حرية – (15/2/2024)
عرفت الجزيرة العربية الخمر منذ فجر التاريخ، وتشير إلى ذلك القصص التي وردت في العهد القديم بالكتاب المقدس، التي ذكرت أشجار الكروم أو العنب وشرب الخمر في قصص الأنبياء الذين سكنوا المنطقة قبل آلاف السنين.
وجاء في كتاب “رموز وطقوس: دراسات في الميثولوجيا القديمة” لجان صدقة، أن “شجرة الحياة والموت في التوراة كانت كرمة”، الأمر الذي تتفق معه بعض تفاسير القرآن، التي ذكرت أن الشجرة التي أكل منها آدم أبو البشر، هي الكرم أو العنب.
وأرجع صدقة السبب إلى أن الخمر هو “التعبير النباتي للخلود”، كما أن الخمر في الديانات القديمة هو رمز الشباب والحياة الدائمة، وكان يرمز إلى الحكمة في الكتب القديمة.
كما أن الإنجيل يروي معجزة تحويل المسيح الماء خمراً بعد نفاد الخمر المتاح، وذلك في عرس في بلدة قانا الجليل، التي تقع اليوم في لبنان.
ومن خلال صور أشجار الكروم التي نُقشت على آثار مملكة الأنباط التي شكلت القبائل العربية الأولى التي استوطنت شمال شبه الجزيرة العربية قبل ميلاد المسيح بأكثر من أربعة قرون، يتجلى مدى اهتمام العرب بهذه الشجرة المرتبطة بالشراب والخمور.
ويقول مصطفى أبو ضيف أحمد، في “دراسات في تاريخ العرب منذ ما قبل الإسلام إلى ظهور الأمويين”، أن الأنباط “كانوا مولعين بالشراب والخمور، وقد أظهروا براعة فائقة في حفر صور الكروم وعناقيدها على الألواح الحجرية”.
وقد تغنى العرب بالخمر في أشعارهم التي نُقلت إلينا قبل أكثر من 1400 عام، منذ ما يُعرف بالعصر الجاهلي. ويقول المؤرخ العراقي هادي العلوي إن الخمر كان “الشراب المفضل للجاهليين”.
وقد ارتبطت الخمر لدى العرب باللهو والكرم، وكانت تُدار كؤوسها في المجالس. وكان الأعشى وطرفة بن العبد من أشهر من تغنوا بالخمر في أشعارهم ، وجاء في كتاب العلوي “من قاموس التراث” أن قبر الأعشى كان مقصِداً للشباب، يشربون عنده الخمر ويصبون كؤوسهم عليه.
وقد أكثر الأعشى من وصف الخمر وذكر تفاصيلها، حتى يُنظر إليه على أنه “إمام” الأخطل بالعصر الأموي وأبي نواس بالعصر العباسي، اللذين اشتُهرا بقصائد تتناول الخمر وأوصافها، فيما أطلق عليها “الخمريات”.
ويقول الروائي والباحث اليمني علي المقري في كتابه “الخمر والنبيذ في الإسلام”، إن تجار بلاد الشام كانوا يجلبون الخمور الجيدة إلى تجار مكة ليضعوها على موائدهم العامرة.
وذكر المؤرخ الرقيق القيرواني الذي عاش في العصر الفاطمي، في كتابه “قطب السرور في أوصاف الأنبذة والخمور”، أن عرب شبه الجزيرة “عرفوا الكرمة وعصروا العنب بوادي اليمن وتهامة والطائف ويثرب ووادي القرى؛ فتناثرت الكروم وتعالى شجر النخيل وضجت في أرجاء الجزيرة أصوات المعاصر”.
ويعتقد العلماء أن أقدم معصرة للنبيذ في المنطقة كانت في شمال بلاد ما بين النهرين، ويعود تاريخها إلى أكثر من 2700 عام في ظل الدولة الآشورية التي شملت العراق.
ويقول المؤرخ العراقي جواد علي في كتابه “المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام”، أن الأديرة كانت من أكثر الأماكن التي يلجأ إليها الراغبون في الشراب “يطربون بشرب ما فيها من خمور ونبيذ معتق امتاز بصنعه الرهبان”.
وأضاف جواد علي أن المسيحيين واليهود ظلوا يشربون الخمر ويتاجرون بها في الجزيرة واليمن والعراق والشام.
ومن أشهر الأديرة لدى العرب، دير الشاعرة هند بنت النعمان بن المنذر، وكان في الكوفة وقال فيه أبو حيان:
يا دير هند لقد أصبحت لي أنساً * ولم تكنْ قطُ لي يا دير مئناسا
سُقْياً لظلك ظلاً كنتُ آلفُهُ * فيه أعاشرُ قِسيساً وشماسا
لا أعدمُ اللهوَ في أرجاء هيكلِه * ولا أردُ على الساقي بهِ الكاسا
“خمر المدينة من البُسر والتمر”
اصطُلح اليوم على أن الخمر هو كل أنواع الشراب المُسْكِر، إلا أن الخمر في اللغة العربية تطلق على ما أسكر من عصير العنب تحديداً، أما غيره فهو “النبيذ”، الذي يُنبذ أي يُترك حتى يفور ويُصبح مُسكِرا.
وجاء في فصل عن الخمور أو “الأشربة” للإمام أحمد ابن حنبل وهو أحد أئمة الفقه الأربعة لدى أهل السنة، وكان في العصر العباسي، أن الصحابي عمر بن الخطاب قال: “الأشربة تُصنع من خمسة: من الزبيب والتمر والعسل والحِنطة والشعير”.
وذكر علاء الدين الكاساني، أحد فقهاء المذهب الحنفي في عهد السلاجقة، أسماء الخمر، ومنها “السَكَر والفضيخ ونقيع الزبيب والطلاء والباذق والمنصف والمثلث والجمهوري، وقد يسمى أبو سقيا والخليطان والمِزر والجعة والبِتع”.
ويشرح الكاساني في كتابه “بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع”، أن الخمر هو ماء العنب، والسكر هو ماء الرُطَب من التمر، والفضيخ ماء البسر، وهو التمر الطري قبل أن يتحول إلى رُطب.
ويكمل بأن نقيع الزبيب هو ماء الزبيب إذا نُقع حتى زالت عنه حلاوته، و”الطلاء والباذق والمنصف والمثلث والجمهوري” فجميعها من ماء العنب المطبوخ بدرجات متفاوتة.
أما الخليطان فهو النبيذ المكون من المزج بين التمر والزبيب، أو بين البسر والرطب، والمِزر هو نبيذ الذرة، والجعة نبيذ الحنطة والشعير، والبتع نبيذ العسل.
وجاء فيما روي عن الصحابي أبي موسى الأشعري أنه قال “خمر المدينة من البُسر والتمر، وخمر أهل فارس من العنب، وخمر أهل اليمن البتع وهو من العسل، وخمر الحبش السُكْرُكة، وهو الأَرز”.
تجارة الخمور عند العرب
كانت مكة أكبر محطة تجارية داخل جزيرة العرب قبل الإسلام، لوقوعها في قلب أحد الطريقين التجاريين الكبيرين للجزيرة، وهو الطريق بين اليمن والشام، ولاتصالها بنجد والعراق والفرس عن طريق القوافل، كما أن ميناءها جدة يصلها بالبحر الأحمر.
وقال سعيد الأفغاني في كتابه أسواق العرب في الجاهلية والإسلام، إن “الخمر من أهم ما كان يتجر به العرب”، موضحاً أن هناك مدناً معينة اشتهرت في الجاهلية بخمرها “الطيب اللذيذ”.
وذكر الأفغاني من تلك المدن غزة وأذرعات وأندرين بالشام والحيرة بالعراق، ومدناً أخرى “تحمل خمرها قوافل العرب التجارية”.
وقد جاءت التجارة بالخمر في شعر امرؤ القيس بالعصر الجاهلي حين قال:
إذا ذقتُ فاها قلتُ طعم مُدامة * معُتَّقةٍ مما يجيء به التُّجْرُ
والتُجر جمع تاجر.
وقد عُرِف عن بعض مشاهير العرب التجارة في الخمر؛ حيث جاء في كتاب المحاسن والأضداد المنسوب للجاحظ، أن عقبة بن أبي المعيط، أحد زعماء قريش، كان خمّاراً.
كما جاء في صحيح البخاري أن أحد الصحابة باع خمراً في عصر الخليفة عمر بن الخطاب، قبل أن يردعه عن ذلك.
حظر الخمور قبل الإسلام وبعده
يقول الأفغاني في كتابه إن “حب الخمرة تغلغل في نفوس عامة العرب وغمرت بحوانيتها أسواقهم، وعكفوا عليها حتى ما يستطيعون لها تركاً”، مضيفاً أن الخمر كانت تُنقل من بُصرى وغزة من بلاد الشام إلى سوق مجنة قرب مكة.
وزاد الأفغاني بأن العرب من الرجال والنساء استطابوا خمور هاتين البلدتين، حتى أن “امرأة أرسلها زوجها إلى عكاظ بسمن ومعها راحلتان، فشربت الخمر بثمن السمن فاستطابتها، ثم باعت راحِلَتيها فشربت بثمنها، ثم رهنت ابن الرجل وشربت أيضاً”.
ومع ذلك، كان هناك في الجاهلية من حرم شرب الخمر على نفسه، ومن أبرزهم عبد المطلب بن هاشم جد النبي محمد، وورقة بن نوفل والذي عُرف بأنه من الحنفاء وكذلك الوليد بن المغيرة، وهو من أشراف قريش في الجاهلية.
وروي عن مقيس بن صبابة، وهو شاعر جاهلي أنه قال حين حرم الخمر على نفسه في الجاهلية:
رأيت الخمر طيبةً وفيها * خصالٌ كلها دنسٌ ذميمُ
فلا واللهِ أشربُها حياتي * طوالَ الدهرِ ما طَلَع النجومُ
ولم يُنقل عن النبي محمد ما يمنع شرب الخمور منذ بدء الدعوة في مكة طوال فترة مكوثه التي بلغت 13 عاماً، على الرغم من أنه لم يشربها طيلة حياته.
بل ولم يثبت أن الخمر حُرّمت قبل غزوة أحد في السنة الثالثة بعد هجرة النبي إلى المدينة، وهو ما قاله القرطبي وابن تيمية. وقد ورد في صحيح البخاري أن هناك من الصحابة من شرب الخمر قبل غزوة أحد “ثم قُتلوا شهداء”.
وهناك من الآراء من يقول إن الخمر حُرمت في الإسلام في السنة الرابعة، وقيل سنة ست، وقيل مع فتح مكة في السنة الثامنة من الهجرة النبوية.
ووفق ما نُقل عن فقهاء المسلمين، فقد تدرج حظر الخمر في الإسلام؛ من كراهته، إلى النهي عن الصلاة في حالة السُكر، إلى التحريم النهائي، حتى سالت في المدينة أنهار من الخمور التي ألقاها الصحابة امتثالاً للأمر الإلهي.
وجاء في “قطب السرور”، أن الحكم في الخمر يختلف عن النبيذ، ففي حين أكد الفقهاء المسلمون على تحريم الأول، إلا أنهم اختلفوا في حكم النبيذ، الذي روي عن بعض الصحابة والتابعين أنهم كانوا يشربونه.
وروى الفقيه ابن قدامة في كتابه “المغني” أن ابن حنبل سُئل عن شراب الطلاء، وهو ما طُبخ من العصير فتبخر ثلثاه أو أقل، فقال: “لا بأس له”، فجادله البعض بأنه قد يُسكر، فنفى ذلك مؤكداً أن الصحابي عمر بن الخطاب أحله.
وجاء في سُنن الدارقطني عن عمر بن الخطاب أنه قال “إني لأشرب هذا النبيذ الشديد يقطع ما في بطوننا من لحوم الإبل” أي ليهضمها. كما روى القيرواني أن سفيان الثوري، أحد أشهر التابعين، كان يشرب النبيذ.
وقد وافق بعض الفقهاء على استخدام الخمر للتداوي وعند الضرورة كإساغة الغصة والعطش الذي يتحقق معه الموت ما لم يشرب.
التداوي وتنقية ماء زمزم
استخدم العرب والمسلمون الخمر في التداوي، وقد تحدث الأطباء عن منافع شرب الخمر باعتدال ومضار الإفراط في شربه، ومن هؤلاء الطبيب الفيلسوف أبو بكر الرازي الذي تحدث عن أن الخمر تُمِد الجسم بالحرارة وتقيه السموم التي تؤثر على الدم، كلدغ الأفاعي والعقارب.
وأضاف الرازي أن الخمر له تأثير نفسي مفيد وأنه دواء للماليخوليا أو الاكتئاب، إذا استعمل كما ينبغي، بالإضافة إلى تأثيرات أخرى مادية ذكرها باستفاضة.
وفي الوقت ذاته، أوضح الرازي أن الإسراف في شرب الخمر “يضر بالدماغ والعصب”، ويتسبب في السكتة الدماغية والشلل والرعشة، إلى جانب الهذيان والوسواس، وغيرها من الأمراض.
وأوضح القيرواني في كتاب “قطب السرور” أن نبيذ الزبيب “يُسخن الكلى والمثانة ويُخرج منها الفضول والحجارة، ويُصلِح الصدر والرئة”، في إشارة إلى فائدته في التخلص من الحصوات في الكُلى وعلاج حساسية الصدر.
وأضاف القيرواني أن نبيذ العسل “ضارٌ بصاحب المزاج الحار، ويصلح للمشايخ والمبلغمين وهو أوفق الأنبذة للذين بهم ضعف العصب”، في إشارة إلى علاج البلغم وتحسين الصوت والأعصاب.
نقل القيرواني عن الطبيب العربي حنين بن إسحق عن أشجار الكروم أو العنب: “عددت ما فيها من الأدوية والأغذية لم أجد في سواها من سائر الشجر ما يشبهها”.
ويقول الباحث اليمني علي المقري في كتابه نقلاً عن المؤرخ العراقي هادي العلوي، إن الخمر استخدم في تصفيف الشعر؛ حيث كانوا يرطبون به الشعر ويمشطونه لتنعيمه والمحافظة على تصفيفه.
وجاء في كتاب هادي العلوي “من قاموس التراث” أن النبيذ استعمل في الجاهلية لتحلية مياه الآبار بإلقاء التمر أو الزبيب فيه، حتى أن “أهل مكة كانوا يُلطفون ماء زمزم بهذه الطريقة”.
في قصور الأمويين والعباسيين
على الرغم من تأكيد الفقهاء تحريم الخمر في الإسلام، إلا أن المؤرخين والقصائد العربية وثقت شرب الخلفاء المسلمين الخمر عبر العصور، منذ الخلافة الأموية وحتى الدولة العثمانية، باستثناء الفترة السابقة لذلك والتي سُميت بالخلافة الراشدة عقب وفاة النبي محمد.
وفي كتاب ” الخلافة الإسلامية” للكاتب والمفكر والقانوني المصري المستشار محمد سعيد العشماوي، قال إن العصر الأموي شهد انتشار شرب الخمر حتى في موسم الحج.
واشتهرت مجالس الشرب في مجالس الخلفاء الأمويين وعلى رأسهم يزيد بن معاوية، الذي نقل كتاب “نهاية الأرب في فنون الأدب” أنه لُقب بـ”يزيد الخمور”. بالإضافة إلى الخلفاء عبد الملك بن مروان وسليمان بن عبد الملك ويزيد بن عبد الملك، والوليد بن يزيد الذي روى أبو الفرج الأصفهاني في كتابه “الأغاني” أنه كان يسبح في بركة من الخمور.
ولا يختلف العصر العباسي عن سلفه الأموي، وكانت متداولة في قصور خلفاء ذلك العصر وعلى رأسهم المهدي والهادي والرشيد والأمين والمأمون والواثق والمتوكل، “حيث أصبحت القصور مغاني حافلة ومقاصف للهو وحانات للشرب وساحات للرقص”، كما نقل المقري عن كتاب “الخلافة الإسلامية”.
ولم يكن الأمر مقتصراً على الخلفاء، كما ذُكر في “قطب السرور”، بل شمل كذلك أخوات وبنات وزوجات الخلفاء بالإضافة إلى الجواري، بل والنساء من العامة.
وأضاف كتاب “الخلافة الإسلامية” أن شرب الخمر انتشر بين عامة الشعب، “فإذا ببغداد عاصمة الدولة العباسية تحفل بالمواخير وبيوت الدعارة”.
وجاء في كتاب “العصر العباسي من خلال كتابات الجاحظ” لمؤلفه محمد عويس، أن “المجوس واليهود والنصارى في المجتمع الإسلامي كانوا يقومون على بيع الخمور، وهذا ما كان يفضله المسلمون”.
وأضاف عويس أن الديارات “جمع دير”، كانت قائمة في الجزيرة واليمن والعراق والشام، وهي التي ساعدت على انتشار شرب الخمر بين العرب؛ لاحتواء بعضها على حانات لشرب الخمر.
وبلغ الأمر من انتشار الخمر في العصر العباسي أن جربوها على مختلف أنواع الحيوانات، كما ذكر الجاحظ في كتابه “الحيوان”، حتى أنهم سقوا الإبل والبقر والجواميس والخيل والأسد بل وحتى الأفاعي، ليروا مدى تأثيرها عليهم.
الدولة الفاطمية والأيوبية والمملكة العربية الحجازية
ويبدو أن إتاحة الخمر استمرت فيما بعد مروراً بالفاطميين أو العُبَيْديين، الذين حكموا مصر والشام والحجاز؛ وقد ذكرت بعض المراجع ومنها مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة” لابن القيم الجوزية، أن الحاكم بأمر الله كان يصدر أوامر متضاربة، “فقد أوجب القتل على من شرب الخمر، وأمر بغرس هذه الشجرة وأباح شرب الخمر”.
بيد أن ذلك تغير في العصر الأيوبي؛ حيث ورد أن صلاح الدين منع التجارة بالخمور وداهم أماكن شربها. وسار على دربه السلطان العادل الأيوبي الذي أصدر مرسوماً بمنع الخمور وكان يقيم الحد على شاربها، وفق ما أفاد به المؤرخ بدر الدين العيني في كتابه “السيف المُهنّد في سيرة الملك المؤيّد”.
واستمر الأمر كذلك في الدولة المملوكية وفق ما أورد مفيد الزيدي في موسوعة التاريخ الإسلامي.
وفي الخلافة العثمانية التي بسطت سيطرتها على الجزيرة العربية، ورد في المبحث الثاني من كتاب “الدولة العثمانية – عوامل النهوض وأسباب السقوط” للمؤرخ والمفكر الليبي علي الصلابي، أن السلطان مراد الثالث حفيد سليمان القانوني، “أمر بمنع شرب الخمور بعد ما شاعت بين الناس وأفرط فيها الجنود وخصوصاً الإنكشارية، فثار الإنكشاريون واضطروه لرفع أمره بالمنع”، ما يعني أن الخمر كانت مباحة فيما قبل ذلك.
وورد في جريدة “القِبلة” التي كانت تصدر في الحجاز، أنه في مارس/آذار عام 1917م، منع الشريف حسين، مؤسس المملكة العربية الحجازية، دخول الخمور إلى الأقطار الحجازية بموجب مرسوم عام، وهو ما يعني أيضاً أنها كانت متداولة قبل ذلك.
وأفاد الباحث في الذاكرة السعودية محمود عبد الغني صباغ فيما نقله عن الصحيفة أن الحكومة في ذلك الوقت اشترت من التجار الأجانب الموجودين في جدة كل ما لديهم من قوارير الخمر وكسرتها وأراقت محتوياتها في مياه البحر.
كما أقر حاكم المدينة، الأمير علي، شكل العقوبة على شارب الخمر بالأخذ إلى الجُندية والإرسال قسراً لتعمير سكة الحديد الحجازية من شمال تبوك إلى محطة معان.
وأخيراً وصولاً إلى الدولة السعودية، التي سمحت بفتح متجر للخمور في العاصمة الرياض تحت ضوابط محددة، بعد 72 عاماً من الحظر، حين أصدر الملك الراحل عبد العزيز آل سعود، مؤسس المملكة، حظراً على المشروبات الكحولية في البلاد في أوائل خمسينيات القرن الماضي.
وجاء ذلك بعد حادثة لأحد أبنائه، الذي أطلق النار على دبلوماسي بريطاني وهو مخمور، وبات الحظر قانون البلاد منذ ذلك الحين، مع وسائل محدودة لشرب الكحول.
وبموجب القانون السعودي الحالي، يمكن أن تشمل العقوبات على تناول أو حيازة الخمور الغرامات والسجن والجلد العلني والترحيل للأجانب غير المصرح لهم.