حرية – (6/12/2023)
تتجه مصر إلى إنتاج الهيدروجين الأخضر الذي يُعد مصدرًا للطاقة النظيفة ولا يُصدر أي انبعاثات كربونية.
وحول آفاق ذلك السعي، يقول الخبير الاقتصادي المصري محمد شادي ، إن مصر تهتم بإنتاج الهيدروجين الأخضر لسببين: الأول أنه يعد وسيلة لتخزين الطاقة المتجددة التي تنتجها، والتي تتميز بأنها موسمية وغير قابلة للتخزين، والثاني هو تميزه بأنه مصدر للطاقة النظيفة، ما يُعزّز مكانة الدولة ويساعدها في أن تكون مركزًا إقليميًّا لتداول الطاقة.
ويضيف شادي، أن “الهيدروجين النظيف وسيلة نقل الطاقة الأكثر فاعلية من حيث التكلفة والسرعة، إذ يمكن إنتاجه باستخدام مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ويمكن نقلها بسهولة عبر ناقلات غاز خاصة”.
وأشار الخبير الاقتصادي إلى أن “الاستثمارات في هذا المجال كبيرة للغاية، خاصة في منطقة العين السخنة، ومنطقة الزعفرانة وجبل الزيت، وتشمل 1.1 مليار دولار من الاستثمارات في منصة تموين السفن بالعين السخنة، و15 مليار دولار لإحدى الشركات الهندية في المنطقة ذاتها، بالإضافة إلى 15 مليار دولار بموجب اتفاقية وقّعها رئيس الوزراء المصري في الصين لإنتاج الهيدروجين المستدام ونقله”.
إستراتيجية وطنية
وفي إطار توجه الحكومة المصرية نحو رفع الاستفادة من إنتاج الطاقة الخضراء النظيفة، وإقامة مشروعات إنتاج الهيدروجين ومشتقاته من الأمونيا الخضراء والوقود الأخضر، وافقت لجنة الطاقة والبيئة في مجلس النواب على مشروع قانون قدمته الحكومة بشأن حوافز مشروعات الهيدروجين ومشتقاته.
ويمنح مشروع القانون المشروعات الخاضعة للقانون حافزًا استثماريًّا نقديًّا لا تقل قيمته عن 33%، ولا تزيد على 50% من قيمة الضريبة المسددة، مع إقرار الضريبة على الدخل المتحقق من مباشرة النشاط في المشروع.
وحسب تصريحات رسمية فإن الحكومة تعمل على تطوير إستراتيجية وطنية في محاولة لتجعل مصر مركزًا إقليميًّا لإنتاج الهيدروجين الأخضر وتقوم على تصديره إلى الدول المجاورة.
ويشير شادي إلى أن مصر تمتلك مقومات عدة لإنتاج الهيدروجين المستدام، إذ تتمتع بمعدلات إشعاع شمسي عالية ومعدلات رياح قوية، ما يجعلها قادرة على إنتاجه بتكلفة منخفضة نسبيًّا مقارنة بالدول الأخرى، ووقعت مصر مؤخرًا عدة اتفاقيات مع تحالفات دولية لإنتاج الهيدروجين ومشتقاته في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، سعيًّا لأن تصبح مركزًا عالميًّا لإنتاجه.
وتهدف مصر خلال السنوات المقبلة إلى خفض انبعاثات الكربون وتعزيز استخدام مصادر الطاقة المتجددة والبديلة، بما في ذلك الهيدروجين الأخضر، كجزء من إستراتيجيتها الوطنية للمناخ 2050، وتهدف أيضًا إلى إنتاج الهيدروجين الأخضر بأقل تكلفة على مستوى العالم بحلول عام 2050 بسعر 1.7 دولار للكيلوغرام الواحد، والحصول على 8% من سوق الهيدروجين العالمي، وفقًا لتصريحات سابقة لمسؤولين حكوميين.
مصدر للاستثمار الأجنبي
وتُمثّل المشروعات في هذا المجال مصدر جذب للاستثمار الأجنبي، إذ تسعى مصر للحصول على استثمارات أجنبية تخدم الدولة في المستقبل، وفق تقدير أستاذ الاقتصاد بجامعة حلوان، الدكتور عمرو سليمان.
ويضيف سليمان، في تصريحات لـه ، أن “هذا القطاع حل مهم في وقت يعاني فيه العالم أزمات في الطاقة، خاصة في الغاز والبترول”.
وفيما يتعلق بتمويل هذه المشروعات، أكد أستاذ الاقتصاد أن “مصر تعتمد في استثمارات الهيدروجين على القطاع الخاص شريكًا أساسيًّا ومحليًّا”.
ولفت إلى أن “القروض الميسرة من المؤسسات الدولية تتميز بانخفاض تكلفة السداد، ما يجعلها خيارًا جذّابًا لتمويل مشروعات الهيدروجين الأخضر”.
ومن المتوقع أن يتضاعف اقتصاد الهيدروجين نحو 7 مرات بحلول عام 2050، ما يُمكّن مصر من الحصول على نسبة كبيرة من السوق الدولية للهيدروجين بنحو 8% وزيادة الناتج المحلي بنحو 18 مليار دولار، وفق المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية.
وتخطط الدولة لإنتاج 20 ألف طن من الهيدروجين الأخضر و100 ألف طن من الأمونيا الخضراء بحلول عام 2025، لخدمة قطاعات مختلفة يمكن تطويع مصدر الطاقة المستحدث بها، مثل قطاع النقل، والهدف النهائي هو إنتاج 220 ألف طن من الهيدروجين الأخضر و1.1 مليار طن من الأمونيا الخضراء.
ويشير أستاذ العلوم البيئية والاستدامة في جامعة عين شمس المصرية، الدكتور كريم سليمان، في تصريحات له ، إلى أن “مصر اتخذت العديد من الإجراءات لتطوير هذه المنظومة، منها إصدار إستراتيجية وطنية للهيدروجين، وتوفير الحوافز الضريبية والمالية لجذب الاستثمارات الأجنبية، والتعاون مع المؤسسات الدولية لتمويل المشروعات”.
وبالفعل، وقّعت الحكومة المصرية 23 مذكرة تفاهم مع التحالفات والشركات العالمية والمحلية في مجال إنتاج الهيدروجين الأخضر ومشتقاته.
وتشير دراسات عدة إلى توقع نمو هائل في هذا المجال، ما دفع العديد من الدول إلى إقرار حزم من الحوافز والإعفاءات الضريبية والضمانات، بهدف جذب المستثمرين إليها.