حرية – (11/9/2023)
قالت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية إن روسيا مهتمة باستعادة عميلها السابق فاديم كراسيكوف (57 عاما) ، “القاتل المأجور”، الذي عمل لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي وحكم عليه بالسجن مدى الحياة لتدبير عملية اغتيال معارض شيشاني في حديقة بوسط برلين، في وضح النهار.
وذكر تقرير الصحيفة أن محكمة ألمانية دانت العميل الروسي بقتل زليمخان خانغوشفيلي، في أغسطس عام 2019، بعدما اتهمته موسكو بأنه كان وراء هجوم وقع على أرض روسية عام 2004.
وقالت المحكمة إن اغتياله كان رسالة متعمدة من روسيا إلى أعدائها في الخارج تقول “حتى لو لجأتم إلى الغرب، فسوف نطاردكم”.
وكان خانغوشفيلي فر إلى ألمانيا عام 2016 طلبا للجوء بعد وضع اسمه على قائمة الاغتيالات الروسية لقيادته غارة شنها مقاتلون شيشانيون عام 2004 أدت لمقتل مسؤولين أمنيين كبار.
واتهمت السلطات الألمانية كراسيكوف بأنه كان يعمل لدى جهاز الأمن الفيدرالي الروسي عندما ركب دراجة واقترب من خانغوشفيلي وأطلق رصاصتين في رأسه من مسافة قريبة في حديقة كلاينر تيرغارتن في 23 أغسطس 2019. وحكم عليه حُكم على كراسيكوف أواخر 2021 بالسجن مدى الحياة.
وقبل وقت قصير من صدور الحكم، أمر الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، كبير مستشاريه الأمنيين، نيكولاي باتروشيف، بدراسة إمكانية مبادلة سجناء لإطلاق سراح كراسيكوف، حسبما قال مسؤول أوروبي سابق له صلات بشخصيات كبيرة في الحكومة الروسية. ويؤكد ذلك على القيمة العالية التي يوليها بوتين لكراسيكوف.
ومنذ ذلك الحين، أثارت موسكو قضية كراسيكوف في مفاوضات تبادل السجناء، وفقا لمسؤولين غربيين.
وقال المسؤولون إن كراسيكوف بات في محور الجهود الأميركية لإطلاق سراح أشخاص تحتجزهم روسيا، ومن بينهم عنصر مشاة البحرية الأميركية السابق، بول ويلان، ومراسل وول ستريت جورنال، إيفان غيرشكوفيتش، الذي اعتقله جهاز الأمن الفيدرالي في مارس الماضي بتهمة “التجسس”.
وأكد مسؤول غربي كبير مطلع أن بوتين مهتم بمبادلة كراسيكوف فقط.
وقال مسؤولون في دول عدة إن التوصل إلى اتفاق متعدد الأطراف لتبادل السجناء الروس في الدول الغربية بمواطنين غربيين محتجزين في روسيا، وكذلك المنشقين المسجونين مثل، أليكسي نافالني، أمر ممكن.
وأشار مسؤولون غربيون إلى أن أي محادثات بشأن كراسيكوف ستكون حساسة ولا يمكن التنبؤ بها، نظرا لخطورة جريمته.
وقضت المحكمة الألمانية بأن الدولة الروسية هي التي أمرت بالقتل الذي تم تنفيذه عند الظهر في حديقة بالقرب من مكتب المستشارة الألمانية.
وقد تواجه مثل هذه المبادلة عقبات في ألمانيا، حيث أصدر محامو الحكومة رأيا قانونيا العام الماضي ينص على أنه لا يمكن مقايضة قاتل مدان.
كيف دخل ألمانيا ونفذ الجريمة؟
وتشير الصحيفة إلى أنه في بداية محاكمته، حاول إخفاء هويته الحقيقية، وسبب تواجده في ألمانيا. وقال إن اسمه فاديم سوكولوف وليس فاديم كراسيكوف، وكان يحمل جواز سفر روسيا يُعرّفه على أنه سوكولوف. وقالت السفارة الروسية في برلين إن اسمه فاديم سوكولوف وليس فاديم كراسيكوف.
وذكر أنه سائح لا علاقة له بالحكومة الروسية، وأنه كان في برلين لزيارة صديقته.
لكن المحققين الألمان عرفوا في نهاية المطاف أنه كان ضمن قسم العمليات الروسية السرية، وعلى الأرجح ضمن وحدة خاصة تابعة لجهاز الأمن الفيدرالي تسمى “فيمبل” التي أعيد تسميتها بـ”V”.
ودانته محكمة ألمانية بارتكاب جريمة القتل في ديسمبر 2021، واصفة إطلاق النار على المعارض الشيشاني بأنه “عمل من أعمال إرهاب الدولة”.
وقبل السفر إلى برلين، استأجر غرفة في وارسو في 20 أغسطس، وفي 22 أغسطس، غادر إلى برلين لتنفيذ جريمته في اليوم التالي، تاركا أمتعته وهاتفه المحمول في غرفته بفندق وارسو، التي حجزها حتى 25 أغسطس، وهو اليوم الذي خطط فيه للعودة إلى موسكو، وفقا لملفات المحكمة.
وقال محققون ألمان إنه التقى في برلين بأشخاص زودوه بملابس جديدة ودراجة سوداء وتفاصيل عن الروتين اليومي لضحيته. وحصل على مسدس. وجهز مساعدوه دراجة كهربائية من أجل الهرب بعد تنفيذ الجريمة، لكنه اعتقل أثناء الفرار.
وخلال المحاكمة، بدا كراسيكوف غير مهتم، وقام في بعض الأحيان بنزع سماعات الرأس التي كانت توفر ترجمة للشهود الذين يشهدون ضده.
وبعد وقت قصير من صدور الحكم عليه، نقلته السلطات من برلين إلى منشأة أمنية مشددة، لم يكشف عنها في بافاريا.
ولد كراسيكوف في قرية كينستوبي في كازاخستان، وخدم في الجيش السوفييتي خلال حربه في أفغانستان. وانضم لاحقا إلى وحدات النخبة العسكرية في وزارة الداخلية الروسية وجهاز الأمن الفيدرالي، وفقا لصهره الذي شهد أمام الادعاء في المحاكمة.
وتُظهر صور فوتوغرافية من حفل زفاف كراسيكوف في يوليو 2010 في موسكو ضباطا تابعين لجهاز الأمن الفيدرالي بين الضيوف.
وقال شاهد إنه كان يعيش هو وزوجته الثانية في شقة راقية في موسكو، وأخبرت زوجته عائلتها أنه كان يكسب حوالي 10 آلاف دولار شهريا، بالإضافة إلى مكافآت لما سماه “رحلات العمل”، التي كانت تستمر في بعض الأحيان لأسابيع.
وقال صهره إن كراسيكوف تفاخر ذات مرة بلقاء بوتين في منشأة تدريب عسكرية . ويتذكر أنه قال إن بوتين “يطلق النار بشكل جيد”.
وحصل المدعون الألمان على لقطات من كاميرا مراقبة تعود إلى عام 2013 أظهرت رجلا عرفوه على أنه كراسيكوف وهو يقتل رجل أعمال روسيا، وبطريقة تشبه قتل خانغوشفيلي.
وتشير الصحيفة إلى أن زوجة كراسيكوف وطفله نقلا إلى شبه جزيرة القرم التي تسيطر عليها روسيا بعد اعتقاله عام 2019 ويعيشان الآن تحت مراقبة جهاز الأمن الفيدرالي، وفقا لأشخاص مقربين من العائلة.