حرية – (27/2/2024)
المصريون يعرفون الودع والأصداف، حيث تستخدمها “الغجريات” اللاتي يزعمن معرفة الحظ، ويستطلعن المستقبل.. وكثيرا ما نسمعهن يرددن: “أشوف البخت واضرب الودع”.
لكن في حياة شعوب غرب إفريقيا، فإن للوَدع أهمية ورمزية، فعبر العصور تحوّلت مهمته من التجميل إلى الصحة ثم استعماله كعملة، ولاحقا لجلب الرزق والبركة وقراءة الطالع وفك السحر ودرء العين.
وكما تذكر “العربية.نت” فإن الصدف والقواقع البحرية الصغيرة التي نجدها على شاطئ البحر، تتغلغل في حياة سكان غرب إفريقيا وتدخل في العديد من الاستعمالات، ومنذ قديم الزمن كان سكان غرب إفريقيا يلتقطون هذه الرخويات البحرية على الشاطئ ويتناولون الكائن الرخوي الهش الموجود داخلها، ثم يحتفظون بالصدفة ليستعملوها لاحقا في أشياء مختلفة كل بلد حسب الاعتقادات التي نمت على مدى قرون حول هذه الصدف البحرية.
يجلب البركة والحظ
وتقول المعتقدات السائدة حول أهمية الودع في منطقة غرب إفريقيا أنه يجلب البركة والحظ لمن يحتفظ بها في جيبه، ومرد هذا الاعتقاد أن الودع كان يستخدم سابقا كوسيلة للدفع وكانت حيازته تشكل علامة مهمة على الثراء والقوة.
وقد ظهر الصدف في نقوشات وحفريات أثرية تحمل دلالات اقتصادية قوية مثل “العملة” و”المال” و”الشراء” و”القيمة”، مما يؤكد استعمالها كأداة للدفع والشراء حيث تم جلبها من المناطق الساحلية بواسطة البحارة المحليين لاستعمالها كعملة، وكانت قيمتها ترتفع في المناطق النائية البعيدة عن السواحل والأنهار.
كما كانت قوافل التجار تجد في استعمال الصدف كعملة وسيلة آمنة للدفع، واستفاد منه البرتغاليون والفرنسيون والإنجليز والهولنديون بسبب ميل بعض القبائل الإفريقية إلى التعامل بالأصداف كوسيلة لبيع منتجاتهم وشراء سلع أخرى.
شراء بقرة مقابل حفنة من الودع
وكانت للصدف في غرب إفريقيا قيمة اقتصادية واجتماعية جعلته من الأشياء الثمينة لدى شعوب المنطقة، فهو كمعيار اقتصادي كان يمكن شراء بقرة مقابل حفنة من الودع، وهذا مؤرخ في كتب التاريخ وفي المتاحف المخصصة للعملة.. وكان استخدامها كعملة من خليج غينيا إلى غانا ونيجيريا والكاميرون مرورا ببوركينا فاسو ومالي والنيجر.
استعمال الودع كعملة بدل المقايضة بالمنتجات الغذائية التي كانت سائدة سابقا، حظي بإعجاب وإقبال الأفارقة، بحكم أن السلع معرّضة للتلف ولا تتحمل ظروف الطقس والنقل فيما الصدف فهي صغيرة الحجم ويمكن حملها بسهولة ويكفي عدها أو وزنها لتحديد قيمتها.
كذلك كان الكهنة الروحانيون يستخدمونها لقراءة الطالع والتنبؤ بالمستقبل ومعرفة مصير الإنسان الغائب أو التائه في الصحراء، ولعلاج المرضى والتخلص من العقم.
زينة للنساء وتميمة للرجال
وكان الودع حاضرا خلال احتفالات القبائل الإفريقية كزينة للنساء وتميمة للرجال، ففي أعراسهم وحفلات النصر بعد الحروب تظهر قيمة الودع، وكيف أنه المفضل لرؤساء القبائل الذين يرتدونه حول أعناقهم ويزينون بها تيجانهم وسيوفهم كدليل على الثروة والرخاء.
وحتى اليوم تعترف بعض الشعوب بفضل هذه الصدف وقيمتها باعتبارها تملك طاقة قوية للغاية وتضمن العلاج ودرء العين الحاسدة، حيث نجدها تزين أعناق النساء ومعاصم الأطفال والرضع باعتبارها رمزًا للخصوبة، وتستعمل أيضا لدرء العين عن النشاط التجاري والمحاصيل الزراعية، كما أن البعض يستعملها كأداة لتغليب رأيه والسيطرة على الغير إيمانا منه بأن ارتداء الودع سيجعله يحظى بتقدير أكبر بين بعض الناس.