حرية – (24/10/2023)
نفت إسرائيل أن يكون إطلاق حركة “حماس” سراح سيدتين محتجزتين لديها، مساء الاثنين، جاء في إطار صفقة مع الحركة الفلسطينية، فيما تتصاعد الضغوط داخل إسرائيل على الحكومة لحثها على الشروع في مفاوضات لإطلاق سراح باقي المحتجزين بدلاً من استمرار حربها في قطاع غزة.
وأطلقت حركة حماس سراح أسيرتين مسنتين في الثمانينات من عمرهما، في ثاني خطوة تتخذها بعد إطلاقها سابقاً سراح سيدة وابنتها تحملان الجنسية الأميركية إلى جانب الجنسية الإسرائيلية.
ونقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إن “الحديث لا يدور عن صفقة”، وأضافوا: “من ناحيتنا هذه خطوة أحادية الجانب لسنا جزءاً منها”.
وقال متحدث عسكري إسرائيلي إن مصر تلعب دوراً رئيسياً في مفاوضات إطلاق سراح المحتجزين من غزة.
وساطة مصرية قطرية
وقالت “كتائب القسام”، الجناح العسكري لحركة “حماس”، إنها بعد وساطة مصرية قطرية “قمنا بإطلاق سراح المحتجزتين نوريت يتسحاك ويوخفد ليفشيتز”، مشيرة إلى أن إسرائيل “رفضت منذ الجمعة الماضية قبول استلامهما”.
وأضافت “كتائب القسام” في بيانها أن الجانب الإسرائيلي “لا يزال يهمل ملف أسراه، وقد قررنا الإفراج عنهما لدواع إنسانية ومرضية قاهرة”، مشيراً إلى ارتكاب إسرائيل “أكثر من 8 خروقات للإجراءات التي تم الاتفاق مع الوسطاء على التزام (إسرائيل) بها، خلال هذا اليوم لإتمام عملية التسليم”.
وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية، في ساعة متأخرة من مساء الاثنين، إن الأسيرتين وصلتا إلى معبر رفح المصري.
https://x.com/AsharqNews/status/1716544098918715839?s=20
وارتفع عدد الأسرى الذين أطلقت حركة “حماس” سراحهم منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر الجاري، إلى أربعة، بعد إطلاق سراح إسرائيليتين الجمعة الماضية.
ومع ذلك، قال المسؤول في مكتب رئيس الحكومة الإسرائيلية عن الأسرى والمختطفين، إن “الجيش وقوات الأمن عملوا جاهدين في الأيام الأخيرة من خلال كل الوسائل من أجل إطلاق سراح المحتجزتين والتغلب على مصاعب كثيرة وضعتها حماس”، دون أن يذكر أي شيء عن طبيعة الجهود الإسرائيلية المزعومة أو تلك الصعوبات التي وضعتها حماس وتغلبت عليها إسرائيل من أجل الإفراج عن الإسرائيليتين.
وأضاف المسؤول الإسرائيلي أنه “بعد استلام المحتجزتين جرى نقلهما إلى المستشفى وملاقاة أفراد عائلتهما هناك”، معتبراً أن “الحكومة الإسرائيلية والجيش وكل الأجهزة الأمنية سيواصلون العمل حتى إعادة كل المفقودين والمحتجزين إلى منازلهم”.
وأعلنت إسرائيل أنه جرى إبلاغها عن طريق الصليب الأحمر بإطلاق سراح المحتجزتين، وقالت إنه جرى نقلهما إلى معبر رفح المصري، ومن هناك تم تسلمهما ونقلهما إلى إسرائيل.
وأفادت تقارير إسرائيلية بأن زوجي المحتجزتين لا يزالان محتجزين في قطاع غزة.
التفاوض أولاً
ومع استعداد الجيش الإسرائيلي لاجتياح غزة برياً، تواصل أسر بعض الرهائن الذين تحتجزهم “حماس” حث الحكومة على كبح جماح المجهود الحربي، والتفاوض بدلاً من ذلك على إطلاق سراح ذويهم.
وتقدر إسرائيل عدد الأسرى لدى “حماس” وبقية الفصائل الفلسطينية بنحو 222 شخصاً،
وخطف مقاتلو حماس ما يقدر بنحو 222 شخصاً في هجوم 7 أكتوبر، الذي قتلوا خلاله أيضاً 1400 شخص. ويحمل كثير من الرهائن جنسيات أخرى غير الإسرائيلية، ومنهم من يحمل جوازات سفر أميركية وأوروبية.
ويُعتقد أن حماس تخفي الرهائن في قطاع غزة، ربما في متاهة الأنفاق التي حفرتها الحركة تحت الأرض، حتى بعد سقوط أكثر من 5 آلاف فلسطيني في قصف إسرائيلي للمنطقة قبل غزو محتمل.
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقضاء على حماس، وسط أنباء عن استعداد القوات الإسرائيلية لاجتياح غزة براً، لكن كثيرين من أسر الرهائن يحثونه على التركيز على الرهائن فحسب.
وقال ناعوم ألون، صديق الفنانة إنبار هيمان (27 عاماً)، التي كانت ضمن عشرات خطفهم مسلحو حماس من مهرجان للموسيقى، إن إطلاق سراح الرهائن يجب أن يكون “الأولوية القصوى، وليس تدمير حماس، وليس السيطرة على غزة وليس أي شيء آخر”.
وتنظم جماعات لدعم الأسر احتجاجات يومية أمام مكتب نتنياهو في تل أبيب للتذكير بمصير الأسرى. وأقامت هذه الجماعات طاولة في ساحة بوسط المدينة حددت فيها مكاناً شاغراً لكل رهينة للتذكير بمحنة المخطوفين.
وكان الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هيرتسوج اجتمع مع عشرات من أقارب الضحايا في مقر إقامته بالقدس، الأحد، واحتج مئات آخرون في الخارج مطالبين ببذل جهد أكبر في سبيل الإفراج عن الرهائن.
ورفع كرمل جورني، الناشط السياسي الذي لقي ابن عمه يفتاح جورني حتفه خلال هجوم حماس لافتة كتب عليها “الانتقام ليس خطة”.
وقال جورني: “يتعين علينا الحديث مع حماس. لا يتعين أن نلجأ دوماً إلى الحرب. لدينا كثيرون من السجناء الفلسطينيين الذين يمكننا مقايضتهم بأفرادنا… إذا دخل جنودنا، سيموت كثيرون من الناس، من بينهم الرهائن”.
معضلة مقايضة الأسرى
لكن لا توافق جميع الأسر على فكرة التبادل. وكان إيلان وساندي فيلدمان من بين الذين اجتمعوا مع الرئيس هيرتسوج، الأحد، للحديث عن شقيقة ساندي، أفيفا وزوجها كيث سيجل اللذين خطفتهما حماس في 7 أكتوبر، وشوهدا آخر مرة في مقطع مصور أثناء اقتياد مسلحي فلسطينيين لهما إلى غزة.
وعبّر إيلان وساندي عن مخاوفهما من عدم صمود شقيقتهما وزوجها من الأسر لفترة طويلة، ويعتقدان أنه لا مفر من التوغل البري.
وقال إيلان: “هناك شعور بأنهما لن يخرجا أحياء. لكنني أعتقد أن هذا أكبر مني ومنها. هذه معركة مبدأ. الأمر بهذه البساطة.. لا يتعين أن يكون هناك مكان تستقر فيه حماس”.
وقال جوناثان ديكل تشين الذي يعتقد أن ابنه ساجي (35 عاماً) قد اختطفه المسلحون الفلسطينيون من أحد التجمعات السكانية، إنه يجب التعامل مع حماس “الآن”، لكنه يعتقد أن على الجيش أن يجعل إنقاذ الرهائن أولوية في أي حملة عسكرية.
وأضاف: “من الممكن أن تفعل شيئين في وقت واحد، حتى بالنسبة لهذه الحكومة الإسرائيلية، أن تفعل كل ما في وسعها لحماية أرواح ذوينا وسلامتهم، بينما تضطلع بما يتعين عليها فعله تجاه حماس”.
وفي عام 2011، أطلق نتنياهو سراح 1027 أسيرا فلسطينيا في مقابل إطلاق سراح الجندي جلعاد شاليط الذي ظل محتجزاً في غزة لأكثر من 5 سنوات.
وقالت ساندي فيلدمان: “أيجب أن نتفاوض معهم مرة أخرى؟ انظر إلى كل الأشخاص الذين أطلقنا سراحهم مقابل شاليط، هم الذين مارسوا القتل. هل كان الأمر يستحق ذلك؟ لا أدري”.
لا مساومة
وأطلقت حماس سراح امرأتين تحملان الجنسيتين الإسرائيلية والأميركية من جانب واحد، الجمعة، “لأسباب إنسانية” في اتفاق توسطت فيه قطر.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية القطرية إن جهود الوساطة مستمرة. لكن لا بوادر على أن الأجواء في إسرائيل تسمح بتبادل الأسرى.
وعٌيّن نتنياهو الجنرال المتقاعد جال هيرش منسقاً إسرائيلياً لشؤون الرهائن والمفقودين. ولا تتضمن تصريحاته العلنية حتى الآن أي إشارة إلى المساومة.
وقال أمام جمع من السفراء الأوروبيين الأسبوع الماضي، في خطاب غاضب اتهم فيه الحكومات الغربية بعرقلة إسرائيل في المواجهات السابقة مع حماس “إن آلتنا الحربية تتحرك. لا تطلبوا منا أن نتوقف”.
وأضاف: “هذا نداء يقظة لكم. لقد استيقظنا تماماً والحمد لله. سيكون هناك رد لا يمكن تصوره. صدقوني. لقد بدأنا الحرب فحسب”.
واقترحت حماس مقايضة ما لديها من رهائن بنحو 6 آلاف فلسطيني محتجزين في السجون الإسرائيلية، لكن خبراء أمنيين إسرائيليين شككوا في احتمال التوصل لمثل هذه الصفقة، حتى لو كانت الحكومة مستعدة للنظر فيها.
وقال جيورا ايلاند، الرئيس السابق لمجلس الأمن القومي، لراديو 103 إف.إم، إن “حماس ليست غبية. لن يطلقوا سراح الرهائن دفعة واحدة. سيطيلون أمد هذا على مدى 5 سنوات”.
ويعاني كثيرون من الأسرى من حالات طبية تحتاج إلى رعاية وبينهم كبار في السن، مما يعني أن الوقت حاسم.
وقال دانييل ليفشيتز الذي اختفى جداه، وعمرهما 83 و85 عاماً، في غزة: “هؤلاء الناس ليس لديهم وقت كثير. علينا أن نساعد هؤلاء الرهائن بسرعة كبيرة”.