حرية – (15/10/2023)
تقف بولندا على شفا لحظة محورية في تاريخها السياسي؛ إذ تشهد الانتخابات البرلمانية الأكثر أهمية منذ سقوط النظام الشيوعي. وبالرغم من آثارها البعيدة المدى بالنسبة لأوروبا والحرب المستمرة في أوكرانيا، فإن هذه الانتخابات تحظى بمراقبة وثيقة من جانب المجتمع الدولي.
وبحسب صحيفة “واشنطن بوست”، فإن المشهد الانتخابي في بولندا محفوف بالتوتر؛ بسبب النزاع الشخصي والمرير بين قادة الحزبين الرئيسين، حزب القانون والعدالة اليميني المحافظ وحزب الائتلاف المدني.
كما يمتد الخطاب المحيط بالانتخابات إلى ما هو أبعد من قضايا مثل الهجرة، والإجهاض، والاقتصاد؛ ليتعلق الأمر بتحديد الطابع المستقبلي لبولندا نفسها.
وأكدت الصحيفة أنه إذا نجح حزب القانون والعدالة بالفوز بفترة ولاية ثالثة، فمن المتوقع أن يديم أجندته المحافظة اجتماعيًا ويستمر في الصدام مع الاتحاد الأوروبي حول قضايا سيادة القانون، بينما تتعهد أحزاب المعارضة بإلغاء القيود المفروضة على الإجهاض وحقوق المثليين، وإعادة استقلال القضاء والإعلام، وربما توجيه بولندا في اتجاه أكثر ليبرالية.
ويضع بن ستانلي، خبير السياسة في جامعة وارسو، إطارًا موجزًا لخطورة الانتخابات، قائلاً: ”إن القضية الرئيسة المطروحة على المحك هي ما إذا كانت دولة كبرى في أوروبا ستستمر على مسار تخليها عن طابعها الديمقراطي، أم ستعيد النظر في ذلك“.
كما ستؤثر نتائج الانتخابات على أوكرانيا، الدولة المجاورة التي تخوض حربًا مع روسيا، والتي لعبت بولندا دوراً حيوياً في دعمها خلال الصراع.
إلا أن المصالح البولندية، وخاصة مصالح المزارعين في الشرق، بدأت تتعارض مع حاجة أوكرانيا إلى تصدير حبوبها إلى الخارج؛ الأمر الذي أدى إلى توتر العلاقات بينهما، حيث فرضت بولندا قيوداً على واردات الحبوب الأوكرانية.
ومن عوامل أهمية هذه الانتخابات أيضا هي قضية التأشيرات، حيث أشارت تقارير إلى أن حوالي 250 ألف مهاجر من آسيا وإفريقيا حصلوا على تأشيرات عمل سريعة مقابل المال، وهي فضيحة يمكن أن تهدد موقف حزب القانون والعدالة المناهض للمهاجرين.
وتمتد أهمية بولندا إلى ما هو أبعد من حدودها؛ لذا فإن نتائج الانتخابات ستعكس اتجاهات أوسع في أوروبا، وخاصة إمكانية صعود الحكومات الاستبدادية، وبالتالي إعادة تشكيل المشهد الجيوسياسي في القارة.