حرية – (4/1/2024)
الناقورة هي بلدة لبنانية ساحلية تابعة لقضاء صور، تقع في أقصى الجنوب الغربي للبنان، إذ تتواجد هذه البلدة على الحدود مع فلسطين، وهي المعبر الساحلي للأراضي المحتلة.
تتميز هذه البلدة اللبنانية بموقعها الجغرافي الاستراتيجي وتاريخها العريق وثروتها السياحية والسمكية، إضافة إلى أهميتها السياسية والعسكرية، فيما يخص الصراع بين إسرائيل ولبنان.
كما أن الناقورة تضم مركز القيادة لقوات الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفل)، التي تتمركز هناك لحفظ السلام في لبنان، بعد حرب إسرائيل على لبنان سنة 2006.
تاريخ تأسيس بلدة الناقورة وموقعها الجغرافي
تبعد بلدة الناقورة عن العاصمة اللبنانية بيروت بما يعادل 103 كيلومترات، ويبلغ ارتفاعها عن سطح البحر من صفر إلى 300 متر.
يحدها البحر المتوسط من الغرب، وفلسطين المحتلة من الجنوب، أما من الشمال فتحدُّها بلدة المنصوري، ومن الشرق بلدة علما الشعب وطير حرفا.
لم يتم تحديد تاريخ تأسيس البلدة، لكن حسب ما نشره موقع “القدس العربي” يشاع أنه تم بناؤها من قِبل الصليبيين، على جانبي الطريق الدولي، عندما كانوا متوجهين إلى عكا وبيت المقدس، عند مغارة عميقة.
فيما يشار إلى أنه قد تعاقبت العديد من الحضارات على هذه البلدة، من بين هؤلاء الفرس والرومان والعرب والصليبيون والمماليك والعثمانيون والفرنسيون.
أما فيما يخص أصل التسمية فهناك عدة روايات، إحداها تعود إلى عهد الإسكندر المقدوني، الذي أمر بنقر الجبل الذي يمنعه من عبور الساحل ليسهل وصوله إلى فلسطين والعراق، ليتم تسميته المكان “النواقير”، ويتحول بعد ذلك إلى الناقورة، والذي يعني الثقب أو النفق.
أما الرواية الثانية فتقول إن الاسم مشتق من الكلمة الفينيقية “نقور”، والتي تعني النقر أو الحفر، وهو ما يفسر وجود عدة كهوف ومغارات في المنطقة.
ويعتبر الموقع الجغرافي لبلدة الناقورة مهماً، وذلك لأنها بلدة تقع على الطريق الدولي الذي يربط بين بلاد الشام ومصر، وهو الشيء الذي جعلها مركزاً للتجارة وتبادل البضائع بين الحضارات القديمة.
أبرز ما تشتهر به بلدة الناقورة
يعتبر شاطئ رأس الناقورة أبرز الأماكن التي تشتهر بها البلدة، وذلك كونه من بين أنظف الشواطئ التي يمتاز بها لبنان، الشيء الذي يجعل أسماكه من بين الالذ والأشهر في كل البلاد.
كما تعرف البلدة بمناظرها الطبيعية الخلابة، من جبال وأودية، وينابيع مياه جوفية، ويمتد البحر أمامها على مساحة عشرة كيلومترات.
وتوجد في الجهة الفلسطينية من البلدة محمية طبيعية ذات منظر خلاب، يمكن من هناك مشاهدة شروق وغروب الشمس، إضافة إلى الحيوانات البحرية، الموجودة في المحمية هناك.
فيما تتميز المناطق المجاورة بالصخور التي تنزل إلى مياه البحر المتوسط، الشيء الذي يجعلها من أجمل الأماكن السياحية في لبنان ذات الإطلالة الصخرية.
بلدة الناقورة والصراع الإسرائيلي
تم غزو لبنان من طرف الجيش البريطاني عن طريق بلدة الناقورة، وذلك سنة 1945، كما قاموا بتعبيد الطريق الرابطة بين فلسطين ولبنان خلال الحربين العالمية الأولى والثانية.
وقامت القوات البريطانية بحفر نفق للسكك الحديد يربط بين مدينة حيفا وبيروت، وذلك بغرض تسهيل حركة الإمدادات من مصر إلى الشمال.
وبعد انسحاب بريطانيا من فلسطين، ومع بداية الاحتلال الإسرائيلي سنة 1948، اعتقلت القوات الإسرائيلية سكان منطقة الناقورة، وفجرت السكك الحديدية والجسور التي تم تشييدها في الكهوف لمنع الجيش اللبناني من الدخول إلى الأراضي المحتلة.
فيما قامت باحتلال جزء من البلدة وأقامت فيها مستوطنة تسمى “روش هانيكرا”، ليتم احتلالها بشكل كامل خلال حرب سنة 1967، وإدخالها ضمن مناطق السيطرة الإسرائيلية.
أما خلال سنة 1978، فقد شنَّ الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية أطلق عليها اسم “ليتاني”، هدفت إلى طرد المقاومة الفلسطينية من جنوب لبنان، ونتج عن ذلك الاستيلاء على مناطق أخرى في البلدة، وإقامة عدة مستوطنات بها.
شنَّت إسرائيل عدواناً آخر على لبنان، سنة 1982، وهو الذي أدى إلى احتلال بيروت وعدة إراضٍ في البلاد، وتشكيل ميليشيا “جيش لبنان الجنوبي” الموالية لإسرائيل، والتي سيطرت على الناقورة ومناطق أخرى.
أما خلال سنة 2000، فقد تمكنت المقاومة اللبنانية، بقيادة حزب الله، من تحرير الناقورة وكل الأراضي اللبنانية من الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما يعرف بتحرير مايو.
إلا أن إسرائيل شنت حرباً جديدة على لبنان في عام 2006، وهي الحرب التي استهدفت الناقورة ومناطق أخرى، بالقصف الجوي والبري والبحري، إلا أن المقاومة تصدت لها، ليكون الانتصار فيها من نصيب لبنان.
وتعد عملية اغتيال القيادي في حماس محمد العاروري، في بيروت، مع بداية سنة 2024، وقصف إسرائيل بلدة الناقورة من جديد بعد استهداف قياديين في حزب الله، آخر ما شهدته البلدة الجنوبية، والتي تشير إلى تصعيد محتمل بين الطرفين.