حرية – (12/9/2023)
ذكر موقع “ميديا لاين” الأمريكي المتخصص بأخبار الشرق الاوسط، ان بالرغم من أن تنظيم داعش جرى إضعافه، إلا أنه لا يزال يمثل خطرا وبمقدوره شن هجمات في شمال العراق، معتبرا ان على الغرب الذي يكتفي بالعمل من خلال حكومة البلد في التصدي لهذا الإرهاب، تغيير استراتيجيته وبدء العمل مع اللاعبين غير الحكوميين، بما في ذلك مع الحشد الشعبي.
وفي تقريره تحدث “ميديا لاين” مع عدد من قادة الميليشيات التي تشارك في القتال ضد تنظيم داعش في شمال العراق، حيث أكدوا أن قدرات التنظيم الإرهابي تراجعت بحدة منذ انهيار ما يسمى “الخلافة” في العام 2017، إلا أنه لا تزال لديه القدرة على تنفيذ هجمات ارهابية.
ونقل التقرير عن “أبو عاشور” (38 عاما)، وهو اسم مستعار لقيادي في الحشد الشعبي يقاتل ضد داعش، أن تكتيكات التنظيم تبدلت بشكل كبير منذ تحرير الموصل، ثاني أكبر مدينة في العراق، في عام 2017 على يد الجيش العراقي وقوات مكافحة الارهاب والجيش العراقي والحشد الشعبي.
وبينما لفت التقرير الى ان الحشد الشعبي يمثل مظلة تجمع نحو 67 فصيلا مسلحا، بعضها يتعهد بالولاء لايران، وتعتبرها عدة دول مجموعات إرهابية، بما في ذلك الولايات المتحدة، نقل عن “ابن عاشور” قوله مشيرا إلى داعش “انهم ليسوا مثلما كانوا من قبل من الناحية التنظيمية، وهم يتصرفون الآن مثل كارتل المخدرات او العصابات”.
وتابع “ابو عاشور” القول ان “التكتيكات تغيرت تماما 180 درجة، وهم لا يحاولون الآن بناء أي دولة أو مهاجمة اي طوائف او حتى اي نقاط تفتيش رئيسية، ويستخدمون في غالب الاحيان هجمات الذئاب المنفردة او يختطفون المزارعين من أجل الفدية”.
وفي حين ذكر التقرير؛ أن ذلك يعني ايضا ان نهج العراق في مكافحة الإرهاب قد تغير هو الآخر، نقل عن القيادي الحشدي قوله “صحيح أننا استعدنا الأراضي في شمال العراق (من تنظيم داعش)، لكن تلك كانت المرحلة العسكرية من العملية، ونحن الآن في المرحلة الامنية من العملية، وهذه المرحلة لم تنته بعد”.
ونقل التقرير عن “أبو عاشور” قوله إن “قواتنا وبلدنا وقائدنا، يخضعون حاليا للعقوبات الامريكية، وبرغم ذلك، ما زلنا نشن عمليات مضادة مختلفة ضد الإرهابيين، وهو ما يساعد الأمريكيين والغرب”.
وبحسب “ابو عاشور”، الذي تتمركز قواته بالقرب من بلدة قرقوش المسيحية، أن داعش يستغل التضاريس والمناطق التي تفتقر الى الادارة الجيدة، الى الجنوب منها، مضيفا أن قواته نفذت بالتعاون مع مجموعة كوردية تنتمي الى الحشد الشعبي عمليات ضد الارهابيين، مشيرا الى انهم يستخدمون سلسلة من التلال والجبال للاختباء وشن الهجمات منها.
كما نقل التقرير عن القيادي الآخر في الحشد ويحمل لقب “ابو جابري” قوله إن الخلايا النائمة لتنظيم داعش، تعمل ايضا في منطقة سيطرته بالقرب من مدينة الحضر القديمة، موضحا أن لدى الإرهابيين “شبكة عسكرية ونقل وطرق سفر، قوية بين سوريا والعراق حيث ان الحدود حافلة بالثغرات، والعديد من العشائر والعائلات تعبر بحرية”، مضيفا ان “الارهابيين يستغلون ذلك ويختبئون بين المزارعين والمدنيين وفي الجبال”، مشيرا الى ان الارهابيين يحاولون الآن تجنيد المزيد من المقاتلين بعدما خسروا العديد من عناصرهم التي تتمتع بالخبرة خلال معركة الموصل. لكنه حذر من أن هذا الوضع قد يتغير، وهم لديهم ما يكفي من السلاح، ليشكلوا تهديدا.
ولفت التقرير إلى أن مدينة الحضر، المدرجة على قائمة التراث العالمي لليونسكو، جرى تحريرها من قبل قوات الحشد الشعبي قبل بدء عملية تحرير الموصل، إلا أنها ظلت ملاذا آمناً وقاعدة عمليات للإرهابيين. ولهذا، فإن “أبو جابري” الذي تعد ميليشياته واحدة من أكبر الميليشيات في شمال غرب العراق، يحذر من تنظيم داعش لا يزال يمثل تهديدا كبيرا، مشيرا الى ان قواته عثرت مؤخرا على مخبأ ضخم للاسلحة حيث تنتشر في المنطقة الكهوف الطبيعية وكان أحد المخابئ يضم آلاف بنادق الكلاشنيكوف ومتفجرات “تي ان تي” وقذائف الهاون والالغام وجميع انواع الاسلحة.
ومن جهته، نقل التقرير عن أندرياس كريغ، وهو دكتور في كلية الدراسات الأمنية في جامعة كينجز كوليدج لندن، ومؤلف كتاب “النظام الاجتماعي السياسي والأمن في العالم العربي”، ان الغرب يرتكب خطأ بعدم التعامل مع قوات الحشد الشعبي. وخصوصا في هذه المنطقة من شمال العراق، حيث ليس لدى الحكومة المركزية، ومقرها في بغداد، سوى درجة محدودة من السيطرة.
وأوضح كريغ “نميل في الغرب الى اتباع نهج يتركز حول الدولة، ونتعامل من خلال بغداد، ولكن في مناطق مثل العراق، فإن الدولة ليست من يحتكر السيطرة على العنف. لقد أظهرت بغداد انه ليس بمقدورها أن تكون نقطة الاتصال الوحيدة هذه”.
ولفت التقرير إلى أن كريغ، امضى فترة طويلة من الوقت في شمال العراق، وهو يعتبر ان الغرب يجب أن يتعامل مع كافة الأطراف للتعامل مع التهديد الارهابي. ونقل عنه قوله “نحتاج الى نهج يتم فيه تقاسم الحكم بين اللاعبين الحكوميين وغير الحكوميين، حيث يجب ان يكون الامر اكثر شمولية، بدلا من الانخراط مع جهة واحدة فقط.
واعتبر كريغ أن هناك خطرا حقيقيا من أن الغرب قد يفشل في التنبه من ظهور او اعادة تشكيل الملاذات والشبكات الآمنة للإرهابيين اذا لم يتعامل مع جماعات مثل قوات الحشد الشعبي. واوضح ان “المظالم الاقتصادية تتزايد في كافة أنحاء المنطقة وفي العراق، وهو ما لن يؤدي سوى الى توفير الدعم للاعبين غير الحكوميين الفاعلين الآخرين، بما في ذلك الشبكات الارهابية.
ونقل التقرير عن كريغ قوله “نحن نحتاج إلى نهج أكثر شمولا يأخذ في الاعتبار اللاعبين الفاعلين الآخرين، بما في ذلك قوات الحشد الشعبي، والا فانه سيتم استغلال مشكلة فشل الدولة من قبل الجماعات الإرهابية”.