حرية – (26/2/2024)
أصبح “التزييف العميق وتقنيات الذكاء الاصطناعي، هاجس قلق حقيقي للكثير من السياسيين والمشاهير خشية عدم تمييز المتلقي بين الصور أو المشاهد التي يطلع عليها وما إذا كانت حقيقية أم مزيفة.
وما يعزز هذه المخاوف “التزييف العميق” الناتج عن الذكاء الاصطناعي الذي ينتشر بشكل متزايد، ما يجعل من الصعب التمييز بين ما هو حقيقي وما هو مزيف وبين ما هو حقيقي ومزيف، حيث يمكن انتحال صفة شخصيات معروفة للتلاعب بالرأي العام وربما تغيير الانتخابات.
إحياء الشخصيات وتستخدم تقنية التزييف العميق الذكاء الاصطناعي لإنشاء الصور الثابتة ومحتوى الفيديو والصوت ومعالجتها، ما يجعل من الممكن تبديل الوجوه بشكل مقنع، أو تركيب الكلام، أو تصنيع مقاطع الفيديو أو تغييرها.
وتعمل هذه التقنية على مزج البيانات من الصور ومقاطع الفيديو الحقيقية وتحريرها لإنتاج إبداعات تبدو واقعية وصوتية يصعب تمييزها عن المحتوى الأصلي، وعند استخدامها بشكل قانوني وجيد، تتيح تجارب تعليمية تفاعلية وغامرة لإحياء الشخصيات والمفاهيم التاريخية.
ومن خلال “التزييف العميق” أصبح بإمكان الناس التفاعل مع روبوتات الدردشة التي تعكس شخصيات تتراوح من ماركوس أوريليوس إلى مارتن لوثر كينغ أو جورج واشنطن وألبرت أينشتاين.
ومثل ذلك، يتضمن معرض فنسنت فان جوخ في متحف أورساي في باريس نسخة رقمية من الفنان تتيح للمشاهدين فرصة التفاعل مع شخصيته.
خلق شخصيات جديدة طورت شركة مغربية شخصية “كنزة ليلى” عبر الذكاء الاصطناعي، وسرعان ما حولتها إلى فرد من أفراد عائلة افتراضية مؤلفة من “كنزة” وشقيق وشقيقة هما مهدي وزينة، لتصبح أول عائلة مؤثرين بالذكاء الاصطناعي لصناعة المحتوى والتواصل مع البشر، وتتفاعل وكأنها واقعية.
وتظهر حسابات “كنزة” تفاعلًا كبيرًا عبر آلاف المتابعين، حيث ترد الفتاة الافتراضية على التعليقات والرسائل، وتظهر في صور ومقاطع فيديو بالأزياء المغربية التقليدية، ما أثار إعجاب رواد منصات التواصل الاجتماعي.
وتحاول الكثير من الشركات العالمة استخدام شخصيات رقمية لتسليط الضوء على قضايا مثل عدم الرضا عن الخيارات السياسية الحالية، والرغبة في الإصلاح، واستكشاف مفاهيم مستقبلية للحكم، ودفع المناقشات حول دور التكنولوجيا في المجتمع، وطبيعة الديمقراطية.
وهذا الاحتمال سيفتح نقاشا أخلاقيا آخر، على سبيل المثال، وسيثير تساؤلات عما إذا سيكون المرشح الرقمي مكروها أم سيحصل على الدعم، وماذا سيحصل لو حصل على غالبية أصوات الناخبين؟ التزييف السياسي العميق وبات عنصر التزييف العميق المدعوم بالذكاء الاصطناعي يثير مخاوف لدى الساسة، في حين إن هناك مخاوف من أن يؤدي إلى تقويض نزاهة الانتخابات بشكل خطير هذا العام، خاصة أن هناك انتخابات في أكثر من 50 دولة تضم نصف سكان العالم.
وظهرت قصص كثيرة حول استخدام الذكاء الاصطناعي لمثل هذه الأغراض، وأحد الأمثلة الحديثة هو عندما تم استنساخ صوت الرئيس الأمريكي جو بايدن واستخدامه في مكالمة آلية للناخبين في نيو هامبشاير.
وجاء في الصوت: “احتفظ بصوتك لانتخابات نوفمبر”، في إشارة إلى أن التصويت في الانتخابات التمهيدية سيمنع الناخبين من المشاركة في الانتخابات العامة لاحقًا. كما ظهرت سلسلة من الصور التي تم تداولها على منصة إكس يُزعم أنها تظهر الرئيس بايدن بالزي العسكري وهو على وشك إعطاء الإذن بضربات عسكرية.
في السياق ذاته، ومع اندلاع التوترات بين تكساس وحكومة الولايات المتحدة بشأن الحدود مع المكسيك، انتشر مقطع صوتي عبر “تيك توك” مدعيًا أنه للرئيس بايدن وهو يقول: “إذا كان علينا إرسال طائرات إف 15 إلى تكساس وشن حرب ضدها، فليكن”.
ولم تكن هذه هي الأمثلة الحديثة الوحيدة، فبعد فترة وجيزة من كشف أحد القضاة عن وثائق في قضية المتاجرين بالجنس مع الأطفال المدان جيفري إبستين، بدأ تداول صورة على موقع إكس قبل توزيعها على نطاق أوسع على منصات أخرى مختلفة، تظهر دونالد ترامب وإيبستين برفقة فتاة قاصر.
وبعيدًا عن الولايات المتحدة، قام عمران خان، رئيس الوزراء الباكستاني السابق، بحملة فعالة من السجن من خلال خطابات تم إنشاؤها باستخدام الذكاء الاصطناعي لاستنساخ صوته، حيث كان هذا فعّالًا، وكان أداء حزب خان جيدًا إلى حد مدهش في الانتخابات الأخيرة.
كما أنشأ حزب سياسي في إندونيسيا مقطع فيديو مزيفا بواسطة الذكاء الاصطناعي للرئيس السابق سوهارتو، الذي توفي في عام 2008، حيث يشجع سوهارتو الناس في الفيديو على التصويت لجنرال سابق كان جزءًا من نظامه المدعوم من الجيش. كذلك، أثّرت تقنية التزييف العميق بالفعل على الانتخابات الأخرى في جميع أنحاء العالم، ففي الانتخابات الأخيرة في سلوفاكيا، تم تداول تسجيلات صوتية أنشأها الذكاء الاصطناعي تنتحل شخصية مرشح ليبرالي يناقش خططًا لرفع أسعار المشروبات الكحولية وتزوير الانتخابات.
وخلال الانتخابات النيجيرية، أشار مقطع صوتي تم التلاعب به بواسطة الذكاء الاصطناعي بشكل خاطئ إلى تورط مرشح رئاسي في خطط للتلاعب بأوراق الاقتراع.
مكافحة التزييف العميق ويتفق عمالقة التكنولوجيا على مكافحة محتوى انتخابات الذكاء الاصطناعي المخادع الذي يهدد نزاهة الانتخابات الديمقراطية الكبرى في جميع أنحاء العالم هذا العام.
وقرر هؤلاء إنشاء أدوات مثل العلامات المائية وتطوير تقنيات لاكتشاف وتصنيف وفضح الصور والتسجيلات الصوتية للشخصيات العامة التي تم التلاعب بها بواسطة الذكاء الاصطناعي.
ويتضمن التعهد أيضًا التزامات بالانفتاح أكثر حول كيفية محاربة الشركات للمعلومات المضللة الناتجة عن الذكاء الاصطناعي على منصاتها.
كما قامت حملة الرئيس جو بايدن لعام 2024 بتجميع فريق عمل خاص لإعداد ردودها على الصور ومقاطع الفيديو المضللة التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، وصياغة ملفات المحكمة وإعداد نظريات قانونية جديدة يمكن نشرها لمواجهة جهود التضليل المحتملة التي حذر خبراء التكنولوجيا من أنها قد تعطل التصويت.