حرية – (4/2/2024)
علّقت صحف عالمية على الضربات الأمريكية التي استهدفت يوم الجمعة سبعة مواقع تابعة لميليشيات مدعومة من إيران في سوريا والعراق، بحسب بيان وزارة الدفاع الأمريكية.
ووصفت صحيفة وول ستريت جورنال، في افتتاحيتها بعنوان “هل سيتمكن بايدن من ردع إيران في نهاية المطاف”، هذه الضربات بأنها “إحدى أكثر الهجمات العسكرية التي حظيت بترويج ضد عدو في التاريخ”.
وأشارت الصحيفة إلى أن مسؤولين أمريكيين عكفوا على مدى أيام يعلنون عن هجمات آتية رداً على هجوم استهدف قاعدة عسكرية أمريكية في الأردن وأودى بحياة ثلاثة أمريكيين.
ورصدت الصحيفة كذلك إشارة مسؤولين من إدارة الرئيس بايدن إلى أن هذه الهجمات ستكون في الغالب ضد الميليشيات وليس ضد إيران، لافتة إلى أنه كانت هناك حتى تسريبات للإعلام مفادها أن الولايات المتحدة تنتظر أن تتضح الصورة الأكثر في الشرق الأوسط.
وقالت وول ستريت جورنال إن قيادات الميليشيات لا يمكنهم أن يدّعوا أنهم لم يتلقوا تحذيرا، “وإذا كان بينهم مَن لم يبتعد عن المناطق المستهدفة فهؤلاء ولا شك هم أكثر إرهابيّي العالم صَمما”.
ورصدت الصحيفة تلويح وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن يوم الخميس “بالقدرة على عمل المزيد”، قائلة إن السؤال هنا هو هل ستستخدم الولايات المتحدة ما يكفي من تلك القدرة لإرسال رسالة ردع مثمرة؟.
ورأت وول ستريت جورنال أن الهجمات الانتقامية الأمريكية حتى الآن ضعيفة ولم تعمل عملها المرجوّ منها، قائلة إن التحذيرات الأمريكية العديدة التي سبقت هذه الهجمات ترسل رسالة مفادها أن الولايات المتحدة لا ترغب في إنزال أضرار جسيمة بالميليشيات، وهذه بدورها قد تترجم ذلك على أنه دليل على المخاوف الأمريكية من التصعيد.
وقالت الصحيفة إن “الهجمات على الأمريكيين من المرجح ألا تنتهي إلا إذا كانت خشية العدو من التصعيد تفوق خشية الرئيس بايدن من الأمر نفسه”.
“لا نريد حربا”
وفي صحيفة رأي اليوم اللندنية نطالع مقالا للكاتب الفلسطيني كمال خلف، تحت عنوان “العدوان الأمريكي لن يغير شيئا”.
ورأى خلف أن خمسة أيام من التهديدات الأمريكية المتكررة بشن هجمات في سوريا والعراق “كانت كفيلة بإخلاء المقرات العسكرية والاستعداد للهجوم المرتقب، وهو ما حدث بالفعل قبل الضربات الأمريكية .. فضلا عن إبلاغ واشنطن الحكومة العراقية مسبقا عن موعد الهجمات”.
وتساءل الكاتب عن جدوى تلك الهجمات إذا كانت الإدارة الأمريكية تعلم أن “هذا العدوان لن يوقف الهجمات ضد قواتها في سوريا والعراق؟”.
وتابع خلف قائلا إن الإدارة الأمريكية إذا لم تكن تعلم بعدم جدوى الهجمات “فإنها علمت ذلك بعد ساعات فقط من العدوان، عندما تعرّضت قاعدتها في التنف على مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية لهجوم بطائرة مسيرة قادمة من العراق، كما تعرضت قاعدة عين الأسد لرشقة صاروخية، وكذلك حقل كونيكو في سوريا – في رسالة واضحة من المقاومة مفادها أن الهجمات لم تؤثر، ونحن مستمرون”.
ورأى الكاتب أن هذه الإدارة الأمريكية “تغامر بوجودها وجنودها ومصالحها ومكانتها في الشرق الأوسط، وتشن هجمات عسكرية ضد اليمن والعراق وسوريا وتضغط وتهدد لبنان”، في حين أن على تلك الإدارة فقط أن تُرغم رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو على وقف الحرب في غزة لأن “هذا هو الشيء الوحيد الذي يوفّر على واشنطن كل هذا التصعيد وهذه المغامرات العسكرية غير محسوبة العواقب”.
وأكد خلف أن الهجمات “التي تشنها واشنطن على امتداد جغرافيا المقاومة في منطقتنا لن تغيّر من حقيقة التغيرات والتحولات ذات الطابع الاستراتيجي في الشرق الأوسط”.
ورأى الكاتب أنه “إذا أرادت واشنطن إحداث انقلاب في هذا المسار الثابت، عليها أن تُنزل عشرات الآلاف من الجنود على الأرض في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين وتخوض حربا شاملة على جبهات متعددة، وهذا غير وارد وغير ممكن وكارثي على مستقبل مركزية الولايات المتحدة في النظام الدولي، لا سيما في ظل انتظار خصومها الدوليين الكبار وقوعها في مثل هذا الخطأ التاريخي، وأركان إدارة بايدن يعون ذلك بشكل جيد، وهم يرددون لازمة ‘لا نريد حربا’”.
“موقف عَبثي”
ونشرت جيروزاليم بوست مقالا للكاتب جوناثان سباير بعنوان “مَن قتل الجنود الأمريكيين الثلاثة في قاعدة البرج22؟”.
ورأى سباير أن من نفّذ هجوم قاعدة البرج22 “استطاع بضربة واحدة أن ينقل الحملة التي تقودها الولايات المتحدة في العراق وسوريا من الهامش إلى مركز الاهتمام في صورة الشرق الأوسط الراهنة”، وجعل كلا من مناصري الولايات المتحدة ومناهضيها في المنطقة يترقبون كيف سيأتي الرد الأمريكي.
ولفت سباير إلى “المقاومة الإسلامية في العراق” مشيرا إلى أنها الجهة التي دأبت على إعلان مسؤوليتها منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023 عن الهجمات على القواعد الأمريكية في العراق وسوريا.
وقال الكاتب إن اسم “المقاومة الإسلامية في العراق” هو اسمٌ جامعٌ يدلّ على عدد من الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، أكثر من دلالته على جماعة بعينها.
ورأى سباير أن الميليشيات العراقية تستخدم هذا النوع من الأسماء طبقا لاستراتيجية قديمة لتفادي الردود الأمريكية الانتقامية العنيفة ضد جماعة بعينها، فضلا عن أن هذه الميلشيات هي أذرع عسكرية لأحزاب سياسية تشكل جزءا من الحكومة العراقية، وهي تريد ضمان استمرارية الوصول إلى النظام المالي الأمريكي، على حد زعمه.
ولفت الكاتب إلى أن “المقاومة الإسلامية في العراق” هي مظلة لعدد من الميليشيات بينها: كتائب حزب الله، وحركة النجباء، قائلا إن أغلب الظن أن إحدى هاتين الجماعتين (ولا سيما كتائب حزب الله نظرا لسِجلها في مهاجمة أهداف أمريكية قبل وبعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول) هي من نفّذت الهجوم على قاعدة البرج22.
وقال سباير إن هاتين الجماعتين تتبعان فيلق القدس الذي هو وحدة قوات خاصة للحرس الثوري الإيراني، لافتاً إلى أن أياً من الجماعتين لا تحاول إخفاء هذه التبعية.
أما طهران، في المقابل، فتصرّ على إنكار أي صلة بينها وبين الميليشيات التي تهاجم القوات الأمريكية في العراق وسوريا – وهو “موقف عَبثي” من وجهة نظر الكاتب.