حرية – (21/1/2024)
مستخدمة طريقة السرد القصصي الخفي، تعلن هيئة الألوان العالمية “بانتون” لون عام 2024 وهي تتجول بنا واصفة حالة تتولى تأثيراتها موجة تلو أخرى في صعود درامي شيق، لتعبر عن قصة لون مرهف يوقظ الحواس ويشغف القلب، لنصل في نهايتها إلى مكان مفعم بالرفاه والازدهار.
الخوخي للتواصل والخلود
لون عام 2024 هو اللون الخوخي أو الدراقي المخملي، وهو اللون الـ25 في تاريخ برنامجها اللوني، أطلقت عليه بانتون اسم “بيتش فوز Peach Fuzz “أو زغب الخوخ، المتمثل رقمياً بالكود التالي Pantone13-1023. وبتفصيل أكثر هو لون الخوخ في أهدأ درجاته وأكثرها دقة تلك التي نراها في الزغب المخملي الذي يغطي قشرته الخارجية، كما يمكننا أن نراها في درجات القرنفل الهادئ.
وفي بيانها على الموقع الرسمي لـ”بانتون”، تقول المديرة التنفيذية للمعهد لياتريس إيزمان، “في سعينا للحصول على درجة لونية تحاكي توقنا الفطري إلى القرب والتواصل، اخترنا لوناً يشع بالدفء والأناقة العصرية، لوناً يتردد صداه مع الرحمة ويوفر احتضاناً ملموساً ويربط بطريقة غاية في السهولة بين الشباب والخلود”.
وتتابع إيزمان “لون للتعبير عن رغبتنا في أن نكون قريبين ممن نحبهم، وأن نعبر عن الفرحة التي نستمدها من السماح لأنفسنا بالتناغم مع هويتنا والاستمتاع بلحظة من الهدوء بمفردنا، لذا كان من الضروري أن ينقل لون هذا العام رسالة الرحمة والتعاطف من خلال احتضانه الدافئ والترحيبي، كما لو أنه يذكرنا طوال الوقت بضرورة أن نكون أكثر اهتماماً ورعاية لمن حولنا، وأكثر قدرة على جمع الناس معاً، إضافة إلى إثارة الشعور بمدى أهمية حاسة اللمس.
في وصف مختصر هو اللون الذي يعكس شعورنا بعيش لحظات من البساطة، وفي الوقت ذاته أعيدت صياغته ليطرح أجواء أكثر معاصرة، ثم لينقلنا بخفته وحضوره المتجدد إلى المستقبل”.
ينقل لون هذا العام رسالة الرحمة والتعاطف من خلال احتضانه الدافئ والترحيبي
الشعور بالملاذ
وتبدو “بانتون” واثقة وهي تعلن عن اللون وتأثيراته، واصفة إياه بأنه حسي بشكل دقيق وفائق. لون خوخي ينبع من القلب ويجلب شعوراً باللطف والرقة والشفافية، ويوصل رسالة مضمونها الاهتمام والرعاية والمشاركة والوحدة والتعاون. وتسلط درجته اللونية الدافئة والمريحة الضوء على رغبتنا في التعاون والعمل مع الآخرين، وعلى الاستمتاع بلحظة من السكون والشعور بالملاذ. وتقدم مقاربة ونهجاً مفعمين بالنشاط لحالة مختلفة تماماً من النعومة، إنه لون جذاب يأخذ مكانه بشكل مرهف بين اللونين الوردي والبرتقالي، يلهم الانتماء ويقدم فرصة للرعاية واستحضار جو من الهدوء واللطف، مما يوفر مساحة للشفاء والازدهار.
وفي حين يتمحور اللون حول التجربة الإنسانية لإثراء وتغذية العقل والروح والجسد، هو أيضاً راق ومعاصر بعمق يتميز بخفته التي لا تقدر بثمن ولكنها مؤثرة، الأمر الذي يستحضر الجمال إلى العالم الرقمي ويخلق نوعاً من الحداثة المستجدة.
العامل الداخلي
وعن سبب اختيار هذا اللون ليمثل عام 2024، تنطلق “بانتون” من مجموعة معايير تبدأ بالتركيز على العامل الداخلي وتنتهي في التأثير بشكل فعال وصحي بالعالم الخارجي، فتقول “في عالم يركز في الغالب على الإنتاجية والإنجازات الخارجية، من الأهمية بمكان أن ندرك أهمية تعزيز ذواتنا من الداخل وإيجاد لحظات من الراحة والإبداع والتواصل الإنساني وسط صخب الحياة الحديثة. وفي الوقت الذي تعم فيه الاضطرابات العديد من جوانب حياتنا، تصبح حاجتنا الآنية إلى الرعاية والتعاطف والرحمة أقوى من أي وقت مضى، وكذلك هي الحال مع تصوراتنا لمستقبل أكثر سلاماً. ويذكرنا هذا اللون بأن الجزء الأكثر حيوية في عيش حياة كاملة هو التمتع بالصحة الجيدة والقوة العقلية والقدرة على التحمل والجلد للاستمتاع بها”.
وتتابع هيئة الألوان العالمية في بيانها، “بينما نعبر الحاضر ونحن نبني متجهين إلى عالم جديد، نعيد تقييم ما هو مهم من خلال إعادة صياغة الطريقة التي نود أن نعيش وفقها. فإننا نعبر عن أنفسنا بقصد واضح وبإيلائها اهتماماً وأهمية أكبر، ثم من خلال إعادة ضبط أولوياتنا لتتماشى مع قيمنا الداخلية، فإننا نولي تركيزاً أكبر على الصحة والرفاهية، العقلية والجسدية على حد سواء، ونهتم بكل ما هو مميز كالدفء والراحة والحماسة في قضاء الوقت مع الأصدقاء والعائلة، أو حتى مجرد تخصيص المزيد من الوقت لأنفسنا”.
تطبيقاته
وشرحت “بانتون” طريقة تطبيقه بشكل مفصل، قائلة “أولاً فيما يخص الخامات والإكسسوار، تجذب درجة اللون الخوخي المغلف البصر وتلفت الأنظار، وتدفعنا بصورة غريزية للتواصل والتلامس، وهذا اللون في الحقيقة ينقل رسالة لمس تتجلى في خامات الفرو والجلد وتلك المخملية الناعمة والمبطنة، ويوقظ حواسنا إلى طبيعة الحالة المريحة للملمس المغلف بالدفء.
أما في مجال التصميم الداخلي وديكور المنزل، فتخلق إضافة هذا اللون الناعم والمريح في الديكورات الداخلية للمنزل، أجواء ترحيبية احتفائية، وتعزز مشاعر الدفء سواء طبّق على الجدران أو في قطع الديكور أو بمثابة لمسة ثانوية جمالية داخل نمط ما، فهو يغمر عوالمنا الأكثر خصوصية بالحضور المريح.
وفي مجال الجمال والشعر، يضفي هذا اللون المعاصر لمسة أثيرية وعاكسة على الشعر، ويخلق توهجاً وردياً طبيعياً وجذاباً عبر مجموعة كبيرة ومتنوعة من الألوان الفاتحة، كما بإمكانه أن يعطي البشرة مظهراً مفعماً بالحيوية نظراً لتنوع درجاته الهادئة، إذ يفتح الباب أمام مجموعة واسعة من خيارات أحمر الشفاه والخدود ولون البشرة وتحديد الوجه، ويضيف دفئاً ناعماً للعينين والشفاه والخدين مما يجعل المظهر يبدو أكثر صحة وعافية، إذ يعطي مظهراً منعشاً وشبابياً عندما يقترن باللون البني الترابي، ومثيراً وجاذباً عندما يقترن باللون الأحمر الداكن.
وفي عالم الوسائط المتعددة، يمكن لهذا اللون أن يبرز وجوده بسلاسة في العالمين المادي والرقمي ليبدو وكأنه مدرك بشكله الملموس، إذ إن ملمسه الدافئ يجعله جذاباً ولافتاً لمجموعة متنوعة من المنتجات، من الأطعمة والمشروبات إلى مستحضرات التجميل والأكسسوار، كما إنه يغري حاسة التذوق ويدعو المستهلكين للتواصل واللمس.
25 عاماً
وكانت شركة “بانتون” بدأت عملها عام 1962 كمصنع لإنتاج بطاقات الألوان، بينما تأسس معهد “بانتون” عام 1985، وأنشأ عام 1999 برنامجه “لون العام الثقافي” لإشراك مجتمع التصميم وعشاق الألوان حول العالم في مناقشات حول اللون. أرادت “بانتون” لفت الانتباه إلى العلاقة بين الثقافة واللون، لتسليط الضوء على طريقة يعبر من خلالها عما يحدث في الثقافة العالمية وانعكاسه عبر لغة الألوان.
وتحتفل “بانتون” هذا العام بمرور 25 عاماً على مولد برنامجها “لون العام”، نما خلالها إرثها وأصبح برنامجها حجر محك ثقافي عالمي، استحوذ على خيال العديد من المصممين والعلامات التجارية والمستهلكين، وظهر تأثيرها جلياً في عالم الأزياء ومستحضرات التجميل الملونة والمفروشات وتصميم السيارات والتصميم الصناعي، فضلاً عن المنتجات والتغليف وتصميم الوسائط المتعددة والديكورات الداخلية. ويأمل فريق “بانتون” في أن يكون قد استطاع نشر إلهام خلال هذه السنوات للنظر إلى اللون بطريقة مختلفة، والتنبه إلى قوة ارتباطه بالإنسان والدور الأساس الذي يلعبه في تجربتنا الإنسانية، كما يعبر عن امتنانه لقدرته على تزويد المصممين وعشاق الألوان في جميع أنحاء العالم، بوسيلة تمكنهم من رواية قصصهم الخاصة من خلال لغة اللون، وتساعدهم على عرض إبداعاتهم داخل مجتمعاتهم.