حرية – (13/1/2024)
كانت إسرائيل، التي تشنّ عدواناً دامياً على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023، من أوائل الدول التي وقّعت واعترفت بالاتفاقية الدولية لمناهضة الإبادة الجماعية التي أُقرّت عام 1949؛ ردّاً على مجازر الإبادة الجماعية في حق اليهود خلال الحرب العالمية الثانية 1939-1949.
وقامت دولة جنوب أفريقيا أمس، 13 يناير/كانون الثاني 2024، في دعواها أمام محكمة العدل الدولية بإدراج وثيقة الاتفاقية الدولية لمناهضة الإبادة الجماعية كدليل وحجة تستند إليها لإثبات جرائم الاحتلال الإسرائيلي في حق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، عبر القصف العشوائي على المدنيين، وقطع إمدادات الغذاء والمياه والدواء إليهم، وهو ما يمثل انتهاكاً صارخاً لهذه الاتفاقية، ما يستوجب معاقبة إسرائيل على ما اقترفته في حربها.
ما هي الاتفاقية الدولية لمناهضة الإبادة الجماعية؟
تُعرّف الجمعية العامة للأمم المتحدة اتفاقية مناهضة الإبادة الجماعية بأنّها معاهدة دولية تجرّم الإبادة الجماعية، وتُلزم الدول الأعضاء بفرض حظرها.
ويمكن القول إن هذه الاتفاقية كانت من عمل شخص واحد، وهو رافائيل ليمكين، المحامي اليهودي البولندي، الذي لجأ إلى الولايات المتحدة من النازيين، أكثر من أي اتفاقية دولية أخرى. في عام 1944، صاغ ليمكين مصطلح “الإبادة الجماعية” لما أسماه ونستون تشرشل “جريمة بلا اسم”، وقضى سنوات ما بعد الحرب مباشرة في حملة ضغط فردية في الأمم المتحدة المشكلة حديثاً، وفقاً لمقال نشرته الغارديان.
وتعتبر هذه الاتفاقية أول معاهدة لحقوق الإنسان اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع في 9 ديسمبر 1948، خلال الدورة الثالثة ضمن قرارها رقم 260. ودخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 12 يناير 1951، وصادق عليها 152 دولة عضوة في الأمم المتحدة (مايو 2021) إلتزمت جميعها بعدم تكرار جرائم الإبادة الجماعية بعد الفظائع التي ثبت ارتكابها خلال الحرب العالمية الثانية. وكان اعتماد الاتفاقية بمثابة خطوة حاسمة نحو تطوير حقوق الإنسان الدولية والقانون الجنائي الدولي كما نعرفه اليوم.
ما هي جريمة الإبادة الجماعية بحسب الاتفاقية الدولية لـ1949؟
وفقاً لاتفاقية الإبادة الجماعية، تعتبر الإبادة الجماعية جريمة يمكن أن تحدث في وقت الحرب، وكذلك في وقت السلم.
وبحسب هذه الاتفاقية، تعني الإبادة الجماعية الأفعال المرتكبة بقصد التدمير الكلي، أو الجزئي لجماعة قومية، أو إثنية أو عنصرية أو دينية، بهدف قتل أعضاء من الجماعة، أو إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بها، أو إخضاعها عمداً، لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كلياً أو جزئياً.
والأهم من ذلك، تنص الاتفاقية على التزام الدول الأطراف باتخاذ تدابير لمنع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، بما في ذلك عن طريق سن التشريعات ذات الصلة ومعاقبة مرتكبيها “سواء كانوا حكاماً مسؤولين دستورياً أو موظفين عموميين أو أفراداً عاديين” كما ذكر في المادة الرابعة.. وقد تم اعتبار هذا الالتزام، بالإضافة إلى حظر عدم ارتكاب الإبادة الجماعية، من قواعد القانون العرفي الدولي، وبالتالي فهو ملزم لجميع الدول، سواء صدقت على اتفاقية الإبادة الجماعية أم لا.
الدول الأعضاء في اتفاقية الإبادة الجماعية
تم التصديق على اتفاقية مناهضة الإبادة الجماعية لعام 1949 من قبل 153 دولة، من بينها الاتحاد السوفييتي 1954م، والولايات المتحدة 1988م. و من الدول العربية التي صادقت عليها المملكة العربية السعودية ومصر والعراق والأردن والكويت وليبيا والمغرب وسوريا وتونس.
فيما تزال 41 دولة أخرى من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة لم تصادق عليها بعد، من ضمنها 18 دولة من أفريقيا، و17 من آسيا، و6 من أمريكا.
التزامات الدول الأعضاء بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية
تلتزم الدول الأعضاء في اتفاقية مناهضة الإبادة الجماعية لعام 1949 بـ:
عدم ارتكاب الإبادة الجماعية (المادة الأولى كما فسرتها محكمة العدل الدولية).
الالتزام بمنع الإبادة الجماعية (المادة الأولى)، والتي، وفقاً لمحكمة العدل الدولية، لها نطاق يتجاوز الحدود الإقليمية.
الالتزام بالمعاقبة على جريمة الإبادة الجماعية (المادة الأولى).
الالتزام بسَنّ التشريعات اللازمة لتفعيل أحكام الاتفاقية (المادة الخامسة).
الالتزام بضمان فرض عقوبات فعالة على الأشخاص المدانين بارتكاب سلوك إجرامي وفقاً للاتفاقية (المادة الخامسة).
الالتزام بمحاكمة الأشخاص المتهمين بارتكاب جريمة الإبادة الجماعية أمام محكمة مختصة تابعة للدولة التي ارتكب الفعل على أراضيها، أو أمام محكمة جزائية دولية ذات اختصاص مقبول (المادة السادسة)
الالتزام بتلبية طلب التسليم من قبل الأطراف المتعاقدة عندما يتعلق الأمر بتهم الإبادة الجماعية، وفقاً للقوانين والمعاهدات المعمول بها عندهم (المادة السابعة)
كيف تبلورت اتفاقية مناهضة الإبادة الجماعية تاريخياً؟
اتفاقية محتّمة لمنع انتهاك قوانين الحرب وأعرافها
بعد جرائم الحرب المروّعة التي ارتكبت أثناء الحرب العالمية الثانية 1939-1949، وعزماً من الأمم المتحدة على ضمان عدم تكرارها نهائياً، اعتمدت الجمعية العامة، قبل يوم واحد من اعتماد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في 9 ديسمبر/كانون الأول 1948، اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها.
وقد أطلق النظام النازي في تلك الحقبة أحد أكثر التسميات فظاعة في التاريخ للإشارة إلى البشر الذين كانت حياتهم غير مهمة، أو أولئك الذين يجب أن يُقتلوا على الفور، فهم بالنسبة لها “الأحياء الذين لا يستحقون الحياة”.
تم تطبيق العبارة على المعاقين عقلياً، والأشخاص الذين يعانون من مشاكل طبيّة خطيرة والذين يعتبرون بالنسبة للنظام النازي “دون مرتبة من البشر”.
ألمانيا النازية إبادة ممنهجة وتخلّص من ملايين البشر
ودُبرت عمليات القتل من قبل الحزب النازي الألماني، بقيادة أدولف هتلر، الذي كان يستهدف اليهود بشكل رئيسي، لذا فالعدد الأكبر من ضحايا المحرقة كان من اليهود. وتشير الأرقام إلى أن 7 من كل 10 من اليهود في أوروبا قُتلوا بسبب هوياتهم.
قامت “فرق الموت” المتنقلة ، بقتل حوالي مليون شخص في العديد من المذابح، واستمرت في معسكرات الاعتقال؛ حيث حُرم السجناء من الغذاء والرعاية الصحية الضرورية، كان هدفهم الإبادة الممنهجة والتخلص من أعداد هائلة من البشر.
وفي عام 1945، عندما بدأت قوات الحلفاء المتقدمة في اكتشاف هذه المعسكرات، وجدت مئات الآلاف من السجناء الجائعين والمرضى محبوسين مع آلاف الجثث، كما عثروا على أدلة على وجود غرف غاز ومحارق جثث كبيرة الحجم، بالإضافة إلى آلاف المقابر الجماعية، وتوثيق التجارب الطبية المروعة، وغير ذلك الكثير.. وقتل النازيون بهذه الطريقة أكثر من 10 ملايين شخص، منهم 6 ملايين يهودي، بحسب ما ذكر لنا موقع the atlantic.
اتفاقية مناهضة الإبادة الجماعية تطبق لأول مرة..
ولم يتم تطبيق اتفاقية الإبادة الجماعية للمرة الأولى إلا خلال أوائل التسعينيات، بعد أكثر من أربعة عقود من اعتمادها، خلال المحاكمات القضائية التي أعقبت صراعات رواندا والبلقان، حيث إنه وعلى مدار 100 يوم بين أبريل/نيسان ويوليو/تموز 1994، جرت في رواندا واحدة من أسوأ الجرائم الإنسانية في أفريقيا، وربما على مستوى العالم، حين جرت عمليات “إبادة جماعية” ضد أقلية التوتسي، وراح ضحيتها ما يقرب من مليون شخص على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي.
وتوصف المذابح التي شهدتها رواندا في ذلك الوقت من قِبل المؤرخين بأنها “أكبر إبادة جماعية في أفريقيا في العصر الحديث”.
وكان تطبيقها في تلك السياقات مهماً في المقام الأول؛ لأنه يؤكد من جديد على الواجب الذي تقوم به الدول في محاسبة الأفراد المسؤولين عن جريمة الإبادة الجماعية، وكذلك عن الجرائم الأخرى المرتكبة أثناء النزاع المُسلح.
المحاكم الدولية لجرائم الإبادة الجماعية
محكمتا نورمبرغ وطوكيو العسكريتان الدوليتان
تأسست محكمة نورمبرغ العسكرية الدولية لمحاكمة ومعاقبة مجرمي الحرب من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا والاتحاد السوفييتي، والتي كانت أطرافاً في معاهدة لندن المؤرخة في 8 أغسطس 1945.
وذلك من أجل محاكمة المسؤولين العسكريين والسياسيين رفيعي المستوى في النظام النازي بعد الحرب العالمية الثانية. كما تم اختيار المدعين العامين والقضاة في هذه المحكمة من بين مواطني الدول المتحالفة المذكورة.
وخلال محاكمات نورمبرغ بين نوفمبر 1945 وأكتوبر 1946، تم توجيه التهم إلى 24 من القادة النازيين، وحُكم على 12 منهم بالإعدام، ونفّذ الحكم بالسجن على 7 منهم، وتمت تبرئة 3 آخرين..
ومع محاكمات نورمبرغ، تم تحميل الأفراد المسؤولية عن ارتكاب جرائم إبادة جماعية مخالفة للقانون الدولي لأول مرة في التاريخ وفي هذا السياق، تشكل الحالات المذكورة أعلاه نقطة تحول مهمة في تطور القانون الجنائي الدولي.
المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى
والمحكمة المخصصة الأخرى، التي تم إنشاؤها بعد الحرب العالمية الثانية بحسب موقع WE REMEMBER هي المحكمة العسكرية الدولية للشرق الأقصى (IMTFE)،و تعرف أيضا ب”محكمة جرائم الحرب بطوكيو” أنشئت في طوكيو. بعد إخطار استسلام اليابان بتاريخ 2 سبتمبر 1945.
وقد وقعت جرائم الحرب اليابانية في العديد من بلدان آسيا والمحيط الهادئ، خلال فترة العسكرية اليابانية، خلال الحرب اليابانية الصينية الثانية والحرب العالمية الثانية في المقام الأول، وقد وُصفت بعض الحوادث بمحرقة آسيا وفظائع الحرب اليابانية.
حيث ارتكب أفراد عسكريون من الإمبراطورية اليابانية بعض جرائم الحرب في أواخر القرن الـ19، بالرغم من أن معظمها قد وقع في الجزء الأول من عصر الشووا – وهو الاسم الذي أطلق على عهد الإمبراطور هيروهيتو – وحتى الهزيمة العسكرية للإمبراطورية اليابانية عام 1945.
وشملت جرائم حروب الجيش الياباني الإمبراطوري والبحرية اليابانية في عهد الإمبراطور هيروهيتو، وكانت مسؤولة عن مقتل الملايين.
وتتراوح التقديرات التاريخية لعدد القتلى بين 3 و14 مليون مدني وأسرى حرب من خلال المجازر والتجارب على البشر والمجاعات والعمل القسري الذي تم ارتكابهُ مباشرة من قِبل الجيش والحكومة اليابانية ..
تم تعيين القضاة العاملين في المحكمة من أستراليا ونيوزيلندا والهند والصين وهولندا والفلبين، بالإضافة إلى الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا والمملكة المتحدة والاتحاد السوفييتي، وقامت المحكمة بإدانة 9 من كبار القادة السياسيين و18 قائداً عسكرياً، بينما لم يتم توجيه اتهامات إلى إمبراطور اليابان هيروهيتو وأفراد آخرين من العائلة المالكة.
وفي المحاكمات التي جرت بين مايو 1946 ونوفمبر 1948، أُدين جميع المتهمين، وحُكم عليهم بأحكام تتراوح بين عقوبة الإعدام إلى السجن لمدة 7 سنوات.
المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة
ومن الخطوات المهمة الأخرى في تطبيق إتفاقية لمناهضة الإبادة الجماعية لعام 1949 على المستوى الدولي إنشاء المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة بموجب قرار مجلس الأمن رقم 827 بتاريخ 25 مايو 1993.
وتم إدراج التعاريف الواردة في اتفاقية الإبادة الجماعية بالضبط في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة دون أي تغييرات.
أول قضية إبادة جماعية حكمت فيها المحكمة كانت قضية غوران يليسيتش. وحوكم يليسيتش، المعروف باسم “أدولف الصربي”، بتهم الإبادة الجماعية والقتل والتعذيب وجرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب، وتمت تبرئته من جريمة الإبادة الجماعية بقرار من المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة في عام 1999، ولكن تمت إدانته بتهم أخرى وحكم عليه بالسجن لمدة 40 عاماً.
المحكمة الجنائية الدولية
في القرن العشرين، كانت الخصائص المشتركة لمحاكم نورمبرغ وطوكيو ويوغوسلافيا ورواندا، والتي تحاكم الأفراد على ارتكابهم جرائم إبادة جماعية ، هي أنها أنشئت مؤقتاً لتعمل خلال فترة زمنية محدودة خاصة بحدث معين.
أما المحكمة الجنائية الدولية، فهي أول محكمة جنائية دولية دائمة تنشأ بموجب اتفاقية دولية.
تم اعتماد نظام روما الأساسي، الذي يشكل الأساس القانوني للمحكمة الجنائية الدولية، في 17 يوليو/تموز 1998. ودخل النظام الأساسي حيز التنفيذ في 1 يوليو/تموز 2002، بعد إيداع وثيقة التصديق الستين لدى الأمم المتحدة.
يمنح نظام روما الأساسي المحكمة اختصاصاً في أربع فئات من الجرائم: جرائم الحرب، وجريمة الإبادة الجماعية، والجرائم ضد الإنسانية، والعدوان.
وأثناء تنظيم جريمة الإبادة الجماعية في النظام الأساسي، تم الالتزام بتعريف جريمة الإبادة في اتفاقية عام 1948.
استخدم مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة السلطة الممنوحة له للإحالة إلى المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بالسودان لأول مرة. وعلى الرغم من أن السودان ليس طرفاً في نظام روما الأساسي، فقد بدأ تحقيق في المحكمة الجنائية الدولية بموجب قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في عام 2005 بشأن الأحداث التي وقعت في منطقة دارفور.
وبعد الانتهاء من التحقيق الأولي، صدر أمر اعتقال لأول مرة بحق رئيس في السلطة (الرئيس السوداني السابق عمر البشير) في 4 مارس/آذار 2009، فيما يتعلق بجرائم حرب وجرائم إبادة جماعية يُزعم أنها ارتكبت في دارفور.
وصدرت مذكرة اعتقال ثانية بحق البشير في 12 يوليو/تموز 2010، وأدرجت جريمة “الإبادة الجماعية” ضمن الجرائم المتهم بارتكابها. وهذا التحقيق هو أول تحقيق تجريه المحكمة الجنائية الدولية في جريمة “الإبادة الجماعية”.
انتقادات للاتفاقية الدولية لمناهضة الإبادة الجماعية 1949
تعرّضت الاتفاقية إلى الكثير من الانتقاد من قِبل المختصين بسبب نطاقها غير الشامل في التصدّي لجرائم الإبادة الجماعية، وهذا يعود إلى محدودية مفهوم مصطلح الإبادة الجماعية وفق ما ذكرته دراسة صادرة عن المركز الإيرلندي لحقوق الإنسان.
وبحسبه رسّخت السوابق القضائية لمحكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة توخّي نهج تقليدي لتفسير تعريف الإبادة الجماعية تستبعد في إطاره قضايا مثل التطهير العرقي والهجمات المماثلة ضدّ جماعات بشرية.
كما يعتبر المتخصصون أن الاتفاقية الدولية لمناهضة الإبادة الجماعية، وخلافاً لمعظم المعاهدات الرئيسية الأخرى لحقوق الإنسان لا تنشئ آلية رصد وقد وجّهت بصورة دورية نداءات تدعو إلى إنشاء هيئة خاصة بالاتفاقية تطالب بأن يتم ذلك بواسطة بروتوكول إضافي للاتفاقية أو بقرار تعتمده الجمعية العامة.
وفي عام 2004 أنشأ الأمين العام للأمم المتحدة منصباً رفيع المستوى لمستشار خاص يكون معنياً بمنع الإبادة الجماعية.
وفي التقرير الذي قدمته للأمم المتحدة في يناير/كانون الثاني 2005 أكّدت لجنة التحقيق الدولية المعنية بدارفور أنّ الجرائم ضدّ الإنسانية قد لا تقلّ خطورة عن الإبادة الجماعية، مبرزة ما يعدّ في كثير من الحالات مناقشة عقيمة، بشأن ما إذا كان يجب تشخيص الأفعال بوصفها إبادة جماعية أو “مجرّد” جرائم مرتكبة ضدّ الإنسانية.
معرّفة جرائم الإبادة الجماعية بأنها تلك الشبيهة بالأعمال الوحشية النازيّة وتظلّ واحدة من “أخطر الجرائم التي تهمّ المجتمع الدولي”، والوارد ذكرها في
نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدوليّة.
بيد أنّه، إلى جانب التعريف القانوني للإبادة الجماعية الذي تعود جذوره إلى اتفاقية 1948، والذي أيدته السّوابق القضائية في وقت لاحق، يوجد تبلور شعبي لمفهوم لإبادة الجماعية أكثر، تعبيراً عن الجرائم المرتكبة ضدّ الإنسانية، حيث إنّه يشمل طائفة عريضة من الأفعال الوحشية الجماعية، لم تستطع القوانين حصرها حتى الآن.