حرية – (15/1/2024)
أكد زعيم حزب “العمال” في المملكة المتحدة سير كير ستارمر مجدداً دعمه الغارات الجوية البريطانية والأميركية في اليمن، ودان إيران على “رعاية الإرهاب”.
ودافع زعيم الحزب المعارض في مقال نشرته صحيفة “اندبندنت” عن قراره تقديم دعم قوي لرئيس الوزراء ريشي سوناك في إرسال قوات بريطانية للعمل ضد المسلحين الحوثيين، معتبراً أن موقفه هذا يستند إلى ضرورة العمل من أجل “المصلحة الوطنية”.
ويبدو أن ستارمر أيد اتخاذ إجراءات عسكرية إضافية من جانب الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، مؤكداً الحاجة إلى “الإبقاء على المرونة اللازمة للرد بالسرعة المطلوبة على التهديدات”.
وفي إشارة واضحة إلى أنه لن يتوانى عن اتخاذ تدابير عسكرية مماثلة إذا ما أصبح رئيساً للوزراء، حذر الجهات التي تعتزم إلحاق الأذى ببريطانيا أو استهداف مصالحها أو تعريض مواطنيها للخطر، داعياً إياها إلى “عدم التشكيك للحظة في جدية تصميم بلادنا على الرد على عدوانها”، على حد تعبيره.
إلا أن زعيم حزب “العمال” كرر في المقابل دعوته رئيس الوزراء البريطاني سوناك، إلى توضيح طبيعة التحركات التي قام بها لأعضاء البرلمان في جلسة يوم الإثنين.
ستارمر أعرب عن هذه المواقف بعدما كان قد تعرض لانتقادات من أعضاء جناح اليسار في حزبه، المقربين من جيريمي كوربين (الزعيم السابق للحزب المعارض)، على تأييده الغارات الجوية.
وفي هذا الإطار، اتهمت وزيرة الداخلية السابقة في حكومة الظل دايان أبوت – التي أصبحت الآن نائبة مستقلة في البرلمان – سير كير بالتراجع عن تعهد كان قد أطلقه في حملته للفوز بقيادة الحزب المعارض ضد كوربين.
ومعلوم أن جيريمي كوربين – الذي يعد من أشد منتقدي “حلف شمال الأطلسي” (الناتو) عارض مراراً حصول تدخل عسكري من جانب الدول الغربية، وأكد في مقابلة تلفزيونية أجريت معه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، رفضه وصف حركة “حماس” بأنها منظمة إرهابية.
وأشارت السيدة دايان أبوت إلى أن سير كير كان قد أفاد بأنه “لن يدعم الحرب إلا إذا كانت لها مبررات قانونية، وإذا ما وضع لها هدف قابل للتطبيق، ووافق عليها البرلمان”. واعتبرت ان الإجراء الراهن في اليمن “لا ينطوي على أي من هذه العناصر الثلاثة، ومع ذلك فهو (ستارمر) يدعمه”.
سعى سير كير ستارمر إلى النأي بنفسه عن سلفه في زعامة حزب “العمال” جيريمي كوربين، الذي كان ينظر إلى سجله في موضوع الدفاع على أنه مضر بالحزب (أسوشيتد برس)
يشار إلى أن سير كير الذي لم يأتِ في مقاله في صحيفة “اندبندنت” على ذكر سلفه في زعامة حزب “العمال” بالاسم، أكد أنه اتخذ نهجاً مغايراً تماماً في ما يتعلق بالأمور العسكرية. ورأى أن الغارات التي يشنها الحوثيون على السفن “يجب أن تتوقف”، معتبراً أنه من “الصواب أن تضطلع بريطانيا بدورها” في وضع حد لها.
وقال سير كير بوضوح: “في ظل قيادتي، لم يتوان حزب ’العمال‘ أبداً عن الوفاء بالتزامه الدفاع عن بريطانيا وقيادتها على الساحة الدولية”.
وفي وقت تجمع فيه آلاف المحتجين في مدن عبر المملكة المتحدة ودول أوروبية للاحتجاج على الحرب التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة، وكذلك على الضربات على اليمن، أقر سير كير بأن القيام بعمل عسكري هو “من أخطر القرارات التي يمكن أن تتخذها أية حكومة وأكثرها جدية”، لكنه لفت إلى أن “الهجمات التي يشنها المتمردون الحوثيون على سفن تجارية في البحر الأحمر، تهدد أحد أهم طرق التجارة في العالم، وتعرض حياة مدنيين وعسكريين بريطانيين للخطر”. وقال “يجب أن يتوقفوا، ومن الصواب أن تضطلع المملكة المتحدة بدورها إلى جانب حلفائنا، في ردع تلك الهجمات”.
ويأتي موقف زعيم الحزب المعارض بعد يوم ثانٍ من الضربات على المواقع التي يسيطر عليها المتمردون في اليمن، حيث قامت قوات الولايات المتحدة بـ”عملية متابعة” للإجراءات التي بدأتها، وذلك بقصف موقع رادار للحوثيين.
ففي الساعات الأولى من صباح الجمعة – وفي رد على أسابيع من الهجمات بطائرات مسيرة وتوجيه صواريخ على سفن تجارية في البحر الأحمر ذي الأهمية الاستراتيجية – قامت طائرات حربية وسفن وغواصات أميركية وبريطانية بقصف 28 موقعاً وضربت أكثر من 60 هدفاً في اليمن.
ويزعم الحوثيون الذين يدعمون حركة “حماس”، أنهم يستهدفون فقط السفن المرتبطة بإسرائيل، في أحد أكثر طرق الشحن ازدحاماً في العالم، بسبب الحرب التي تقوم بها في غزة.
وفيما دعا زعيم حزب “العمال” الحكومة البريطانية إلى محاولة التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة، بهدف تحقيق “السلام والأمن الإقليميين”، انتقد إيران على قيامها بدور مزعزع للاستقرار في المنطقة.
وكتب في هذا الإطار أنه “في موازاة العمل العسكري الأساس، يتعين على المملكة المتحدة أن تواصل المسار الدبلوماسي – عبر الأمم المتحدة ومن خلال مناقشاتنا مع الجهات الفاعلة الإقليمية – مما من شأنه أن يقلل من خطر حدوث مزيد من التصعيد الخطر للصراع. أما النظام الإيراني فيضطلع بدور مزعزع للاستقرار في المنطقة، باعتباره راعياً للإرهاب”. وعكست كلماته الموقف الرسمي الذي عبر عنه وزير الخارجية البريطاني لورد ديفيد كاميرون، عندما قال إن الضربات العسكرية “وجهت رسالة واضحة للغاية ليس إلى الحوثيين فحسب، بل إلى إيران أيضاً”.
من المنتظر أن يحض سير كير رئيس الوزراء ريشي سوناك اليوم الإثنين على توضيح الطريقة التي ستتم من خلالها حماية المصالح البريطانية و”تجنب أخطار التصعيد” في المنطقة (مصادر مشتركة/ وكالة الصحافة الفرنسية عبر صور غيتي)
ورأى كاميرون الذي تولى سابقاً منصب رئيس الوزراء في بريطانيا أن “هذا التصعيد سببه الحوثيون”. وقال في مقابلة مع شبكة “أن بي سي” الأميركية، إن “هذا الإجراء كان رداً على ما قاموا به، ويهدف إلى توجيه رسالة واضحة للغاية إليهم، مفادها أنه إذا ما تصرفوا بهذه الطريقة، فلن تكون هناك مجرد تحذيرات، بل ستترتب عن أفعالهم عواقب”.
وفي تعليق على الانتقادات الموجهة إلى رئيس الوزراء ريشي سوناك على سماحه بشن ضربات من دون استشارة أعضاء البرلمان، قال سير كير ستارمر إنه يتفهم أنه على بريطانيا المبادرة إلى الرد “بالسرعة اللازمة” على التهديدات.
إلا أنه دعا رئيس الوزراء إلى الإدلاء ببيان في “مجلس العموم” اليوم الإثنين، “لطمأنة الرأي العام إلى ما يحصل، وكذلك لشرح الطريقة التي سنحمي من خلالها المصالح البريطانية، ونتدارك أخطار التصعيد”.
ومع البدء بتوجيه الضربات أشار بيان مشترك صادر عن دول منها المملكة المتحدة والولايات المتحدة، إلى أن الإجراء اتخذ “بما يتوافق والحق الطبيعي الأساس في الدفاع عن النفس، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي”.
وقال سوناك إنه “على رغم التحذيرات المتكررة التي وجهها المجتمع الدولي، فقد واصل الحوثيون شن هجمات في البحر الأحمر، بما فيها استهداف سفن حربية بريطانية وأميركية هذا الأسبوع فقط”.
وختم رئيس الوزراء البريطاني بالتأكيد أن ما يقوم به الحوثيون “لا يمكن أن يصمد”، موضحاً أن حكومته لجأت إلى اتخاذ “إجراءات محدودة وضرورية ومتناسبة، في إطار الدفاع عن النفس”، جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة.