتخابات في العام القادم.
وتتزعم المملكة العربية السعودية العالم العربي والإسلامي، ولم تعترف رسميا بإسرائيل منذ نشأت في عام 1948.
تحدث رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، عن احتمالية حدوث ذلك في الشهر الماضي، قائلا: “نحن على وشك أن نشهد تحولاً تاريخياً”.
ومع ذلك، سيكون أي اتفاق مثيرًا للجدل بشدة.
وعلى ما يبدو، تطالب السعودية بضمانات أمريكية للحصول على أسلحة متقدمة صنعت في الولايات المتحدة وبرنامج نووي مدني يشمل تخصيب اليورانيوم داخل المملكة، وهو الأمر الأكثر جدلًا من بينها.
بدورها، ستستفيد إسرائيل من علاقات تجارية ودفاعية مع القوة الخليجية الكبرى، والمزيد من التكامل التاريخي الذي سعت إليه إسرائيل دائماً في المنطقة، في أعقاب اتفاقيات التطبيع العربية الأخرى التي تم التوصل إليها في عام 2020.
وقالت ديانا بوطو، المستشارة القانونية السابقة لفريق التفاوض الفلسطيني الرسمي في محادثات السلام المتعثرة مع الإسرائيليين: “هذه في الغالب اتفاقيات أمنية وتجارية، وبنظرة سريعة لعام 2023، نرى الآن أن المملكة العربية السعودية تريد أيضاً المشاركة في هذا الأمر”.
ولكي ينجح أي اتفاق، يجب أن ينظر إليه على أنه يتضمن تنازلات إسرائيلية كبيرة لصالح الفلسطينيين.
ويحتاج ولي العهد السعودي محمد بن سلمان -الحاكم الفعلي للمملكة- إلى تهدئة شعبه، الذي كان تاريخياً معارضاً لإسرائيل ومتعاطفاً بشدة مع قضية الفلسطينيين.
من بين مطالب المسؤولين الفلسطينيين السيطرة على أجزاء من الضفة الغربية الخاضعة حالياً للسيطرة الإسرائيلية الكاملة
وفي الوقت نفسه، يحتاج الرئيس بايدن أيضاً إلى إثبات أنه حقق مكاسب كبيرة للفلسطينيين للحصول على الدعم من حزبه الديمقراطي، إذ يرفض كثيرون في الحزب فكرة وجود أي مزايا دفاعية للسعوديين بسبب سجل البلاد في مجال حقوق الإنسان ودورها في حرب اليمن، كما أنهم معادون لفكرة مكافأة الائتلاف الحاكم القومي المتطرف الحالي في إسرائيل، والذي يرون أنه يؤدي إلى تفاقم التوترات في الضفة الغربية والذي أثار عدم استقرار غير مسبوق داخل إسرائيل نفسها.
التقى فريق من كبار المسؤولين الفلسطينيين في الرياض – بما في ذلك الرجلان الأقرب إلى الرئيس محمود عباس -رئيس المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، وحسين الشيخ، أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، بمستشار الأمن القومي السعودي مساعد العيبان، يوم الأربعاء، وفقاً لمسؤول فلسطيني كبير مُلم بالمحادثات.
وتم تحديد قائمة مطالبهم مقابل المشاركة في العملية التي تدعمها الولايات المتحدة خلال اجتماع مع مساعدة وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى باربرا ليف الأسبوع الماضي في عمان.
وقال المسؤول الفلسطيني لبي بي سي إن المطالب تشمل ما يلي:
- نقل إدارة أجزاء من الضفة الغربية المحتلة، التي تخضع حالياً للسيطرة الإسرائيلية الكاملة المعروفة باسم المنطقة “ج” بموجب اتفاقيات أوسلو، في التسعينيات، إلى إدارة السلطة الفلسطينية.
- “وقف تام” للنمو الاستيطاني الإسرائيلي في الضفة الغربية المحتلة.
- استئناف الدعم المالي السعودي للسلطة الفلسطينية، الذي تباطأ في عام 2016 وتوقف تماما منذ ثلاث سنوات، بقيمة تقدر بحوالي 200 مليون دولار سنوياً.
- إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية المحتلة – البعثة الدبلوماسية للفلسطينيين – التي أغلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب.
- استئناف المفاوضات التي توسطت فيها الولايات المتحدة بين الإسرائيليين والفلسطينيين من حيث توقفت، في عهد وزير الخارجية آنذاك جون كيري عام 2014.
تُعد مثل هذه التنازلات ذات أهمية كبيرة، حيث يُعتقد أن الأمريكيين يعتبرونها مفرطة من قبل الفلسطينيين، لكنها مطالب بعيدة كل البعد عن الموقف الفلسطيني الرسمي المعلن، بشأن التطبيع السعودي الإسرائيلي، والذي يتمثل في رفضه التام للاتفاق إذا لم تُعط لهم دولة مستقلة.
هذا يأتي بعد مبادرة السلام العربية، التي قادتها السعودية في عام 2002، والتي قدمت اعتراف العالم العربي بإسرائيل مقابل انسحاب الأخيرة من الأراضي المحتلة، وإقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة، وعاصمتها القدس الشرقية.
النهج الحالي يعكس “المأزق” الصعب الذي تواجهه القيادة الفلسطينية، وفقاً لما قالته ديانا بوطو.
وأضافت المستشارة القانونية السابقة لفريق التفاوض الفلسطيني الرسمي في محادثات السلام: “الفلسطينيون بشكل عام لا يرغبون في أن يكونوا جزءًا من أي من هذه الاتفاقيات لأن دعم العالم العربي هو الأداة الوحيدة التي تبقت لدينا. أُبلغنا أنه غير مسموح لنا بالمقاومة المسلحة، بالإضافة إلى أنه لا يسمح لنا باتخاذ تدابير قانونية للمطالبة بإنهاء الاحتلال. كما قيل لنا إنه لا يسمح لنا بالمقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات”.
وقالت بوطو “تتساءل السلطة الفلسطينية الآن، هل يجب علينا بدلاً من ذلك محاولة إسماع مطالبنا بهدف تحقيقها، أم يجب علينا القيام بما فعلناه في عام 2020 وهو تجاهلها؟ ومرة أخرى هذا أمر معقد، بغض النظر عن ما تفعله السلطة الفلسطينية في هذا الصدد، فإنها محكوم عليها بالفشل”.
أثارت خطط الإصلاح القضائي التي وضعها الائتلاف الحاكم القومي المتطرف الحالي في إسرائيل حالة من عدم الاستقرار على نحو غير مسبوق
في عام 2020، قامت ثلاث دول عربية – الإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب – بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في صفقات تم التوسط فيها من قبل الولايات المتحدة في عهد إدارة الرئيس ترامب. وتعهد السودان أيضاً باتخاذ خطوات نحو علاقات دبلوماسية مع إسرائيل في ذلك العام، ولكن العملية تعثرت بسبب المعارضة في البلاد وانقلاب عسكري في العام التالي.
اُعتبرت تلك الصفقات تحولاً تاريخياً في العلاقات بين الخصوم القدامى في الشرق الأوسط، حيث تضمنت علاقات دبلوماسية وتجارية وأمنية. لكنّ المنتقدين سلطوا الضوء على الإغراءات الأمريكية الكبيرة التي شملتها هذه الصفقات أيضاً، بما في ذلك إعطاء الضوء الأخضر للوصول إلى أسلحة أمريكية متطورة للأنظمة الاستبدادية العربية.
في ذلك الوقت، تم استبعاد السلطة الفلسطينية من المناقشات، بعد أن قطعت العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة، رداً على “صفقة القرن” لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، والتي طرحها الرئيس ترامب – وهي خطة سلام محابية بشكل كبير لإسرائيل – ونقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس، حيث رأت السلطة الفلسطينية صفقات التطبيع بمنزلة “خيانة” للتضامن العربي.
وبدلا من ذلك، فإن تعامل السلطة مع السعوديين هذه المرة، قد يكون وسيلة لتذكير الرياض بأساس مبادرة السلام العربية – بإقامة دولة فلسطينية مستقلة – بدلاً من استبعادها من العملية بالكامل، وفقا لمسؤول فلسطيني كبير آخر.
ولكن هناك مخاطر كبيرة تهدد القيادة الفلسطينية – التي لا تحظى بشعبية كبيرة بين شعبها – في حال كانت الفوائد المترتبة على ذلك قليلة الأهمية.
أظهرت استطلاعات رأي، أُجريت بعد التطبيع الإماراتي الإسرائيلي، في عام 2020، أن الغالبية العظمى من الفلسطينيين رأوا في تلك الصفقة تخلياً عن القضية الفلسطينية، وأنها لا تخدم سوى مصالح إسرائيل.
ومن المرجح تقريباً، أن أي تنازلات إسرائيلية للفلسطينيين سيرفضها القوميون المتطرفون في ائتلاف نتنياهو، مما يشكل عثرة إضافية أمام أي اتفاق. وفي وقت سابق من هذا العام، تجاهل نتنياهو التنازلات الفلسطينية معتبرا أنها “شكلية” ولن تكون جزءًا من أي محادثات جادة ترعاها الولايات المتحدة بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية.