حرية – (22/10/2023)
القاضي حسن حسين جواد الحميري
هناك من يدعي التمدن والتحضر والتثاقف وهو يسلك سلوكا معاكسا ومنابذا لكل مايعزز الوحدة الشعبية لابناء الوطن ويزيد من تلاحمها ويفعل من تراصها،فوطنيته وانتمائه مصلحية انتهازية فهو راضي بمقدار ماينتفع و يستفاد وساخط ومنتقد بقدر ما ابتعد عن جني الفوائد او عند عدم تحقق مصلحته المعنوية.
دلت التجارب السياسية للشعوب بعدم إمكانية اية امة او مجموعة من التمتع من منافع الديمقراطية وعيش أجواء الحرية ونعيمها ان لم يكن هناك احترام صريح وضمني ومتبادل لمقدسات ومعتقدات وثقافات الاخر والايمان العميق من كونه جزاء لايتجزء منه وداعم اساسي لوجوده.
قبل فترة أصدر مجلس الوزراء قرارا وطنينا يتضمن معاقبة كل مرشح للانتخابات يروج لنفسه او لقائمته بطريق العزف على وتر الطائفية،وهو قرار ودون أدنى شك يساعد في صلابة الوحدة الوطنية وعزتتها منعتها.
قبل الف وأربعمائة سنة وحد الإسلام القادم من الجزيرة العربية بين أبنائها، وليس هذا فقط بل وحد تحت خيمته بين أبناء الشعوب الأخرى التي القى بظل بفكره عليها، وكان المسلم اخو المسلم، وهناك أخوة أخرى واجبة الرعاية هي حماية معتنقي الاديان الأخرى لقاء دفع مبالغ معينة واسماهم بأهل الذمة، فلم يدعو لابادتهم او انتهاك اعراضهم او سبي نسائهم،وبقيت هذه المعتقدات قائمة حتى اليوم..
اعتناق المذاهب على اختلافها وانشاؤها كان أمرا مباحا لايؤاخذ ولايعاب عليه مواطن مسلم الا اذا تبنى أصحابها الحرابة او مايسمى بالخارجي وهم اولئك الذين اتخذوا من التكفير والعدوان بسفك الدماء وهتك الاعراض منهاجا ، واستمرت المذاهب الإسلامية بالتعايش السلمي الأخوي فيما بينها.
التكفير واللعن والتنمر هي أدوات الهدم والتخريب في نظام الأمة الوطن والوطن الأمة. اعتقد كلما عظم وتنامى حب الوطن في قلب المواطن، عربيا، اسلاميا، عالميا، كان دلالة على سمو المعتقد وعلو همة اصحابه.. أما اؤلئك الذين يعتادوا البحث عن الجزئيات في أسفل قاع الوادي فأعينهم وبصائرهم لاتهديهم ولاترتقي بهم إلى ذرى القمم.
ومن هنا نقول مالذي يمنع العرب ومن ثم المسلمين شيعة وسنة وبجميع اطيافهم من الاتحاد ضمن مفهوم اتحادية فدرالية تحمي حقوق الجميع فتعزز من حقوق المواطن وتحببه لوطنه ولدينه بلا منكفات او تقاطعات ضمن مفهوم حرية العقيدة وحرية التعبير عنها.
أعتقد أن ذلك عملا جبارا يحتاج لمجهود كبير في التثقيف عليه يبدأ من الروضة ومرورا بجميع المراحل الدراسية مع انتهاج سياسة اعلامية تروج لهذه المفاهيم لتدعيم البناء الوطني القومي.
اعتقد عندما يؤسس لهذا العمل المقدس لم نعد نشاهد ونتفرج بعد ذلك على مشاهد قتل الفلسطينين وعلى الحرب التي تقودها حماس والتي انتصرت فيها نصرا مبينا ولوحدها صابرة محتسبه في وجه العدو الاسرائلي الصهيوني دفاعا عن العرب والمسلمين وكرامتهم ومقدساتهم.
هذه الفدرالية كانت موجودة في النظام السياسي العربي الإسلامي في كافة العصور الإسلامية وعلى سبيل المثال نذكر واقعة سقوط بغداد بيد التتار سنة ١٢٥٨ م وهزيمتهم على يد الشاميين والمصريين ضمن فترة زمنية مقاربة.