حرية – (25/11/2023)
سطعت أضواء الألعاب النارية وتوهجت شاشات الهواتف الجوالة لتخترق ظلام ليل بيتونيا، فيما تجمعت حشود في الضفة الغربية لاستقبال الأسرى والأسيرات من الفتيان والنساء الفلسطينيين الذين أطلق سراحهم من السجون الإسرائيلية الجمعة.
وصل 39 سجيناً فلسطينياً إلى منازلهم بعد إطلاق سراحهم بموجب اتفاق هدنة لأربعة أيام بين إسرائيل وحركة “حماس” التي أفرجت بدورها عن 13 امرأة وطفلاً من الرهائن الذين احتجزتهم خلال هجومها على جنوب الدولة العبرية في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).
احتضن أقارب وأصدقاء الأسرى المحررين الذين التحفوا بالكوفيات الفلسطينية، فيما بكى كثر وظهر عليهم تأثر غامر، وسط هتافات وطنية وإطلاق ألعاب نارية.
واحتفى مئات الفلسطينيين في بيتونيا بـ”الأبطال” الذين اعتقلوا “من أجل حرية جميع الفلسطينيين”، وفق عبارة أحد الخطباء عبر مكبر الصوت.
وحمل المشاركون عدداً من المفرج عنهم على أكتافهم، فيما لوح آخرون بالأعلام الفلسطينية ورايات حركتي “حماس” و”فتح”، وفق لقطات فيديو لوكالة الصحافة الفرنسية.
قبل وصول المفرج عنهم إلى بيتونيا، أطلق جنود الجيش الإسرائيلي الغاز المسيل للدموع أمام سجن معسكر عوفر المقام على أراضي المنطقة، وسجل الهلال الأحمر الفلسطيني 31 إصابة بالرصاص الحي والمطاطي.
في مخيم بلاطة بنابلس شمال الضفة الغربية، ابتهجت الحشود لتحرير “الأبطال”. وقال أحد الخطباء “لا أحد ينسى إخواننا الذين يقاومون ويصمدون في غزة وفي جنين”.
وشهدت مدينة جنين ومخيمها في الضفة الغربية في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) مقتل 14 فلسطينياً، وهو اليوم الأكثر دموية منذ عام 2005 في الأقل، وفق الأمم المتحدة التي تسجل عمليات القتل في المنطقة منذ ذلك التاريخ.
فيما استعرت الحرب لسبعة أسابيع في غزة، تزايد العنف أيضاً في الضفة الغربية. وقُتل شاب فلسطيني يبلغ 22 سنة صباح الجمعة برصاص الجيش الإسرائيلي في مدينة أريحا، بحسب ما أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية.
شنت “حماس” هجوماً غير مسبوق على الدولة العبرية في السابع من أكتوبر تسبب بمقتل 1200 شخص غالبيتهم مدنيون، بحسب السلطات الإسرائيلية. وتحتجز “حماس” وفصائل فلسطينية رهائن قدر عددهم بـ240 قبل تنفيذ التبادل.
ونفذت إسرائيل قصفاً مدمراً على غزة أوقع 14854 قتيلاً، بحسب “حماس”. وأوضحت الحركة أن بين القتلى 6150 طفلاً، وأكثر من 4 آلاف امرأة، كما أصيب 36 ألف شخص.
وقُتل منذ بدء الحرب أكثر من 200 فلسطيني برصاص المستوطنين والجنود الإسرائيليين في الضفة الغربية، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وتقول منظمات غير حكومية فلسطينية إن نحو 3 آلاف فلسطيني اعتقلوا في الضفة الغربية والقدس الشرقية منذ بداية الحرب.
كما أعلنت وفاة ستة معتقلين منذ السابع من أكتوبر في الأراضي المحتلة.
ووفق منظمات حقوقية غير حكومية، خاض تجربة الاعتقال أكثر من مليون فلسطيني في السجون الإسرائيلية منذ الحرب الإسرائيلية العربية في يونيو (حزيران) 1967 وبدء احتلال الأراضي الفلسطينية.
ويقول نادي الأسير الفلسطيني إن 200 طفل و84 امرأة يقبعون في السجون الإسرائيلية، من بين أكثر من 7 آلاف معتقل فلسطيني.
على بعد بضعة كيلومترات من الضفة الغربية، عاشت القدس الشرقية التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 أمسية مختلفة، حيث جرى التعبير عن الفرح بهدوء تحت أنظار الشرطة الإسرائيلية.
وقالت فاتنة سلمان “الشرطة موجودة في منزلنا وتمنع الناس من القدوم لرؤيتنا، لأن أي احتفال في شأن الأسرى المحررين ممنوع في القدس”.
واعتقلت ابنتها ملك (23 سنة) في فبراير (شباط) 2016 وهي في طريقها إلى المدرسة قبل سبع سنوات بتهمة محاولتها طعن شرطي في القدس.
ولم يكن مقرراً إطلاق سراح ملك قبل عام 2025، لكنها ستنام هذا المساء في منزلها في حي بيت صفافا.
وأضافت الأم “أحضرتها الشرطة إلى بيتنا في سيارة، الشرطة تجلس في بيتي وتمنع الناس من السلام عليها، هي متعبة وجائعة لم تأكل منذ يوم أمس”. لكنها أضافت “لا تسعني الفرحة بوجودها، أنا سعيدة جداً، قمت بتحضير الأكل لها وسأقدمه لها”.
أما مرح باكير البالغة 24 سنة التي قبعت في السجن ثمانية أعوام، فقالت “أنا سعيدة، لكن تحريري جاء على حساب الدماء”.
وأضافت “الحرية رائعة بعيداً عن جدران السجن الأربعة… لم أكن أعرف أي شيء عن أهلي، كانت إدارة السجن تتفنن بالعقوبات علينا”.
وتابعت مرح “قضيت نهاية طفولتي ومراهقتي في السجن، بعيداً من والديَّ وعن حضنهما، ولكن هكذا هي الحال مع دولة تضطهدنا ولا تترك أحداً منا بخير”.