حرية – (26/10/2023)
تواجه هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) اتهامات من موظفيها بالتساهل الشديد مع إسرائيل و”تجريد” المدنيين الفلسطينيين من إنسانيتهم، خلال تغطيتها للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الأمر الذي أدى إلى أخذ الكثيرين منهم إجازات من العمل أو حتى البكاء في المكاتب، بحسب صحيفة ذا تايمز البريطانية.
وقد أثيرت هذه المخاوف من قبل كبار المحررين في اجتماع هذا الأسبوع، وتم إرسال بريد إلكتروني محوره أنّ “بي بي سي تعامل حياة الإسرائيليين على أنها أفضل من حياة الفلسطينيين” إلى المدير العام تيم ديفي.
وقال مصدر بين الموظفين: “ما فعلته حماس كان فظيعاً ولا أحد يبرّر أفعالها، لكن الرأي السائد لدى الكثير من الناس في المؤسسة هو أننا لا نحصل على التغطية الصحيحة”.
وتابع: “كان الموظفون يبكون في المراحيض، أمّا المتعاونون فقد ضحوا بأرباحهم بسبب تجنبهم الحضور إلى العمل، الكثير من الناس في حالةٍ متردية”.
وقال مراسل “بي بي سي” المقيم في بيروت، رامي رحيم، إنّه يفكر “بأسوأ المخاوف الممكنة”، متهماً المؤسسة بتقدير حياة الإسرائيليين أكثر من الفلسطينيين.
وفي الرسالة الإلكترونية الموجهة إلى ديفي، والتي تمت مشاركتها على نطاق واسع مع الموظفين الدوليين في “بي بي سي نيوز”، قال: “تستخدم كلمات مثل مذبحة ومجزرة وفظائع للإشارة إلى تصرفات حماس، ولكنها نادراً ما تستخدم للإشارة إلى أفعال إسرائيل. ألّا يثير هذا مسألة التواطؤ المحتمل لهيئة الإذاعة البريطانية في التحريض والتجريد من الإنسانية والدعاية للحرب؟”.
وأشار رحيم، وفقاً لـ”ذا تايمز”، إن صحافيي “بي بي سي” كانوا يتساهلون في كثير من الأحيان مع المسؤولين الإسرائيليين في المقابلات ويمنحونهم “وقتاً مريحاً” لتبرير أفعالهم.
ودعا رحيم إلى “تمثيل دقيق ومتوازن وعادل وصادق” للأحداث التي سبقت الحرب، كما أشار إلى أن الهيئة تجنبت الإشارة إلى “اللغة اللاإنسانية” من المسؤولين الإسرائيليين الذين يصفون المدنيين الفلسطينيين بأنهم “حيوانات”.
وقال: “لقد أخذت بي بي سي على عاتقها في السنوات الأخيرة مهمة مكافحة الأخبار الكاذبة والمعلومات المضللة وخطاب الكراهية وأشياء من هذا القبيل، وهو اتجاه سائد في وسائل الإعلام الغربية”، مضيفاً: “أين المحتوى المتعلق بتحليل طوفان التحريض ضد الفلسطينيين وتتبع آثاره؟”.
وتأتي هذه التوترات بعد استياء الموظفين اليهود إثر قرار الإدارة عدم وصف حركة حماس بأنّها “إرهابية”. فيما عقدت إدارة “بي بي سي” اجتماعات مع موظفين من الجاليات اليهودية والفلسطينية والعربية للاستماع إلى مخاوفهم.
وقال مطلعون لـ”ذا تايمز” إن رؤساء الأخبار يمارسون ضغوطاً لضمان أن تعرض بي بي سي اللحظات “المؤلمة” من حياة الناس في غزة، وتسليط الضوء على تقارير مراسل “بي بي سي” رشدي أبو علوف وبرنامج بانوراما في الحرب.
ومع ذلك، لم يكن هذا كافياً لتخفيف المخاوف في بعض الأوساط من أن رؤساء الهيئة يشعرون بالتوتر الشديد بشأن التسبب في مزيد من الغضب والشكاوى من الحكومة ورد الفعل السلبي في الصحافة.
وقال مقدم البرامج جون سيمبسون هذا الأسبوع إنّه فقد “الكثير من الأصدقاء” بسبب دعمه العلني لموقف “بي بي سي”، وأشار إلى أنها تلقت عدداً متساوياً تقريباً من الشكاوى حول تحيزها إلى جانب إسرائيل وضدها.
وأشار سيمبسون في مقال نشره في موقع ذا نيو ستيتمانت: “الناس يحتجون على هيئة الإذاعة البريطانية لأنهم يأملون أن يتمكنوا من إجبارها على الوقوف في صفهم، وعندما لا يحدث ذلك فإن غضبهم يزداد”.
وازداد التوتر بين الصحافيين والإدارة بعد توقيف 6 صحافيين في الخدمة العربية عن العمل بعد وقت قصير على انطلاق معركة طوفان الأقصى، إثر التحريض عليهم من قبل موقع كاميرا المناصر للاحتلال، وفتح تحقيق بحقهم في منشورات اتُّهمت بـ”التعاطف مع حركة حماس” ومع فلسطين.