حرية – (6/2/2024)
مع تعثر طريق ليبيا نحو الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، بات البلد الأفريقي يفتش عن وسائل للدعم، تقنع فرقاءه بالجلوس إلى طاولة خماسية، دعت لها الأمم المتحدة، لتحييد «القوة القاهرة».
وسائل يبدو أن الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي «عجزا» عن تسهيل الطريق إليها؛ مما دفع ليبيا لأن تولي وجهها شطر الاتحاد الأفريقي، ذلك الكيان الذي تنضوي تحت لوائه.
وتحت هذا الشعار العريض، عقدت اللجنة الرفيعة المستوى للاتحاد الأفريقي المعنية بليبيا، اجتماعًا يوم الإثنين، بالعاصمة الكونغولية برازافيل، شارك فيه رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس جمهورية جزر القمر المتحدة، رئيس الاتحاد الأفريقي، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، ونائب أمين جامعة الدول العربية، ورئيس الوزراء الجزائري، وقادة دول الجوار الليبي، أو من يمثلونهم، ورئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، وممثلي رؤساء الدول والحكومات الأعضاء في اللجنة الأفريقية المعنية بليبيا.
اجتماع جاء بمثابة قمة مصغرة تسبق ترتيبات مؤتمر المصالحة الوطنية المزمع عقده في سرت (وسط ليبيا) منتصف أبريل/نيسان المقبل.
فهل يعيد اجتماع برازافيل للاتحاد الأفريقي دوره في ليبيا؟
بالنظر إلى البيان الختامي، فإن الاجتماع وضع يديه على الجرح النازف في ليبيا؛ إذ دعا جميع الأطراف الخارجية إلى ضرورة التوقف والامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية لليبيا، لأن ذلك «يقوض المصالح الأساسية للشعب الليبي وتطلعاته المشروعة».
ليس هذا فحسب، بل إنه أكد على الحاجة الملحة لسحب كل المقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا وفقاً لقرارات الاتحاد الأفريقي والقرارات الدولية ذات الصلة.
نقطتان أضيفتا إلى غيرهما، كانتا بمثابة تشخيص للأزمة الليبية، التي فاقمتها التدخلات الخارجية، وأذكاها تواجد المقاتلين الأجانب والمرتزقة على أراضي البلد الأفريقي، مما دفع مراقبين إلى الاعتقاد بأن جهود الاتحاد الأفريقي، قد تقود إلى حل لأزمة الـ13 عامًا.
وكان الاجتماع أشاد بما وصفه بـ«التقدم السياسي الكبير في ليبيا المفضي إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، أكد على ضرورة المصالحة الوطنية الشاملة، وترحيبه باتفاق الأطراف الليبية على عقد مؤتمر المصالحة الوطنية في 28 أبريل/نيسان 2024 في مدينة سرت».
إلا أن آمال المراقبين اصطدمت بجدار عازل، فآخرون قللوا من «قدرة» الاتحاد الأفريقي على تضميد جراح ليبيا؛ مستشهدين بالتوترات التي تفاقمت بفعل الانقلابات وغيرها من الأزمات التي تحاصر بلدانًا عادة في القارة السمراء، و«عجز» الاتحاد الأفريقي عن تصفيرها أو وضع مسكنات لها.
فهل ينجح الاتحاد الأفريقي بليبيا؟
يقول رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالمؤتمر الوطني الليبي السابق عبد المنعم اليسير، في حديث لـه ، إنه رغم ما وصفه بـ«حالة الضعف التي يمر به الاتحاد الأفريقي، إلا أن نشاطه ودعمه المصالحة الوطنية الليبية يعتبر خطوة مهمة جدا للاتحاد وليبيا».
وأوضح أن أهمية الخطوة لا تكمن في إعادة دوره (الاتحاد الأفريقي) في ليبيا بل أيضا لتعزيز دوره في القارة السمراء، مناشدًا القادة الأفريقيين بضرورة العمل بجهد من أجل دعم المصالحة الوطنية في ليبيا وإعادة سيادتها.
رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالمؤتمر الوطني الليبي السابق، أضاف أنه إذا ما تمكن الاتحاد الأفريقي من مساعدة الأطراف في الوصول إلى الحلول التي يتفقون عليها، فإن تلك الأطراف ستقبل بدور الاتحاد.
وأشار إلى أنه دائما ما توجد حلول وسط يتقبلها الجميع مع بعض التنازلات، مناشدًا الاتحاد الأفريقي بضرورة العمل على تكثيف الجهود على الصعيد الدولي وخلق الحوافز للدول المتدخلة في ليبيا عسكريا لإخراج المرتزقة من البلد الأفريقي.
فـ«هناك آليات وطرق سياسية تكتيكية يجب على الاتحاد الأفريقي اتباعها. وعليه التفتيش عنها مع المختصين وطلب المقترحات التي في جعبتهم»، يقول عبدالمنعم اليسير.
واعتبر رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي بالمؤتمر الوطني الليبي السابق، طلب المجلس الرئاسي، من مفوضية الاتحاد الأفريقي مواصلة دعم الليبيين لضمان نجاح مؤتمر المصالحة المرتقب، بـ«الخطوة الجيدة؛ كون الاتحاد الأفريقي يتمتع بالحيادية والوقوف على مسافة واحدة من جميع أطراف النزاع، ما يعني أن حظوظ نجاحه ستكون أوفر».
واستشهد على رؤيته بـ«تجارب جنوب أفريقيا ورواندا والتي تعتبر من أنجح التجارب في الوصول إلى المصالحة الوطنية»، مشيرًا إلى أنه «لهذا يتمتع الاتحاد الأفريقي بعدة مزايا ربما تمكنه من تقديم الكثير، ليس في ترتيب اللقاءات وتسهيل التواصل بين الأطراف فقط، بل في تقديم المقترحات لكيفية تنفيذ مشروع المصالحة بما في ذلك جمع السلاح وتوحيد المؤسسة العسكرية وخروج القوات الأجنبية والمرتزقة».
مضيعة للوقت؟
إلا أن المحلل السياسي الليبي كامل المرعاش، اعتبر مثل هذه الاجتماعات «مضيعة للوقت»، مشيرًا إلى أن الاتحاد الأفريقي «عاجز تماماً عن معالجة أي قضية أفريقية ناهيك عن الأزمة الليبية المتشابكة والتي تديرها أطراف دولية وإقليمية لا تقيم أي وزن للاتحاد الأفريقي».
وحول مناشدة الاتحاد الأفريقي بضرورة إخراج المرتزقة، أوضح المحلل الليبي، في حديثه ، أن الأطراف المحلية الليبية هي السبب المباشر في وجود المرتزقة والتدخلات الأجنبية، مشيرًا إلى أن حكومة الوحدة الوطنية (منتهية الولاية) برئاسة عبدالحميد الدبيبة تعتمد بشكل مباشر على المرتزقة السوريين في بقائهم بالسلطة، فكيف يمكن أن تقبل بحلول تأتي من الاتحاد الأفريقي؟
أما عن ملف المصالحة، فأكد المرعاش، أن «المصالحة بين الليبيين لا تحتاج لوساطة ودعم أحد. إنها بحاجة إلى آليات وطنية وصدق نوايا»، متوقعًا ألا يثمر مؤتمر أبريل عن تقدم في ذلك الملف.
وجهة النظر ذاتها أشار إليها عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب علي التكبالي والذي قال في حديث له، إن الخلاف الذي بين الفرقاء لن يتغلب عليه مبعوث الأمم المتحدة ولا الاتحاد الأفريقي؛ معبرًا عن اعتقاده بألا تتمخض القمة عن شيء على أرض الواقع، مكتفية بالتوصيات التي أصدرتها.
وبحسب البرلماني الليبي، فإن الفرقاء الليبيين لن يقبلوا بأي حلول تأتي من الاتحاد الأفريقي، قائلا: «لا أعتقد انهم سيقبلون بأي شيء بمحض إرادتهم»، متوقعًا ألا يستطيع الاتحاد الأفريقي حلحلة الخلافات بين الليبيين أو فرض حلول على الدول النافذة في البلد الأفريقي (الدول الأوروبية والولايات المتحدة).