حرية – (9/1/2024)
خفضت وكالة “كريديندو” البلجيكية لائتمان الصادرات، تصنيف العراق من 6 إلى 7، فيما يتعلق بالمخاطر السياسية على المدى المتوسط والبعيد، في ظل التحديات الداخلية التي يواجهها، والمخاطر الإضافية التي أضافها الصراع بين إسرائيل وحماس والتوترات المتزايدة بين الولايات المتحدة وإيران، وتؤثر على العراق نفسه.
واعتبرت الوكالة البلجيكية في تقرير ، أن العراق يواجه مأزق في ظل التنافس الأمريكي الإيراني، حيث أن نقطة الضعف الأساسية بالنسبة للعراق، تتمثل باعتماده على كلتا القوتين.
أمريكا وإيران
وأوضح التقرير أن العراق يعتمد على إيران في إمدادات الطاقة وعلى الولايات المتحدة في أمنه، بالإضافة إلى اعتماده على واشنطن للوصول إلى احتياطياته من النقد الأجنبي والتي يتم تخزينها في الاحتياطي الفيدرالي، مذكّراً بأن واشنطن قيدت منذ نهاية العام 2022، تحويلات احتياطيات النقد الأجنبي الى العراق، ومنعت عدة مصارف من إجراء عمليات بالدولار الأمريكي بهدف الحد من التدفقات المالية المشبوهة إلى إيران وسوريا.
ولفت التقرير إلى أن ما أظهره القرار الأمريكي بتقييد التحويلات بالدولار الأمريكي، هو أن تحقيق توازن في العراق ما بين العدوين اللدودين (أمريكا وإيران)، هو بمثابة تحدٍ كبير.
طوفان الأقصى
وبالإضافة إلى ذلك، ذكر التقرير أن الحرب بين إسرائيل وحركة حماس، والتوترات المرتبطة بها بين الولايات المتحدة وإيران لا تساهم سوى في تعقيد الموقف العراقي المحفوف بالمخاطر، حيث أن هذا الصراع يهدد بزعزعة استقرار البلد.
وأوضح التقرير أن تدهور الوضع الإنساني في غزة قد يتسبب في مفاقمة السخط الاجتماعي الداخلي المتزايد في العراق، ويؤدي إلى تظاهرات عنيفة.
وإلى جانب ذلك، قال التقرير إنه منذ اندلاع الحرب بين إسرائيل وحماس، فإن الميليشيات المدعومة من إيران، استهدفت المواقع الأمريكية في العراق، وأنه بعدما امتنعت واشنطن في البداية عن الانتقام مباشرة داخل الأراضي العراقية، فإنها منذ نهاية تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بدأت باستهداف الميليشيات المدعومة من إيران بشكل مباشر في العراق نفسه، وهو ما يمثل تحولاً إستراتيجياً من جانب الولايات المتحدة، ويشكل تصعيداً كبيراً، لأن الحكومة العراقية تنظر إلى الهجمات الأمريكية على أنها تنتهك سيادة البلد وتؤدي إلى تفاقم السخط بشأن وجود القوات الأمريكية في البلد.
خروج التحالف الدولي
وأشار التقرير إلى أن الحكومة العراقية أعلنت مؤخراً عزمها على إخراج قوات التحالف الدولي من أراضيها.
واعتبر التقرير أن هذا الوضع المشتعل يجعل العراق عرضة لمجموعة متنوعة من المخاطر، مثل فرض عقوبات إضافية وأكثر حدة، وتطبيق قيود أكبر على الوصول إلى احتياطيات النقد الأجنبي، ولكنه يثير أيضاً احتمال أن يواجهة العراق تصاعداً في الاضطرابات الاجتماعية وانعدام الأمن، مضيفاً بالقول إن “أسوأ السيناريوهات”، تتمثل في أن يتعرض العراق لانتقام عسكري أكثر قوة من الولايات المتحدة أو إسرائيل.
وبعدما لفت التقرير إلى أن هذه المخاطر السياسية المتزايدة تأتي مضافة على رأس أساسيات الاقتصاد المتزعزعة بالفعل في العراق، أوضح أن النشاط الاقتصادي والمالية العامة والإيرادات، تعتمد بشكل مفرط على قطاع النفط والغاز، وهو ما يؤدي إلى تقلبات كبيرة في الاقتصاد.
وأشار إلى أنه برغم الحاجة الملحة إلى تنويع الاقتصاد المعتمد على النفط، لم يتم اتخاذ أي إجراءات ملموسة حتى الآن، مضيفاً أنه من المتوقع أن تؤدي الميزانية المالية التي تمت الموافقة عليها لمدة ثلاث سنوات، إلى تفاقم المشكلات الاقتصادية وفرض ضغوط متجددة على المالية العامة، حيث تشير التقديرات، إلى أن العراق سيواجه عجزاً مالياً عاماً كبيراً في ظل الميزانية الجديدة.
تنامي الدين العام
وتابع أنه من المتوقع أن تؤدي السياسة المالية إلى تزايد مستويات الدين العام من 44.9% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2022 إلى 61.4% من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2025، مضيفاً أن القضية الأكثر إثارة للقلق هي أنه من المتوقع أن ترتفع فاتورة الرواتب العامة بشكل كبير نظراً للزيادة المتوقعة في التوظيف في القطاع العام، حيث أن العراق يعتبر بالفعل أحد أعلى مستويات التوظيف العام في المنطقة بأكملها.
واعتبر التقرير أن هذه الحلقة المفرغة من الاعتماد الاقتصادي على أسواق النفط والغاز، يمكن أن تؤدي إلى تعقيد قدرة السلطات العراقية على تنفيذ الإصلاحات المالية الهيكلية دون تأجيج التوترات الاجتماعية.
وخلص التقرير إلى القول إنه بينما كان الوضع السياسي في العراق صعباً للغاية، فإن الصراع بين حماس وإسرائيل والتوترات الإقليمية المتصاعدة يمكن أن تفاقم من زعزعة استقرار البلد، لأنها تؤجج الاضطرابات الاجتماعية، وتزيد من انعدام الأمن وعدم الاستقرار السياسي وتعرض العراق إلى إجراءات انتقامية بعيدة المدى من قبل الولايات المتحدة أو إسرائيل.
ولهذا، ختم التقرير بالقول إن وكالة “كريديندو” قررت تخفيض تصنيفات المخاطر السياسية على المدى المتوسط والبعيد في العراق من الفئة السادسة إلى الفئة السابعة.