حرية – (4/3/2024)
كشف مسؤول استخباراتي سوداني رفيع أن إيران “ضغطت بلا جدوى” لمحاولة إقناع السودان بالسماح لها ببناء قاعدة بحرية دائمة على ساحل البحر الأحمر.
وفي مقابلة مع صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، قال أحمد حسن محمد، وهو مستشار شؤون المخابرات لقائد القوات المسلحة السودانية، إن “إيران زوّدت الجيش السوداني بمُسيّرات متفجرة، لاستخدامها في القتال” مع قوات الدعم السريع، كما “عرضت تقديم سفينة حربية حاملة مروحيات إذا منح السودان الإذن بإقامة القاعدة”.
وأضاف: “الإيرانيون قالوا إنهم يريدون استخدام القاعدة لجمع معلومات استخباراتية. أرادوا أيضاً نشر سفن حربية هناك”، لافتاً إلى أن الخرطوم رفضت الاقتراح الإيراني لتجنب “استعداء الولايات المتحدة”.
وأوضح أن “السودان اشترى مسيرات من إيران، لأننا كنا بحاجة إلى أسلحة أكثر دقة لتقليل الخسائر في الأرواح البشرية، واحترام القانون الإنساني الدولي”.
في المقابل، رفض متحدث باسم بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك الإدلاء بتعليق للصحيفة، التي أشارت إلى أن وجود قاعدة بحرية على البحر الأحمر، يسمح لطهران بتعزيز سيطرتها على أحد أكثر الممرات الملاحية ازدحاماً في العالم، حيث تساعد جماعة الحوثي في اليمن على شن هجمات على سفن تجارية.
ولفتت الصحيفة إلى أن السودان كانت تربطه علاقات وثيقة مع إيران في عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير، وبعد الإطاحة به في عام 2019، بدأ رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان تقارباً مع الولايات المتحدة، في محاولة لإنهاء العقوبات الدولية المفروضة على بلاده.
“مطامع إقليمية”
ويُسلط طلب إيران بناء قاعدة بحرية الضوء على كيفية سعي قوى إقليمية، لم تُسمها الصحيفة، “لاستغلال الحرب” المستمرة منذ 10 أشهر في السودان للحصول على موطئ قدم في البلاد، التي تعد مفترق طرق استراتيجي بين الشرق الأوسط وجنوب الصحراء الكبرى الإفريقية، ويمتد ساحلها على البحر الأحمر بطول 400 ميل (نحو 644 كم).
واندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، على نحو مفاجئ في منتصف أبريل من العام الماضي، وذلك بعد أسابيع من التوتر بين الطرفين، بينما كانت الأطراف العسكرية والمدنية تضع اللمسات النهائية على عملية سياسية مدعومة دولياً.
وأودت الحرب في السودان بحياة عشرات الآلاف، وأسفرت عن تداعيات كارثية على المستويين السياسي والاقتصادي، بالإضافة إلى دمار واسع في البنية التحتية، وتردي المنظومة الصحية، وتهديد الأمن الغذائي للملايين من المواطنين.
وتسببت المعارك بكارثة إنسانية، إذ يحتاج نحو 25 مليون شخص، أي ما يعادل أكثر من نصف السكان، إلى المساعدات، بينهم نحو 18 مليوناً يواجهون انعداماً حاداً للأمن الغذائي، وفق بيانات الأمم المتحدة.
واتهمت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن كلا من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بارتكاب ما وصفته بـ”جرائم حرب”. وتتهم الولايات المتحدة قوات الدعم السريع أيضاً بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية”، تشمل القتل والاغتصاب والتطهير العرقي في إقليم دارفور غرب السودان.
وانتقد مسؤولو الأمم المتحدة السودان بسبب القصف الجوي للأحياء المدنية وحرمان المدنيين السودانيين من المساعدات الإنسانية التي تمس حاجتهم إليها. كما اتهمت وكالات الأمم المتحدة قوات الدعم السريع بارتكاب “أعمال وحشية”، بما في ذلك هجمات ذات دوافع عرقية في دارفور.
ونفى الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع اتهامات الولايات المتحدة والأمم المتحدة.
وفي فبراير، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها بشأن شحنات أسلحة إيرانية مرسلة إلى الجيش السوداني، وقال سفير الولايات المتحدة لدى السودان جون جودفري، آنذاك، إن التقارير بشأن مساعدات إيرانية للخرطوم “مسألة مقلقة للغاية، ومصدر قلق بالغ بالنسبة لنا”.
وعينت وزارة الخارجية الأميركية، الاثنين الماضي، توم بيرييلو، عضو الكونجرس السابق، مبعوثاً أميركياً خاصاً للسودان.