حرية – (10/2/2024)
اتهم رئيس وزراء إسرائيلي سابق بنيامين نتنياهو بإطالة أمد الهجوم على غزة دون سبب مقنع وعرقلة الطريق إلى السلام فيما الرهائن المختطفون متروكون للموت.
وفي إدانة لاذعة قال إيهود أولمرت إن “غطرسة” نتنياهو و”مراوغاته” أدتا إلى إخفاقات أمنية كارثية، مما سمح بهجوم “حماس” الذي أثار الصراع الحالي. كما حذر من أن “الأصوليين والمتطرفين” اليمينيين الذين جلبهم رئيس الوزراء إلى الائتلاف الحاكم في إسرائيل يعوقون الحاجة الأساسية للتسوية ولديهم خطط لطرد الفلسطينيين بحسب رؤيتهم لـ”إسرائيل الكبرى”.
وجاءت انتقادات أولمرت الحادة عقب رفض نتنياهو المقترح الدولي الأخير لوقف إطلاق النار، معلناً أن الحرب ستستمر حتى النصر الكامل. هذا فيما انتهت زيارة وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الخامسة للشرق الأوسط في فترة الأشهر الأربعة الماضية وسط تقارير تفيد بأن العلاقات بين الحكومة الإسرائيلية وواشنطن في أسوأ حالاتها منذ بدء الصراع.
وقال أولمرت لـ”اندبندنت” إن “إسرائيل تلقت دعماً كبيراً من الغرب من ريشي سوناك في بريطانيا، ومن أولاف شولتز في ألمانيا، وإيمانويل ماكرون في فرنسا، وبالطبع من جو بايدن، الذي أعرفه جيداً”. وأضاف “إنهم [الأميركيين] يواجهون معارضة لهذا الدعم من بعض الأطراف في الداخل. إلى متى سيتمكنون من مواصلة هذا الدعم إذا لم تفتح الحكومة الإسرائيلية هذه حتى مجالاً ضيقاً لما قد يصبح في نهاية المطاف اتفاق سلام ينهي هذه الحرب؟”.
وشغل أولمرت منصب نائب رئيس الوزراء، ثم رئيس الوزراء بالوكالة، ثم رئيس وزراء إسرائيل، بعد أن أمضى سنوات عديدة في حزب “الليكود” الذي يترأسه الآن نتنياهو. وكان أولمرت قد بدأ مسيرته السياسية كأحد الصقور الذين عارضوا إعادة الأراضي التي جرى الاستيلاء عليها في حرب الأيام الستة [نكسة 67] وصوتوا ضد اتفاقات كامب ديفيد للسلام، لكنه أصبح فيما بعد المهندس الرئيس للانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة واقترب من التوصل إلى اتفاق في شأن “حل الدولتين” مع رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس قبل أن تنهار المساعي في النهاية. ويقول إنه يجب أن يكون هناك وقف لإطلاق النار، يتبعه بذل لكل الجهود الممكنة لإنقاذ الرهائن الذين ما زالوا محتجزين. واعتبر أن الفشل في القيام بذلك ومواصلة الخيار العسكري غير المبرر أثناء بقاء الرهائن في الأسر، هو “أمر لا يغتفر على الإطلاق”، و”لن ينساه شعب إسرائيل أبداً”.
ووفقاً لأحدث تقديرات الاستخبارات الإسرائيلية، فإن 32 من بين أكثر من 130 رهينة ما زالوا محتجزين لدى “حماس” لقوا حتفهم بعد أربعة أشهر من القتال. وحتى الآن أكد الجيش الإسرائيلي أن 29 شخصاً لقوا حتفهم في الأسر.
وناشد الرهائن الذين أطلق سراحهم بموجب اتفاق في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، نتنياهو، التفاوض على وقف إطلاق النار وإعادة أحبائهم إلى وطنهم. وأعربوا خلال حديثهم في مؤتمر صحافي في تل أبيب عن خوفهم من أن يدفع الأسرى ثمن سعي رئيس الوزراء إلى “النتائج الحاسمة أو المطلقة”.
وقالت إحداهن، أدينا موشيه (72 سنة)، “أنا خائفة للغاية وقلقة للغاية من أنه إذا واصلتم هذا السعي إلى تدمير ’حماس‘، فلن يكون هناك أي رهائن للإفراج عنهم. كل شيء بين يديك”.
وأضافت شارون ألوني كونيو (34 سنة)، “لقد وصلنا إلى اللحظة الصعبة التي يجب أن تقرر فيها من يعيش ومن يموت… 136 رهينة ينتظرون الآن في الأنفاق، من دون أوكسجين، من دون طعام، من دون ماء، ومن دون أمل، ينتظرونك أن تنقذهم. الثمن باهظ ولا يطاق، لكن ثمن الإهمال سيظل وصمة عار على مدى أجيال”.
وقال أولمرت إن نتنياهو يحاول إضمار فشل حكومته في منع مذبحة “حماس” من خلال الاستمرار في العمل العسكري لتحقيق أهداف من الواضح أنها غير قابلة للتحقيق، لافتاً “ربما كان هجوم ’حماس‘ في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) أكبر هزيمة عسكرية في تاريخ دولة إسرائيل”. وأضاف “كانت لدينا مفاجأة مماثلة عام 1973 [حرب يوم الغفران/ تشرين]، لكن هذا الهجوم كان ضد الجنود، وليس المدنيين، وكانت النتيجة مختلفة تماماً عندما رد الجيش بسرعة وبقوة حينها”. وأكمل “هذه المرة تعرضت ثقة شعبنا، المدنيين، للخيانة. لقد تعرضوا للهجوم في منازلهم، ولساعات وساعات لم يكن هناك جيش لإنقاذهم. وكانت هذه هزيمة مدمرة لبلدنا”.
وتابع أولمرت “يحاول رئيس وزراء إسرائيل التخيل أن شيئاً من هذا لم يحدث. يتحدث عن تدمير ’حماس‘ وإزالتها من على وجه الأرض. وهذا أمر غير ممكن إنسانياً، ولا يمكن تحقيقه. من المستحيل تدمير منظمة إرهابية تختبئ تحت الأرض في أكثر المراكز الحضرية ازدحاماً في العالم، ويحيط بها المدنيون”.
قصف القوات الإسرائيلية المستمر لقطاع غزة أدى إلى نزوح مئات الآلاف
وحتى عندما تنتهي الحرب، يبدو أن نتنياهو مصمم على اتباع سياسات من شأنها أن تلحق أضراراً جسيمة بإسرائيل، وفقاً لما قاله أولمرت.
وتعهد رئيس الوزراء الإسرائيلي بقاء القوات الإسرائيلية في غزة. كما أنه مصمم، كما قال مراراً وتكراراً، على منع السلطة الفلسطينية من إدارة غزة. وفي الوقت نفسه، دعا أعضاء اليمين المتشدد في حكومته إلى إعادة التوطين في غزة وضم الضفة الغربية التي تديرها السلطة الفلسطينية.